كلمة التيار الوطني الديمقراطي في المؤتمر العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي ( وعد )
التي ألقاها د/ حسن العالي ( الأمين العام للتجمع القومي الديمقراطي )
اسمحوا لي، بدايةً، أن أتوجه بالتحية والتقدير للمؤتمر العام لرفاقنا في جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد"، رفاقنا في درب النضال الطويل المشترك الذي عمدته دماء الشهداء، والسنوات الطويلة في زنازين الاعتقال والسجن التي قضاها مناضلو القوى الوطنية، وكذلك سنوات المعاناة والنضال المشترك في سوح النضال كافة.
وفي مثل هذه المناسبة المهمة يطل علينا القائد الوطني المرحوم عبدالرحمن النعيمي مستذكرين دوره الكبير في نضال شعبنا وحركتنا الوطنية ضد الاستغلال والاستبداد ومن أجل الديمقراطية، كما لا بد أن نتوجه بتحية إكبار لرفيقنا العزيز إبراهيم شريف الأمين العام لجمعية وعد حيث يقف اليوم شامخا في صموده وشاهدا على تضحيات ونضالات هذه الجمعية الوطنية وشعبنا العزيز.
السادة الحضور
الرفيقات والرفاق
لقد انتهينا للتو من إعلان موقفنا المشترك، كتيار وطني ديمقراطي، وكقوى وطنية معارضة، من إعلان موقفنا من موضوع الانتخابات البرلمانية القادمة، بعد أن بدلنا كل الجهود الوطنية الممكنة لإخراج البلاد من أزمتها السياسية الراهنة عبر مختلف المبادرات الصادقة، حيث قوبلت جميعها بتعنت النظام ورفضه له, وإصراره على المضي في إجراء الانتخابات منفردا دون توافقات وطنية تخرج البحرين من أزمتها. وبذلك فأن الانتخابات البرلمانية المزمع إجراءها الشهر المقبل وعوضا أن تكون جزء من حل الأزمة الراهنة سوف تسهم في تكريسها وتعميق جراحها، ساعية للقفز حول مسبباتها وما نتج عنها من آلام ومآزق سياسية واجتماعية خطيرة. ولذلك نحن حذرنا وسوف نواصل التحذير من نهج حلول الأمر الواقع والحلول التجزئيية المنفردة التي تراكم أسباب الأزمات ونتائجها ونتائجه الوخيمة على مستقبل البلاد وأمنه واستقراره ووحدته الوطنية، خاصة في ظل استفحال مظاهر تردي الحياة المعيشية والتمييز والتجنيس والفساد وغيرها وسط تطورات إقليمية وعالمية خطيرة تهدد بانتشار العنف والإرهاب وتفكك الخرائط الجغرافية وطغيان النزاعات الطائفية والدينية.
السادة الحضور
الرفيقات والرفاق
وإذا انتقلنا لقضايا التيار الوطني الديمقراطي، الذي كلفت بالحديث باسمه أمام هذا الحضور الكريم، والذي تشكل جمعيتكم أحد أركانه الأساسية، تاريخاً وراهناً ومستقبلاً، فأنني أعبر بادئ دي بدء عن تمنياتي لمؤتمركم بالنجاح والموفقية في أعماله ومداولاته، وصولاً إلى قرارات تعزز من مكانة ودور جمعية وعد في الحياة السياسية في البحرين، وهو أمر سيكون بالنتيجة تعزيزاً لدور تيارنا الديمقراطي وللمعارضة الوطنية، ولمجمل الحراك السياسي في بلادنا، معبرين عن تقديرنا للدور الذي تضطلع به جمعيتكم المناضلة في سبيل الديمقراطية وما تتطلبه من شروطٍ للإصلاح السياسي والدستوري، وتصدٍ للفساد المالي والإداري وتلبية للمصالح الحيوية لجماهير الشعب.
الرفيقات والرفاق
لقد انبثق التيار الوطني الديمقراطي في قلب النضال الوطني ضد الاستعمار وأعوانه، ومن أجل الحرية والاستقلال الوطني والديمقراطية، وهو امتداد شرعي للتاريخ الكفاحي لشعبنا البحرين في المراحل السابقة، وفي ظروف اليوم يتمسك هذا التيار بهذه الهوية الكفاحية، مواصلاً النضال من أجل الحقوق السياسية والدستورية وبناء دولة القانون والمؤسسات وتقاسم السلطة والثروة، وفي سبيل حياة حرة كريمة للشعب وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومن أجل حماية المال العام وأملاك الدولة.
يتشكل هذا التيار من مجموعة من الجمعيات السياسية والشخصيات الوطنية المستقلة ومن مؤسسات المجتمع المدني الحديث، المهنية والنقابية والثقافية، وتجمع بين هذه المكونات المطالبة بالدولة المدنية القائمة والطابع الوطني الديمقراطي المعادي للاستعمار وللاستبداد والاستغلال بكافة أوجهه، والإيمان بحقوق المرأة ومساواتها مع الرجل في مجالات الحياة المختلفة وفي الشراكة السياسية والاجتماعية.
ويشكل هذا التيار امتداداً لإرث التنوير والفكر النهضوي في البحرين والوطن العربي، ولقيم التسامح والعيش المشترك لكافة مكونات المجتمع البحريني واحترام الحريات المدنية والشخصية، ونبذ كافة أشكال التعصب التي تتعارض مع ما بلغه مجتمعنا من تقدمٍ في الوعي.
ويعود تاريخ التيار الوطني الديمقراطي إلى بدايات تشكل الوعي الوطني والقومي والاجتماعي في النصف الأول من القرن العشرين خاصة مع انتشار التعليم وتشكل مواقع العمل الحديثة في قطاع النفط، مما سرّع عملية الانصهار الوطني وتشكّل الهوية الوطنية والعربية. وساهمت التطورات السياسية على الصعيد العربي في فترة التحرر من الاستعمار والانعطافة الوطنية السياسية الكبرى مع تشكل هيئة الاتحاد الوطني في منتصف الخمسينيات كأول حركة سياسية جمعت بين مكونات الشعب البحريني في نضال إصلاحي تحرري، ثم في الانتفاضة العمالية الوطنية في مارس وما 1965، في تعزز الوعي الوطني التحرري بديلاً للتحيزات الطائفية والقبلية والعرقية حيث انخرطت الجماهير بمكوناتها المختلفة في النضال السياسي التحرري والديمقراطي.
وقد ساهم التيار في النضال من أجل الديمقراطية وإعادة العمل بدستور البلاد الصادر عام 1973 كما ساهم مع غيره من التيارات المعارضة في النضال من أجل حقوق الإنسان وإنهاء كل أشكال التعذيب وعودة المنفيين لضحايا فترة حكم قانون أمن الدولة التي سادت ما يقارب الثلاثة عقود.
إن مجمل التطورات السياسية والاجتماعية الجارية في المجتمع البحريني، وكذلك على الصعيدين العربي والإقليمي تفرض ضرورة قيام تنسيق وتحالف بين التنظيمات الوطنية الديمقراطية، نظرا للكثير من القواسم المشتركة بين هذه التنظيمات، وكون هذا التحالف سيسهم في معالجة القصور في العمل السياسي والارتقاء به إلى مستويات أعلى وأنضج، والخروج من البيئة الطائفية الموبوءة.
ان الحوار المشترك الجاري بين كل من جمعية التجمع القومي والعمل الوطني الديمقراطي والمنبر التقدمي وكافة الشخصيات الوطنية يهدف لتذليل المعوقات التي تعترض بناء التيار الوطني الديمقراطي من خلال الحوار وتشجيع أوجه التعاون والتنسيق بين مناضلي هذه الجمعيات والشخصيات، ورغم بطء التقدم في هذا المجال، إلا أننا جميعاً مقتنعون انه لا غنى عن هذا الطريق كضرورة موضوعية يفرضها ليس فقط التاريخ المشترك وإنما استحقاقات الحاضر والمستقبل أيضاً.
إن تأطير التيار الوطني الديمقراطي القائم على رؤية وطنية موحدة, سيجعل منه قوة مؤثرة في العمل على تحقيق المطالب الإصلاحية السياسية المطلوبة، بل أن أمامه مهام عاجلة اليوم، حيث أننا نؤمن بأن سرعة التحامه سوف يسهم بفاعلية في إعادة اللحمة الوطنية ولجم المخاطر الطائفية التي تمثل أكبر تهديد للبحرين حاضرا ومستقبلا.
و يهمنا التأكيد على أن بناء هذه الكتلة الديمقراطية لا يعني إغفال أوجه التنسيق والتعاون مع الجمعيات السياسية الأخرى في المعارضة حول الملفات المشتركة، فطموحنا يظل أن تأتلف كل القوى المؤمنة بالإصلاح السياسي والديمقراطي من كافة الأطياف في عمل وطني واسع، يشمل كافة أوجه التعاون الوطني.
في الختام أكرر لكم جزيل الشكر وصادق التمنيات بنجاح مؤتمركم وخروجه بما تطمحون اليه من قرارات ونتائج بناءة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الدكتور حسن العالي عن التيار الوطني الديمقراطي في البحرين