بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
هناك حقيقة واحدة في الصراع العربي الإسرائيلي هذه الحقيقة أن إسرائيل لم تنتصر في أي يوم من أيام عمرها بغير عملائها من العرب حكاما ومحكومين.. كما انها لم تلق الهزيمة إلا على يد المقاومة التي لا تمت إلى الأنظمة العربية بصلة.
****
بدأت هزائم إسرائيل الأخيرة في لبنان وانتعشت المقاومة الفلسطينية في الداخل من خلال انتفاضة الأقصى بعد أن اعتقد ت إسرائيل أنها من خلال أوسلو ومدريد وبيع الأنظمة العربية لمنظمة التحرير ورئيسها الراحل ياسر عرفات استطاعت أن تستدرج المقاومة إلى شرك السلطة وتنزع السلاح وخيار المقاومة المسلحة من يدها ثم يتم تصفيتها في الداخل وتتولى الأنظمة العربية تصفية اللاجئين في الخارج خصوصا أولئك المحيطون بإسرائيل.
نجحت إسرائيل وأمريكا بمحو خيار الكفاح المسلح من ميثاق المنظمة ولكنها لم تفلح في محو هذا الخيار من عقول وقلوب الشعب الفلسطيني المشرد المحتل المحاصر المظلوم المجروح المعذب.
****
كانت حماس تمثل ابرز الفصائل التي تدعو الى إبقاء هذا الخيار وترفض القبول بالتخلي عن المقاومة المسلحة بل وظلت ترفض الدخول في أي انتخابات تحت مظلة أوسلو ومدريد فعملت الأنظمة العربية الحليفة لإسرائيل على استدراجها للدخول في العملية السلمية من خلال الانتخابات التشريعية وفوجئت حتى هي بالنتيجة المدوية التي لم تجعلها مجرد مشارك في العملية السلمية بل الطرف الأبرز في السلطة والذي ينبغي ان يتعامل مع الاتفاقات التي عقدتها السلطة مع إسرائيل..
****
وحرصت حماس أن تكون مرنة إلى أقصى حدود المرونة ولكن لم يقبل منها احد ذلك.. خصوصا بعد انتهاء الرمز الكبير ياسر عرفات. فلا إسرائيل مطمئنة الجانب ولا رموز السلطة الفلسطينية قبلوا بمفاجأة حماس كغالبية في المجلس التشريعي والحكومة. وشيئا فشيئا بدأ التداعي لمحو حماس وحكومتها من الوجود وتكفلت بهذه المهمة رموز وأجهزة تابعة للسلطة وتقوم الاستخبارات الأمريكية والحكومة الأمريكية والاستخبارات الصهيونية ودولة إسرائيل برعاية هذه الرموز والأجهزة والتنسيق معها باتجاه الضربة القاضية لحماس.. وبدعم عربي كامل.
****
أراد الله لحماس أن تتنبه الى مايكيد لها الأعداء فقامت بخطوتها الانقلابية على محاولة الانقلاب عليها وتغدت بهم قبل ان يتعشوا بها ـ كمايقول المثل ـ وأدهشها أنها عثرت على كنز من المعلومات المرتبطة بكل استخبارات الغرب والشرق في قطاع غزة.. فبدأت تعد العدة للمواجهة التي أيقنت أنها آتية لا ريب فيها مع إسرائيل التي عبرت عن الخيبة التي أصابتها بانكشاف كنز معلومات استخباري هام و ثمين لحماس
****
كان الحصار وإغلاق المعابر والضربات الجوية والاغتيالات وسائل إسرائيل لإهلاك حماس وتجويع شعب غزة الواقع تحت حكمها حتى تحدث القطيعة بينها وبين جماهير غزة ولكن حدثت المعجزة لقد كان الحصار وإغلاق المعابر شروطا أساسية لاستجماع القوى والاستعانة بالله والاعتماد على النفس لمواجهة الحصار والتجويع والضربات المتلاحقة وفي الأخير الاستعداد للمواجهة الشاملة.
****
كان الحكام العرب الغارقون في المستنقع الأمريكي حتى ذقونهم يرقبون المشهد في غزة وتعمل استخباراتهم بكل جهدها وطاقتها وهم يعدون العدة ويستجمعون القوى ليعينوا دولة الصهاينة للضربة القاضية التي ستنهي آخر رموز المقاومة الفلسطينية وستكون بعدها تسوية القضية الفلسطينية ونسيان الشعوب العربية لها والى الأبد وإبعاد الحكام من الحرج والمساءلة التي ظلت تلاحقهم منذ النكبة الأولى.
****
وهكذا بدأ العدوان برغبة عربية أولا وتحريض عربي و ظهرت أنظمة عربية بكل تبجح ووقاحة لتعلن صراحة تخليها عن غزة وعن حماس وتشمت بها وتتجاهل العدوان الصهيوني عليها وتتفرج على كل الجرائم التي حركت حتى قلوب اليهود أنفسهم ولم يتحرك قلب حكام العرب العظام ورعاة الإسلام والمقدسات وحماة العروبة.
****
أدهشت مقاومة غزة كل العملاء وفاجأتهم وفاجأت أمريكا وإسرائيل تماما كما فاجأتهم مقاومة العراق بعد الحصار الطويل.. ومقاومة لبنان وكانت معجزة الإيمان معجزة الله لعباده المستضعفين معجزة الحق في مواجهة الباطل ففشل الغزو وخسرت إسرائيل رهانها وهيبتها.. وعلم الحكام العملاء أن عصر إسرائيل الحامي لهم و المؤدب لمن يريدون من خصومهم و أعدائهم قد انتهى.. وهاهم الآن يستجمعون قواهم من جديد لإنقاذ إسرائيل جنبا إلى جنب مع كل دول الغرب الحامي للكيان والعدوان الإسرائيلي.
****
إذن.. فالمهزوم على التحقيق في منازلة غزة هي أنظمة الخيانة التي لم تنفضح قبلا كما انفضحت الآن
و لأجل ذلك فالآن فقط يبدأ الخطر الأعظم على القضية والمقاومة..
الآن فقط يشعر كل المؤمنون بأن المقاومة في خطر لأنها لا تواجه إسرائيل ولكن تواجه الحكام العرب الخونة الداعمين لها..
تواجه النفط وسلطانه المالي العالمي..
تواجه أنظمة عميلة لم تعرف العز في وجودها كلها
قامت على الخيانة وربطت وجودها بالأعداء
ترى أن انتصار فلسطين ومقاومة الاحتلال هزيمة لها..
وسقوط إسرائيل هو سقوط لعروشها..
فالآن تبدأ مواجهة مفتوحة بين الشعوب والحكام.. لحماية شرف المقاومة ووجودها وتعزيز نصرها باتجاه تحرير فلسطين،، ويريد الحكام عكس ذلك.. فإلى أين ستصل الشعوب في هذه المنازلة الكبرى..؟