بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفيد تقارير المخابرات الاميركية، ان الوضع في افغانستان دخل في مرحلة من التدهور السريع، وعدم قدرة حكومة كرزاي في القضاء على المقاومة بقيادة طالبان والقاعدة، بالاضافة الى الفساد المنتشر في حكومة حميد قرضاي، الى جانب تزايد عنف المقاتلين، الذين يشنون هجمات تتسم بالتعقيد والتطور، وهناك عمليات تهريب الهيروين، الذي يشكل خمسين بالمئة من الاقتصاد الافغاني.
ليس غريبا ان ينهار كرزايات اميركا وبشكل دراماتيكي، سواء في افغانستان او العراق، لانهم يقفون على ارض رخوة، لا يمكن ان يصمدوا عليها، حتى مع وجود قوات الاحتلال، فكيف اذا اصاب التعب من هذه القوات مقتلا؟، يدفع بالولايات المتحدة، البحث عن مخارج للهروب من الجحيم، الذي اوقعت نفسها فيه ببربرية وبمارسات وحشية، اعتمدت فيها القتل والتدمير والتشريد والنهب والسرقة، والعمل على تفيت بنية المجتمع، والغاء مظاهر الدولة، زادت من حماسة ابناء العراق وافغانستان في المشاركة في اعما ل المقاومة، التي مرغت كرامة اميركا في الوحل.
كرزاي افغانستان لا يكاد يعرف من البلاد التي نصبه الاميركان عليها رئيسا، اكثر من محيط دائرة قصره، حتى محيط هذا القصر يتعرض لهجمات المقاومة الافغانية، وكرزايات العراق من المالكي حتى الطالباني، لايجرأون على النزول لشوارع بغداد، او التجول في مدن العراق واريافه وبواديه، حتى بحماية القوات الاميركية، لان المقاومة العراقية الباسلة، تقصف باستمرار اوكارهم في المنطقة الغبراء في بغداد.
العراق وافغانستان كانا ينعمان بالامن قبل الغزو والاحتلال الاوروبي الاميركي، وجاء ت ادارة بوش لنشر الديمقراطية بالمدفع والدبابة والصاروخ، ومن خلال القتل والتدمير والتشريد والسجون والمعتقلات، وحرمان الناس من ابسط حقوقهم المدنية والسياسية، فهذه هي مواصفات ديمقراطية اميركا لشعوب العالم الثالث.
لم يتعظ الاميركان من تجارب الاستعمار السابقة، حيث لامكان لمستعمر في ارض الاخرين، الذين يأبون الا ان يكونوا احرارا، ويرفضون ان يكونوا عبيدا، لمتخلف فكريا وثقافيا، يريد ان يجعل من نفسه سيدا عليهم، وهو بلا تاريخ ولا حضارة، فكيف باميركا التي قامت على القتل والتدمير بايدي مجرمين، ونهضت على اكتاف سرقة عقول ابناء العالم الثالث.
كرازايات اميركا يعدون الساعات والايام التي تسبق سقوطهم، لان سيدهم قد فقد ارادة القتال ولا أمل له في القدرة على البقاء، وهو يرى نفسه تترنح امام ضربات ابطال المقاومة، وفي معيار الربح والخسارة الذي يتقنه، فان خسارته باتت مؤكدة، فلم يقاتل في معركة خاسرة؟، ولسواد عيون كرازايات تافهة، لم تستطع ان تحمي نفسها، لانها فاقدة القدرة على كسب المناصرين والمؤيدين لمشروعها الخياني، الذي ارتكبته في حق الوطن والمجتمع والدولة.
اميركا سقطت في امتحان ان تكون سيدة العالم وامبراطورية القرن الحادي والعشرين، فقد سقطت اخلاقيا قبل ان تسقط عسكريا في العراق وافغانستان، وقبل ان ينهار نظامها المالي ليوقعها في مأزق اقتصادي، فقدت من خلاله ان تكون رجل العالم الاقتصادي، وحامي حمى النظام الرأسمالي، لان الرأسمالية قد وهنت، ولم تعد نظاما اقتصاديا يجذب دول العالم، خاصة في معقلها في الولايات المتحدة واوروبا.
هناك اكثر من كرزاي في هذا العالم شبيه بكرزاي افغانستان وكرزايات العراق، و كما سقط الذين سبقوهم فانهم على الطريق، لان من لا يجعل من شعبه سندا له لن يفيده الاجنبي، حتى لو كان بحجم اميركا، ومن يخون وطنه وشعبه، لن يجد من يحميه من غضبة الشعب ولعنة الوطن، فالى اين سيذهب هؤلاء بعد ان تتحقق ارادة الشعوب المناضلة في سبيل حريتها، كما يجري على ارض افغانستان والعراق، وهل في مقدور اميركا ان تحمي عملاءها من كرزايات؟، وهي لم تعد قادرة على حماية جنودها ومرتزقتها في ساحات المواجهة.
ان منطقتنا العربية مليئة بالكرزايات، وقد ابتلييت الامة بهم، فلم يعد لهؤلاء صلة بابناء الوطن ولا بمصالح الشعب وقضايا الامة، وقد شاهدنا كيف يتسابق هؤلاء في مد يد العون للاحتلال الاميركي لانقاذه من ورطته في العراق، وكلهم غباء يظنون انهم يخدعون الامة، عندما يصفون ممارساتهم الخيانية هذه انها لمصلحة شعب العراق، وكأن العراقيين ينتظرون منهم ان يكونوا سفراء لبلادهم امام حكومة العملاء في المنطقة الخضراء، ويتجاهلوا نضالات العراقيين وبطولاتهم في المقاومة الباسلة، والتي كان حري بهم ان يعتبروها الممثل الشرعي لشعب العراق لا حكومة العملاء والخونة.
آجلا ام عاجلا فالسقوط مصير كل هذه الكرزايات، والتاريخ معلم جيد، في ان نهاية العملاء واحدة على ايدي ابناء الشعب، الذين يهبون للدفاع عن الارض والعرض والكرامة، ولم يسجل التاريخ أي نصر لمستعمر، ولا قدرة له على الصمود في مواجهة الابطال من الابناء المقاتلين، المدافعين عن حريتهم ومستقبل اطفالهم.
ان النصر قريب باذن الله في العراق وافغانستان، وان اميركا ستجر اذيال الهزيمة، وانا على يقين ان الاميركان سيتقوقعون في داخل بلادهم، لان تجاربهم العدوانية وحروبهم الخارجية، قد كلفت شعوبهم الكثير، وهم في غنى ان يقذف بمصالحهم مجانين معتوهين، كما فعل بوش وكما يفكر اليمين في الحزب الجمهوري، وان الدروس التي تعلموها من فيتنام، ستعود مرة اخرى من العراق وافغانستان، بحيث تزداد عقدهم من جراء الحروب العدوانية والاعتداءات الخارجية.