قاسم حسين
صرخة النذير التي أطلقتها «الوسط» في مقالاتها خلال الأسبوعين الماضيين، في التحذير من إقحام الجاليات في الشأن السياسي الداخلي، تردّد صداها محلياً وخارجياً.
على المستوى المحلي، تنبه الكثيرون إلى خطورة هذه الدعوة التي ستترتب عليها الكثير من التبعات والأكلاف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث سيجري تحويل الوافدين إلى رقم صعب في المعادلة، وخصوصاً حينما تبرز سيدة اسكتلندية لتنصب نفسها ناطقاً باسم الجاليات، من دون أن يرشحها أحد، ضمن أجندة سياسية مشبوهة.
السيدة ليست من ذوات الكفاءات العلمية أو الأكاديمية، ولا الخبرات النقابية أو السياسية، بل تندرج في فصيلة «المتسلقين». حتى على مستوى ما يُعرف في الإنجليزية بالـ «common sense»، ليس من اللباقة أن تختار في حفل استقبال، إلقاء قصيدةٍ لشاعرٍ شعبي يتحدّث عن سيدة اسكتلندية قبل مئتي عام، كانت تجلس أمامه في الكنيسة، ولفت نظره سريان القمل في شعرها وتسلقه إلى قبعتها، فسجّل في قصيدته تفاصيل هذه الواقعة التي هزته من الأعماق!
السيدة التي بدأت تكتب مقالات وتُنشر لها مقابلات في بعض الصحف المحلية، وتُعامل كواحدةٍ من بنات الطبقة المخملية، لم تهتدِ إلى كنوز الشعر الإنجليزي لتلقيه في المحافل العامة، مثل قصائد وليام شكسبير، وت. س. إليوت، و… ولم يلفت نظرها أو تلامس أوتار مشاعرها إلا قصيدة «أم القمل والصيبان». وبمثل هذه النماذج يُراد قيادة كتلة بشرية أجنبية من مختلف الجنسيات، لإقحامها في الشأن السياسي البحريني لتزيده تعقيداً وتأزماً.
بعض البحرينيين الغياري، الذين هزهم ما كتبناه من تحذير في مقال سابق، أكّد أن المدعوة بادرت إلى الاتصال بوزارات الدولة لدعوتها للمشاركة في احتفال بأحد الملاعب الرياضية، وزعمت أن أحد القيادات السياسية سيشرف الحفل، ما شجّع سبع وزارات فقط على المشاركة بسبب ضيق الوقت، ولكن الضيف لم يحضر، وحين اتصل المشاركون بالجهات المعنية نفت علم المسئول الكبير بالدعوة من الأساس. وقد اشترطت «زعيمة الجاليات» على كل وزارةٍ دفع مبلغ 5 آلاف دينار عن كل (stand)، وهي معلوماتٌ يجب أن تحقق فيها وزارة التنمية الاجتماعية لملاحقة مثل هذه الأنشطة المشبوهة الأقرب إلى أنشطة الاحتيال وغسيل الأموال.
هذا على المستوى المحلي، أما على المستوى الإقليمي، فقد تردد صدى تحركات «زعيمة الجاليات» في أكبر ملتقى خليجي للأكاديميين، وهو اللقاء السنوي الرابع والثلاثون لمنتدى التنمية الخليجي، حيث استشهدت الأكاديمية منيرة فخرو ببعض تغريدات هذه الزعيمة المزعومة للجاليات، التي نشرتها على موقع «تويتر»، وهو من أكبر مواقع التواصل الاجتماعي في العالم، ما يزيد من أصداء هذه الفضيحة المدوّية.
مخجلٌ لنا كبحرينيين، أن نجلس لنسمع شكاوى أشقائنا الخليجيين عمّا يشعرون به من غربة وضياع بفعل تغلب العناصر الأجنبية وتحوّل المواطنين إلى أقليات، بينما تسعى بعض الأطراف المحلية لإقحام الجاليات في أخص خصوصياتنا الوطنية ودفعهم للكتابة في «تويتر»، وأخيراًً استكتابهم في الصحف المحلية باسم سالي وماجي وجاكي، من أصحاب الثقافات السطحية، التي لا تهزها قصائد شكسبير، وتطرب لأهزوجة «السيدة أم القمل»!