نقلت وكالة أنباء البحرين (بنا) أمس أن نائب رئيس الوزراء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة وَجَّهَ «بالانتهاء من قضايا المفصولين في القطاعين العام والخاص على إثر الأحداث المؤسفة الأخيرة، تنفيذاً لتوجيهات عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة والأمر الصادر من رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة».
وقالت «بنا» إن سموه وَجَّهَ «بعقد اجتماع برئاسة وزير العمل رئيس اللجنة المكلفة بالنظر في قضايا المفصولين من جميع الشركات التي قامت بالفصل ممن انتهت اللجنة المكلفة بالنظر في قضاياهم والتوصية بإرجاعهم ورفع تقرير حول مدى تعاون الشركات في تنفيذ التوجيهات خلال أسبوعين».
الخبر جميل، ولكن الفئات المتضررة من فصلهم (أو توقيفهم) من أعمالهم وقطع أرزاقهم في القطاعين العام والخاص بدأوا يقرأون الأخبار بالمقلوب. فبحسب إحصائية الاتحاد العام للنقابات – حتى 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2011 – فإن مجموع المفصولين والموقوفين في القطاعين العام والخاص يبلغ 2797 (مجموع أفراد عوائل المتضررين يبلغ 13685)، والمجموع الكلي للموقوفين والمفصولين في «القطاع العام» فقط يبلغ 595 (وعدد أفراد أسر هؤلاء يبلغ 3865). هذا ما وصل إلى علم النقابات، أما الذين لم يكترثوا بتسجيل أسمائهم ليأسهم من الوضع فهو عدد آخر يجب أن يضاف إلى الأرقام المذكورة.
هناك من يتلاعب بالألفاظ، ويقولون، مثلاً، إن الموقوفين ليسوا مفصولين، وهناك الذين تتم معاقبتهم بأصناف من الممارسات الانتقامية ويتم إخراجهم من إحصاءات المفصولين. ولعل أن من يمارس عملية الانتقام لا يعترف بوجود بشر معه في البحرين، وهذا البعض اغتنَمَ الفرصة للفوز بـ «المغانم» بصورة لا تليق بمن يدعي الانتماء للقرن الحادي والعشرين، ولا تليق بأي شخص أو جهة تدعي انتماءها للدين الإسلامي.
أعتقد بأن الذين يتم الانتقام منهم بهذه الطريقة غير الإنسانية سيشكلون المعارضة الأقوى في تاريخ البحرين، وهذه المعارضة تسبب فيها أولئك الذين يمارسون عمليات الانتقام ويلتذذون بالمغانم حالياً، وهؤلاء لا يأبهون بأي قرار يصدر من أي جهة كانت، محلية أو دولية، وهم مارسوا، ويمارسون، الانتقام عبر الوشاية وعبر تشكيل محاكم تفتيش كانت تتواجد في القرون الوسطى.
إن حملات الانتقام تقوم على ثقافة غير إنسانية، وتعتمد على غرور وغطرسة غير مسبوقة، وقاطعو أرزاق الناس يعتقدون بأنهم «طاروا بأرزاق غيرهم»، سوى أنهم بهذا الأمر لا يتحدّون توجيهات رسمية، وإنما يتحدّون رب العالمين، فالله هو الخالق وهو الرازق.
حالياً نسمع آهات من استهدفوا في أرزاقهم، ولكن هذه الآهات إنما هي صفارات إنذار، نأمل أن يسمعها الجميع وينتبه إلى خطورتها ويسارع لاتخاذ ما يلزم، قبل استفحال الوضع أكثر، وبعدها لا ينفع الندم
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3335 – الثلثاء 25 أكتوبر 2011م الموافق 27 ذي القعدة 1432هـ