هاني الفردان
انطلقت قناة «العرب» الإخبارية في الساعة الرابعة عصراً من يوم الأحد (1 فبراير/ شباط 2015) وفي نشرتها الإخبارية الأولى استضافت لوقت بسيط جداً المساعد السياسي للأمين العام لجمعية الوفاق خليل المرزوق للحديث عن قرار السلطة إسقاط جنسية 72 مواطناً بينهم 50 معارضاً.
لم تتمكّن القناة الجديدة التي يمتلكها الأمير الملياردير الوليد بن طلال من الاستمرار في البث لمدة 24 ساعة حتى توقفت بشكل «مفاجئ» صباح الاثنين (2 فبراير)، فيما أعلنت صحيفة محلية أن السبب «عدم التزام المحطة بالأعراف السائدة في دول الخليج»، ودون الإفصاح عن تلك الأعراف الجديدة في عالم حرية الإعلام والتعبير، خصوصاً أن القانون البحريني لا ينص على تلك «الأعراف» ولم يعدّدها، ولا أعتقد أن دولة خليجية لديها نص قانوني يتحدث عن تلك الأعراف الخليجية للإعلام.
وكالات الأنباء والرأي العام المحلي والإقليمي ربط بين توقف بث القناة «المفاجئ» ولقائها مع القيادي بجمعية الوفاق خليل المرزوق، حتى نشرت القناة تعليقاً عبر شريطها الإخباري، قالت فيه إن التوقف «جاء لأسباب فنية وإدارية»، وإن القناة ستعود قريباً.
الواضح أن حملة إعلامية موجهة ومقصودة استخدمت فيها صحف محلية وكتاب لمهاجمة القناة والطعن حتى في «عروبتها»! وذلك فقط نتيجة استضافة رأي معارض بحريني تحدّث في قضية تثير جدلاً بحرينياً وفق منظور تعدد الآراء وتنوعها.
الغريب أن الجهات الرسمية المعنية أكّدت مراراً وتكراراً من قبل تنفيذها لتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق المتعلقة بالجانب الإعلامي والسماح للمعارضة بالظهور على وسائل الإعلام الرسمية. فإذا كانت السلطة تؤكد تنفيذها توصيات بسيوني المتعلقة بالجانب الإعلامي، فلماذا توقف بث قناة «العرب» بعد أقل من 24 ساعة من انطلاقها ولقائها قيادياً في المعارضة!
للتاريخ، فقد نص تقرير بسيوني الذي تعهدت الحكومة بتطبيقه في التوصية (1724 – الفقرة أ) على «النظر في تخفيف الرقابة على وسائل الإعلام والسماح للمعارضة باستخدام أكبر للبث التلفزيوني والإذاعي والإعلام المقروء»، مؤكدة أن «استمرار رفض منح صوت مسموع بصورة كافية لمجموعات المعارضة في الإعلام الوطني يحمل في طياته مخاطر تقود إلى زيادة الاستقطاب والانقسام السياسي والإثني».
وفي ردها على هذه التوصية، أفادت اللجنة الوطنية المعنية بمتابعة توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق والتي شكلت بأمر ملكي، بقبول الإجراءات التي قالت الحكومة إنها ستقوم بها لتنفيذ التوصية المذكورة، ومن ضمنها «تكليف هيئة شئون الإعلام وضع استراتيجية إعلامية وطنية عامة تقوم على تعزيز القيم الوطنية المشتركة والدعوة إلى الالتقاء في كل ما يصب في مصلحة الوطن ورقيِّه».
وأكدت كذلك «تبني سياسة إعلامية عادلة مهنية ومتوازنة تجاه المعارضة، وذلك من خلال قيام وسائل الإعلام بتبني وجهات النظر التي تتعلق بتسريع الإصلاح على المستويات التشريعية والتنفيذية، وتحقيق المزيد من المطالب المعيشية للمواطنين، على أن تطرح البرامج للمؤسسات الإعلامية الرسمية لكسب ثقة المواطنين. ولا يمكن أن يتم ذلك من دون إفساح المجال لجميع القوى السياسية والمجتمعية التي تشكِّل المجتمع البحريني للظهور في الإعلام المحلي الرسمي».
ودعت بالإضافة إلى ذلك، إلى السعي نحو «تشخيص ومعالجة أي تقصير من الدولة تجاه المواطنين عبر البرامج التلفزيونية والإذاعية، وتغطية الندوات والفعاليات التي تقيمها الجمعيات السياسية، وإبراز مضامينها في وسائل الإعلام مع طرحها للمناقشة بموضوعية، الأمر الذي سيحمل جميع الأطراف مسئولية الطرح، على أن يكون ذلك في نطاق مواد الدستور والأنظمة المعمول بها في البحرين».
قوى المعارضة كانت تجدّد تأكيدها دائماً على أن الحكومة لم تنفذ هذه التوصية مطلقاً على رغم ما تعلنه بخصوص ذلك، وتشير إلى استمرار الرقابة على وسائل الإعلام الإلكترونية والمطبوعة والمرئية، وأنه لا دليل على أن أصوات المعارضة سُمح لها بالظهور في وسائل الإعلام الوطني.
يقودنا الحديث عن تقرير بسيوني للواقع الإعلامي المحلي الحالي، وما قيل من أن «هيئة شئون الإعلام ستقدم كافة أنواع الدعم الفني والإداري لقناة العرب التي تتخذ من المنامة مقرّاً لها، والتعاون مع إدارة القناة لاستئناف بثها والانتهاء من الإجراءات اللازمة في أقرب فرصة ممكنة». فكيف سمح للقناة بالبث المباشر، رغم عدم استكمال الإجراءات «اللازمة»؟ وما هي تلك الإجراءات؟ ولماذا يخشى الإفصاح عنها في ظل تكتم الطرفين على أسباب وقف بث القناة؟