يعقوب سيادي
حين الحديث عن مجلس النواب المنتخب بالتجزيء المناطقي، المتحكمة في نتائج انتخاباته السلطة التي جعلت بنص دستوري لم يصدر عن جمعية تأسيسية منتخبة شعبياً، تصويت أفراد الأجهزة الأمنية، أداة بيد قادة هذه الأجهزة، من حيث السماح لهم أو المنع عليهم حقهم الانتخابي؛ والتي رسمت أيضاً الدوائر الانتخابية بما جعل صوت مواطن هنا يعادل أصوات ألف هناك؛ وبنتيجة انتخابات مسبقة النتيجة، لنائب موالٍ للسلطة يفوز بحوزه مئة صوت انتخابي، يماثله في قوة الإنابة نائب من المعارضة، يفوز بحوزه عشرة آلاف صوت، ما يجعل أيدي المعارضين السياسيين مغلولة، عبر تجاوزات الحكومة تعاوناً مع نواب الموالاة الحكوميين، بتجاوزات معاهدات حقوق الإنسان في جانبيها المدني والسياسي، وتراخي السلطات إزاء داعميها وتوفيرها لهم الحماية والإفراط من العقاب، وتهميش دور المعارضة غير ذات الغلبة النيابية، في مجلس النواب، وطبعاً المغيبة عن مجلس الشورى، بما يسقط في يد المعارضة أن وجودها في هكذا بناء للسلطة التشريعية، ما هو إلا ديكور ومادة للعلاقات العامة لتجميل صورة السلطة، وإضفاء الشرعية على الانتهاكات لقوانين حقوق الإنسان، والقوانين الأخرى المحلية والدولية، وبما ينال غالبية الشعب بالأذى.
والنواب أشداء على الكفار المواطنين، المطالبين بحقوقهم من وراء العجز النيابي، وخصوصاً المختلفين وإياهم في الملة المذهبية والذمة المالية، رحماء فيما بينهم وبين السلطات، مصدر الرضا والمجازاة، فلم يعد لهم شأن بالقوانين الحقوقية المحلية والأممية، كقانون الإجراءات الجنائية، ولا حقوق السجناء، ولا حقوق الإنسان، من حيث التجاوزات. فقد أودعوا سرهم وضمائرهم في جيب السلطة، ولم يخجلوا حين الخنوع بطلب عقد اجتماع غير اعتيادي للمجلس الوطني، ليطلبوا سن مراسيم، خلال إجازتهم النيابية بتشديد عقوبات قانون تدابير حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، وبسحب جنسيات من مواطنين، وذلك بتجاوزات دستورية، بما يلغي واجبهم في إقرار هذه المراسيم تجاه ناخبيهم وبالإهمال.
ومؤخراً، ضاقت صدورهم، نتيجةً وارتهاناً لضيق صدر السلطات، بالنائب أسامة التميمي، حين تداخل في المجلس النيابي رفضاً للتضييق والإعتداء بالضرب، على المعتقلين والمحكومين السياسيين في سجن جو المركزي، بما أدى إلى إعيائهم وإغماءاتهم، ومطالبته بالتحقيق النيابي في الحادثة، ولا يختلف اثنان على عدم دستورية وعدم قانونية تلك الممارسات لإدارة السجن في حال ثبت اقترافها، وردّاً على رئيس المجلس الذي كان يردّد طوال مداخلة النائب، مفردة «الله الله»، إكباراً لذنبٍ يفترض أن النائب اقترفه حين تجرأ على السلطات بطرح الموضوع من على منصة المجلس النيابي، ما جعل النائب يذكّر الرئيس بيوم الحساب، (ومَن هناك مَن يفرط من يوم الحساب؟)، فتطوّع النواب خدمةً للسلطات بما لا تستطيعه، في العمل على إسقاط عضوية النائب، عبر جمع التواقيع على الطلب، المستند على مادتين في اللائحة الداخلية مختصتين بتنفيذ المادة الدستورية رقم 99 التي تعالج في فقرتها الأولى سقوط عضوية النائب في حال ظهرت عليه حالة من حالات فقدان الأهلية، بمعنى ما يعجزه عن أداء مهامه التشريعية الطبيعية، بفقدان الذاكرة لا قدّر الله أو العجز الذهني أو الجسدي الكامل، وهي حالة واجبة لسقوط العضوية؛ أما الفقرة الثانية فتجيز إسقاط العضوية إذا فقد الثقة والاعتبار (بتكرار الكذب والخداع وعدم الوفاء بالعهود المكتوبة مثلاً)، أو أخلّ بواجبات العضوية ( بالغياب المتكرّر بما يفيد الإهمال وعدم الاعتبار لجلسات المجلس مثلاً، أو استخدام الكلمات السوقية والنابية بمثل ما فعلت في حق النائب التميمي نائبة قبلاً).
لا شيء في أداء النائب التميمي، يستدعي ما ذهب إليه النواب لإسقاط عضويته، لا بسبب الفقرة الأولى ولا الثانية من المادة، بما يعزّز الشك في دوافع النواب التي احتوتها المادة التسجيلية لوقائع الجلسة فيما يخصّ مداولات النائب مع أربعة من النواب قبل رده على الرئيس، وقد اختفت تلك الجزئية من تسجيلات الجلسة بحجة انقطاع البث الخاص بها، وهو أمر غير مقبول عقلاً ويوحي بالعقلية التآمرية للنواب، التي يصر النائب التميمي على كشفها من خلال عرض الجزئية التسجيلية الخاصة بها، حيث أن ملابسات محتواها الخاص يوحي بتدبيرٍ مقصودٍ لإخفائها.
فهل سنرى اعتذاراً رسمياً من الموقعين على إسقاط عضوية النائب التميمي نتيجة سوء استغلالهم أو فهمهم للمادة الدستورية؟
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4260 – الأربعاء 07 مايو 2014م الموافق 08 رجب 1435هـ