في 13 نوفمبر 2012 توصلت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي إلى صيغة جديدة للاتفاقية الأمنية فيما بينها، بعد أن تم مرارا رفض مشاريع مماثلة لهذه الاتفاقية منذ تسعينات القرن الماضي من قبل كل القوى التقدمية والوطنية في منطقة الخليج.
ورغم بعض التعديلات فإن النسخة الأخيرة من الاتفاقية ببنودها العشرين تبقى كسابقاتها مستهدفة لأبناء دول المجلس كقوى سياسية ومؤسسات مجتمع مدني وأفراد. وقد أحدثت استنفارا لدى شعوب المنطقة تجلى بشكل رئيسي في دولة الكويت الشقيقة، وهي البلد الخليجي الذي يتمتع شعبها بأوسع هامش من الحريات الديمقراطية النسبية.
وقد أعرب غالبية نواب مجلس الأمة الكويتي رفضهم للاتفاقية وعزمهم على عدم تمريرها في المجلس مدعومين من قبل الراي العام الكويتي في رد فعل فطري لحماية المكتسبات الديمقراطية التي حققها الشعب بفضل نضالاته عبر السنين.
وإذا كانت شعوب المنطقة ترحب بأية خطوات توحيدية بين بلدانها فإنها تتطلع للأخذ بأفضل، وليس أسوأ، ما هو موجود في كل من بلدانها والارتقاء به إلى المستويات العالمية، فإن هذه الاتفاقية تفعل العكس، بالأخذ بأكثر النظم تخلفا وتعميمها على سائر دول المجلس.
أما في البحرين فقد أقدم أعضاء مجلسي النواب والشورى منذ يونية 2013 في غفلة عن الرأي العام المحلي والخليجي على تمرير هذه الاتفاقية معبرين عن توجه صريح للانقضاض على المكتسبات الدستورية التي حققها شعبنا وتهديد أمن المواطن البحريني ليس على أرضه فحسب، بل وفي كامل الرقعة الجغرافية الخليجية.
وبذلك تكون قد اقترفت جرما تاريخيا بحق شعبنا وشعوب بلدان مجلس التعاون الخليجي كافة. وفي الشهر ذاته أدانت القوى التقدمية والديمقراطية في كل من الكويت والبحرين بشكل مشترك هذه الاتفاقية وحذرت من محاولات سلطات البلدين للإسراع في إنجاز إجراءات التصديق عليها. وإذ ترى قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية في البحرين في ذلك انتهاكا صارخا لسنة التطور وخضوعا لإملاءات قوى النفوذ الأكثر رجعية، وحيث أن هذه الاتفاقية تأتي في تناقض مباشر مع تلك المواد الدستورية التي تضمن الحريات العامة والخاصة، فإننا ندعو كافة القوى الخيرة والشخصيات الوطنية في البحرين إلى رفض هذه الاتفاقية والدعوة إلى إعادة النظر فيها والتخلي عنها رسميا والتعبير عن ذلك بمختلف الوسائل الشرعية المتاحة.
إننا ، كحال أشقائنا من قوى وطنية في بلدان مجلس التعاون نرفض كل اتجاهات تعميم القمع وتكميم الأفواه والتضييق على الحريات ونؤمن بالروابط العضوية التاريخية بين شعوب المجلس وننشد التعاون والوحدة النابعتين من إرادة الشعوب والمبنية على مشاركة شعبية ديمقراطية، حيث تكون السلطة للشعب مصدر السلطات، وحيث يتحقق الانتقال إلى دولة مدنية يحكمها القانون والمؤسسات الديمقراطية ومبدأ المواطنة المتساوية.
فبذلك فقط نضع منطقتنا على طريق التطور الديمقراطي الحق والتنمية الشاملة التي تدفع بها إلى دخول القرن الحادي والعشرين والارتقاء إلى مصاف الديمقراطيات العريقة واللحاق بركب الحضارة البشرية. إن هناك مجالات أجدى وأرحب للتعاون من أجل التقدم، وإننا لندعو شعبنا وأشقاءنا في الخليج لتشديد النضال معا من أجل تحقيقها. المنامة،
. المنامة، 22 فبراير/ شباط 2014 م.