هاني الفردان
منذ أن وقَّعت وزارة العمل، والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، وغرفة تجارة وصناعة البحرين، اتفاقية ثلاثية بدعم ممثلي منظمة العمل الدولية في مطلع مارس/ آذار الماضي لإنهاء ملف المفصولين بشكل كامل مع حلول شهر أبريل/ نيسان وحتى الآن لم يُنهَ هذا الملف رغم تجاوز المدة المحددة في الاتفاق بأكثر من 50 يوماً.
بالطبع لا نقول بأنه لم يعُدْ أحد للعمل، وهذا سيكون مجافياً للحقيقة والواقع، وهناك أعداد ليست بسيطة تم إنهاء ملفهم، ولكن في الوقت ذاته هناك أعداد مقاربة أيضاً لم تُحَل قضاياهم، بل ربما تعقدت أكثر.
الحديث عن الأرقام، هو الصراع الحقيقي بين الحكومة والعمال، فقد هربت الحكومة في أكثر من تصريح لها عن ذكر الأرقام الحقيقية لعدد من تم تسوية ملفاتهم من المفصولين والعدد المتبقي، حتى خرجت علينا عبارة «قِلَّة».
وزير العمل في تصريح له أكد أن «أعداداً قليلة جداً من المفصولين لم يتم إرجاعهم لأعمالهم، وأن الوزارة تسعى لإنهاء هذا الملف».
بالطبع كلمة «قليلة» أو «قِلَّة» مفردة مطَّاطة جداً، لا يمكن من خلالها تلمس حجم المشكلة المتبقية، فالقِلَّة قد يتجاوز عددها الألف مفصول حتى الآن، وتبقى في نظر الحكومة قِلَّة.
اعتصام يوم الأربعاء الماضي، وأعداد المفصولين الذين تجمعوا فيه قد يكونون في نظر الحكومة «قِلَّة»، إلا أنها في الوقت ذاته مشكلة قائمة لم تحسم بعد، بل تزداد تعقيداً كلما مر الوقت عليها.
حضر الاعتصام الأربعاء عدد من موقوفي ومفصولي هيئة شئون الإعلام، إذ ذكروا أن هناك قائمة تضم زهاء 45 اسماً بين موقوف ومفصول لم يتم إرجاعهم حتى الآن. فيما كان لمفصولي شركة (أسري) حضور أيضاً، وشركة الخليج لدرفلة الألمنيوم (جارمكو)، وشركة ألمنيوم البحرين (ألبا)، كما حضر الاعتصام عدد من أعضاء الكادر الطبي، وهناك غيرهم من مختلف الشركات الكبرى والمتوسطة والصغرى فضلاً عن المفصولين في القطاع العام.
وبالتالي فإن تعبير «قِلَّة» في ملف كملف المفصولين، لا يعكس الحقيقة أبداً، مع الأخذ في الاعتبار أن بقاء مفصول واحد لم يعد لعمله هو بذات حجم الملف في ذروته، فكل فرد له الحق الكامل في العودة لعمله عزيزاً كريماً، مع ضمان كامل حقوقه بما فيها مقاضاة المتسببين في فصله.
التجربة طوال الأشهر الماضية أثبتت أن مسألة اللعب بالوقت في هذا الملف ليس من صالح الحكومة أبداً، إذ إن القضية أخذت أبعاداً دولية متشعبة، كما أن الوقت يزيد من تعقيدات الحل، ولا يهبط من عزيمة المفصولين لكي يتراجعوا أو ييأسوا من المطالبة بحقوقهم.
لعبة الكلمات التي تتفنن فيها الجهات الرسمية، أصبحت مكشوفة لدرجة أنها أصبحت غير مستساغة بل مفضوحة في الكثير من الأوقات.
كل ما نأمله أن تفي السلطة بتعهداتها التي وقعت عليها في الاتفاق الثلاثي، وأمام منظمة العمل الدولية في إنهاء ملف المفصولين بشكل كامل وحقيقي، ودون المس بأي حق من حقوق المفصولين.