أزمة البرنامج النووي الإيراني دخلت مرحلة جديدة. كما نعلم، كانت القوى الكبرى قد حددت آخر سبتمبر الحالي موعدا نهائيا لتلقي الرد الإيراني على العرض الذي سبق ان قدمته هذه القوى في سبيل انهاء الازمة سلميا وعن طريق الحوار، وكي تحدد إيران موقفها النهائي ردا على المخاوف من برنامجها النووي واحتمالات امتلاكها السلاح النووي.
وما نعلم، قدمت إيران يوم الأربعاء الماضي إلى القوى الكبرى: أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا، وثيقة مقترحاتها المتعلقة بالتفاوض لانهاء الأزمة النووية الايرانية.
وقد اثارت الوثيقة ولاتزال تثير جدلا واسعا حولها، إذ اعتبرت القوى الكبرى انها غير كافية ولا تتطرق إلى جوهر الازمة. وطلبت القوى الكبرى اجتماعا عاجلا مع إيران لمناقشة الوثيقة وقضية الحوار.
ونظرا إلى أهمية القضية بالنسبة الينا في المنطقة وفي العالم، نقدم هنا ترجمة عربية للنص الكامل للوثيقة كما قدمتها إيران في اصلها الانجليزي تحت عنوان "التعاون من أجل السلام والعدل والتقدم – حزمة مقترحات من جمهورية إيران الاسلامية من اجل مفاوضات شاملة وبناءة".
ثم بعد ذلك سنقدم قراءتنا للوثيقة في علاقتها بالأزمة.
} } }
النص الكامل للوثيقة
فيما يلي، سأقدم النص الكامل للوثيقة الإيرانية. وبالطبع لست بحاجة إلى التنويه بأن هذه هي ترجمتي الخاصة للوثيقة، وليست ترجمة رسمية.
وهذا هو نص الوثيقة:
باسمه تعالى
التعاون من أجل السلام والعدل والتقدم
حزمة مقترحات من جمهورية إيران الإسلامية من أجل مفاوضات شاملة وبناءة
لا شك ان عالمنا على عتبات الدخول في حقبة جديدة. ان الحقبة الصعبة، التي تميزت بسيطرة الامبراطوريات، وهيمنة القوى العسكرية، وسيطرة الشبكات الإعلامية المنظمة والمترابطة، والمنافسة القائمة على أساس القدرة العدوانية والقوة النابعة من امتلاك القوة العسكرية التقليدية وغير التقليدية.. هذه الحقبة هي في نهايتها. وبدأت تزدهر حقبة جديدة قائمة على النهج الثقافي والتفكير الرشيد، واحترام الطبيعة الإلهية الخيرة للإنسانية. ان كثيرا من المعضلات التي تواجه عالمنا اليوم، مثل الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة، والأزمة الثقافية، وازمة الهوية، والمعضلات السياسية والامنية، وانتشار الإرهاب، والجريمة المنظمة، والمخدرات المحرمة، هي نتاج للحقبة التي تأفل، حقبة سيطرة الاساليب غير الإلهية في التفكير التي هيمنت على العلاقات الدولية والقت بتبعات مشئومة على اجيال البشرية الحالية والمستقبلية.
ان حل هذه المشاكل واقامة عالم مليء بالروحانية، والصداقة، والازدهار والاستقامة والأمن، يتطلب اعادة التنظيم وايجاد الفرصة للمشاركة الواسعة والجماعية في ادارة العالم. ان الاليات الحالية غير قادرة على تلبية الاحتياجات الحالية للبشرية، وقد تجسد عجز هذه الآليات في مجالات الاقتصاد والسياسة والثقافة، والامن.
هذه الآليات هي نتاج مباشر للعلاقات القائمة على القوة والسيطرة، بينما يحتاج عالمنا اليوم إلى آليات نابعة من التفكير المقدس والإلهي، ومن نهج قائم على القيم الإنسانية والتعاطف الإنساني. وهذه الاليات الجديدة يجب ان تمهد الطريق أمام التقدم، والازدهار الكامل لمواهب وامكانيات كل الامم، واقامة سلام وأمن عالمي دائم.
والأمة الإيرانية مستعدة للدخول في حوار وعملية تفاوض من اجل ارساء الأسس لسلام دائم، واستقرار نابع من المنطقة يعم المنطقة، ومن اجل تقدم وازدهار أمم المنطقة والعالم.
ان رغبتنا في الدخول في هذا الحوار والعلاقات التعاونية نابعة من قوتنا وقدرتنا الاقليمية والعالمية الموروثة، ومن التزامنا التاريخي المبدئي بتطبيق واستخدام قدرتنا من أجل تعزيز السلام، والهدوء، والتقدم ورخاء الأمم في منطقتنا وما وراءها. اننا مستعدون للدخول في هذا الحوار على أسس من القيم والمبادئ الإلهية والانسانية، بما في ذلك الاعتراف بحقوق الأمم، واحترام السيادة، ومبادئ الديمقراطية، وحق الشعوب في انتخابات حرة، وأيضا الامتناع عن ممارسة الضغط أو التهديد، والتقدم إلى الامام على أرضية صلبة من العدل والقانون.
ان جمهورية إيران الإسلامية تعتقد انه في إطار مبادئ العدل والديمقراطية والتعددية، فان قائمة واسعة من القضايا الامنية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية، على المستويات الاقليمية والعالمية، يمكن ان تتضمنها هذه المفاوضات، وبهدف تعزيز التعاون البناء من اجل تقدم الأمم وتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
وكما أوضحنا في حزمة مقترحاتنا التي قدمناها العام الماضي، فان جمهورية إيران الإسلامية تعتقد ان من الشروط الاساسية لنجاح المفاوضات القادمة، ضرورة استخلاص الدروس من الأخطاء السابقة، وعدم الاصرار على مسار عقيم وبلا معنى.
وبناء على ذلك، فان التزامات كل الاطراف المعنية يجب ان تشمل:
أولا: تشكيل إطار جديد للتفاعلات الدولية متحرر من الاخطاء السابقة.
ثانيا: ان التعبير عن حسن النية من جانب كل الأطراف، قولا وفعلا، واثبات التزامها بالعدل والقانون، يمكن ان يقود إلى مرحلة جديدة من المفاوضات من أجل تعاون طويل الامد بهدف اقامة سلام وامن دائمين في المنطقة والعالم.
ان القضايا السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والعالمية، هي الموضوعات الاساسية التي تمثل مصادر للقلق المشترك في المنطقة والعالم ومن جانب الحكومات والأمم.
ان جمهورية إيران الإسلامية تعتقد اعتقادا جازما أن الانطلاق من المبادئ والأسس السابقة، وفي ضوء الأوضاع الحالية في عالمنا، فاننا جميعا مطالبون باظهار القلق على مصير البشرية، وبأن نحول قلقنا المشترك هذا إلى التزامات جماعية بهدف تمهيد الطريق أمام تعاون اقليمي وعالمي فعال.
ان جمهورية إيران الإسلامية تعبر عن استعدادها لأن تنخرط في مفاوضات شاملة وبناءة هدفها ارساء إطار واضح لعلاقات تعاونية، عن طريق تأكيد وفاء كل الأطراف المعنية بالتزامات جماعية وبمستقبل خال من الظلم، يبشر بالرفاهية والتقدم، وخال من المعايير المزدوجة لكل الامم في المنطقة والعالم.
وانطلاقا من الاولويات الاقليمية والعالمية، فان محاور المفاوضات من أجل السلام والازدهار، يمكن ان تشملها ثلاثة مجالات اساسية: القضايا السياسية -الأمنية، والقضايا العالمية، والقضايا الاقتصادية.
1- القضايا السياسية- الأمنية:
1-1 حماية الكرامة الإنسانية واحترام الثقافة والحقوق.
1-2 تقوية الاستقرار وتعزيز السلام العادل، والترويج للديمقراطية والارتقاء بازدهار الأمم في المنطقة، التي تعاني عدم الاستقرار والتسلح، والعنف، والإرهاب، وذلك على أساس من:
أولا: احترام حقوق الأمم، والمصالح الوطنية للدول المستقلة.
ثانيا: تقوية السيادة الوطنية للدول في إطار الممارسات الديمقراطية.
ثالثا: الامتناع عن استخدام العنف والسلاح.
رابعا: معالجة الأسباب الأساسية للإرهاب.
ان بعض المناطق في العالم، وخصوصا في الشرق الأوسط، والبلقان، وأجزاء من إفريقيا وأمريكا الجنوبية، وشرق آسيا، يجب ان تكون لها الأولوية. ان جهودا مشتركة يجب ان تبذل لمساعدة الشعب الفلسطيني ومن اجل التوصل إلى خطة شاملة وديمقراطية وعادلة لمساعدة الشعب الفلسطيني على الحصول على سلام شامل وأمن دائم وتأمين حقوقه الأساسية. وهذه امثلة جيدة للعلاقات التعاونية.
1-3 مواجهة التهديدات الأمنية المشتركة بالمعالجة الفعالة الحازمة للأسباب الأساسية للتهديدات الامنية، بما في ذلك الإرهاب، والمخدرات المحرمة، والهجرة غير المشروعة، والجريمة المنظمة، والقرصنة.
2 – القضايا العالمية:
2-1 إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الامن وزيادة فعاليتهما على أسس من مبادئ الديمقراطية والعدالة.
2-2 اعطاء أهمية كبرى للقضايا البيئية في العلاقات الدولية، وتعزيز المشاركة الجماعية في إدارة القضايا البيئية.
2-3 التعريف المناسب للحقوق في الفضاء، ومشاركة كل من يملكون التكنولوجيا الفضائية في إدارة والاستخدام العادل للفضاء.
2-4 تعريف الحقوق المتعلقة بالتكنولوجيا الجديدة والمتقدمة.
2-5 تطوير عمل وكالة الطاقة الذرية، وايجاد الآليات المطلوبة لاستخدام الطاقة النووية النظيفة في الزراعة والصناعة والطب وتوليد الطاقة.
2-6 تأكيد عالمية معاهدة حظر الانتشار النووي وحشد الارادة الدولية وتنفيذ البرامج الحقيقية والأساسية من اجل نزع السلاح النووي ومنع تطوير وانتشار الاسلحة النووية والكيماوية والميكروبية.
2-7 تعزيز الاعتبارات الاخلاقية والانسانية ومراعاتها بالكامل في الآليات الدولية وفي العلاقات والممارسات.
3 – القضايا الاقتصادية:
3-1 الطاقة وأمنها في الانتاج والتوزيع والنقل والاستهلاك.
3-2 التجارة والاستثمار.
3-3 بناء القدرة من أجل تعزيز الرفاه العام، ومحاربة الفقر العالمي وتقليل الفوارق الاجتماعية وتجسير الفجوة بين الجنوب والشمال.
3-4 البحث عن الأسباب الجوهرية للأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، ومنع حدوث اشكال أخرى للأزمة في الاقتصاد العالمي، ووضع آليات جديدة وعادلة.
3-5 محاربة الاقتصاد السري والفساد الاقتصادي والاحتيال المالي، وأنشطة الجريمة المنظمة، وهي أمور أساسية للأمن الاقتصادي.
} } }
افتراضات ايرانية
إذن، كيف نقرأ وثيقة المقترحات الإيرانية هذه من زاوية تطور ازمة البرنامج النووي والمواقف المختلفة منها؟
بداية، من الواضح من عنوان الوثيقة ومن مضمونها ان إيران تعرض بالفعل التفاوض والحوار مع القوى العالمية الكبرى. ولكن التفاوض حول ماذا؟.. التفاوض حول مصير العالم كله ومستقبل البشرية. إيران تعرض تصورا للتفاوض من أجل حل مشاكل العالم، ومن أجل اقامة نظام عالمي جديد.
ومن قراءة الوثيقة، من الواضح ان عرض إيران بأن تتولى هي التفاوض مع القوى العالمية الكبرى حول مستقبل العالم والبشرية، ينطلق من عدة افتراضات، بعضها مذكور صراحة، وبعضها يمكن تبينه من روح الوثيقة:
الافتراض الأول: ان العالم القديم قد انهار وانتهى أو هو على وشك، وان عالما جديدا نشأ وتشكل. أي ان العالم القديم القائم على سياسات الاملاء والقوة العسكرية والنوازع الاستعمارية، انتهى، وان عالما جديدا اكثر عدلا ويقوم على الاعتبارات الإنسانية وعلى المشاركة والحوار قد نشأ.
الافتراض الثاني: ان إيران لديها من القدرة والقوة والمكانة الاقليمية والعالمية، ما يجعلها أهلا لأن تتفاوض مع القوى الكبرى حول تشكيل العالم الجديد، ولأن تشارك في صياغة ملامحه واركانه.
أي ان إيران تطرح نفسها باعتبارها من القوى العظمى الجديرة بالمشاركة في صياغة العالم.
الافتراض الثالث: ان إيران مؤهلة للتفاوض حول مصير العالم وتحديد مستقبل البشرية بحكم اعتبار آخر تشير اليه الوثيقة في أكثر من مكان. أي بحكم البعد الالهي أو الروحي أو المقدس الذي يجب ان يسود العلاقات الدولية ويحكم اسس العالم الجديد على النحو الذي تتصوره إيران. ومن المفهوم ضمنا بالطبع ان إيران تطرح هذا من منطلق انها دولة دينية.
الافتراض الرابع: ويفهم هذا ضمنا من الروح العامة للوثيقة، يتمثل في اعتقاد إيران، وفي إطار تصورها العام للعالم وازماته، انها جديرة بأن تتحدث باسم المنطقة وقضاياها في أي مفاوضات.
المشكلة مع هذه الافتراضات الإيرانية، انها إما خاطئة، وإما انها على الأقل غير دقيقة، وهي اجمالا لا يمكن ان تكون مقبولة من القوى العالمية الكبرى.
فليس صحيحا ان العالم القديم انتهى وانهار وان عالما جديدا أكثر عدلا وانصافا قد بدأ. صحيح ان نظام جورج بوش قد سقط، وان تحولات كثيرة يشهدها العالم في ظل التوجهات الجديدة لادارة أوباما، لكن كل هذا لا يعني ان عالما جديدا قد نشأ أو حتى على وشك ان ينشأ. مازال هذا هدفا بعيد المنال.
أما القول إن إيران لديها من القوة والمكانة ما يؤهلها لأن تشارك في صنع العالم الجديد وصياغة ملامحه، فهذا هو تقدير إيران لنفسها، وهذا من حقها، لكنه ليس بالضرورة ما تراه القوى الكبرى في العالم. وما تقوله إيران عن نفسها هنا يمكن ان تقوله عشرات الدول في العالم.
والشيء نفسه يقال عن ظن إيران بأن من حقها ان، أو انها مؤهلة لأن تتفاوض نيابة عن المنطقة وقضاياها. ليس هذا بالضرورة مقبولا لا من القوى الكبرى، ولا من دول المنطقة نفسها.
أما الحديث عن اعتبارات الهية أو روحانية في العلاقات الدولية، فمفهوم ان هذه اعتبارات لا تقوم عليها السياسة الدولية، ولا تبني القوى الكبرى حساباتها على اساسها.
} } }
لا أزمة .. ولا تفاوض
طبعا، التصورات التي تطرحها الوثيقة الإيرانية حول مستقبل العالم وقضاياه هي اجمالا تصورات جيدة جدا وليس حولها خلاف كبير. فمن يستطيع ان يعترض على الدعوة من إيران أو غيرها، إلى عالم جديد اكثر عدلا وانصافا وقائما على المشاركة والحوار؟
لكن المشكلة ليست هنا.
المشكلة ان الوثيقة يرمتها ليست لها أي علاقة بالأزمة المثارة حول البرنامج النووي الايراني، ولا بما تطالب به القوى العالمية الكبرى.
فالوثيقة لم تتضمن كما رأينا ولا حتى كلمة واحدة عن الازمة، ولا عن موقف إيران مما تطالب به القوى الكبرى.
ويتسق هذا كما نعلم مع الموقف الإيراني الرسمي المعلن الذي يؤكده كبار المسئولين الإيرانيين دوما.
فالموقف الإيراني يتلخص من جانب في انه لا يوجد شيء أصلا اسمه الأزمة النووية بالمعنى الذي تتحدث عنه القوى الكبرى. وتعتبر إيران ان حقوقها النووية لا يمكن التراجع عنها، وان ما يسمى بملف الأزمة قد اغلق بالفعل، بمعنى انه لا حوار ولا تفاوض حول حقوق إيران النووية.
والموقف الإيراني يتمثل من جانب آخر في انه اذا كانت هناك أي مشكلة تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني تستحق المناقشة، فان ساحة هذا النقاش هي ساحة الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقط، وليس أي ساحة اخرى.
وبهذا المعنى تكون الوثيقة الإيرانية قد عادت بأزمة الملف النووي إلى نقطة الصفر.
} } }
الفرصة الأخيرة
إذن، من وجهة نظر الولايات المتحدة والقوى الكبرى الأخرى، فإن الوثيقة الإيرانية، لا تمثل أي أساس لأي مفاوضات أو حوار من الاصل. وهذا أمر بديهي في ضوء ما أوضحناه من عدم تعرض الوثيقة للأزمة على الاطلاق.
ومع هذا، فليست هذه هي الكلمة النهائية الفصل في القضية.
الولايات المتحدة وباقي القوى الكبرى طلبت عقد لقاء على مستوى عال مع الايرانيين لبحث ملف الأزمة، وهو لقاء من المتوقع ان يكون بين خافيير سولانا وسعيد جليلي المفاوض النووي الإيراني أو ربما وزير خارجية إيران.
مفهوم بالطبع ان الهدف من هذه الدعوة هو معرفة الموقف الإيراني بالضبط مما صمتت عنه الوثيقة ولم تشر إليه، أي معرفة الرد الإيراني بالضبط على العرض الذي سبق أن قدمته القوى الكبرى لإيران، وإذا ما كانت هناك تصورات أو أفكار إيرانية محددة.
بطبيعة الحال، سوف يتوقف الكثير حول ما سوف يجري في هذه المحادثات . بعبارة أخرى سوف يتوقف الكثير على إذا ما كانت إيران سوف تصر على موقفها من انه ليس مطروحا التفاوض ولا الحوار حول الأزمة أصلا، ام ستغير موقفها وتقدم افكارا أو ردودا محددة قابلة للتفاوض حولها فعلا فيما يتعلق بمطالب القوى الكبرى.
وليس من المبالغة القول ان هذا اللقاء الذي تطالب به أمريكا والقوى الكبرى سيكون هو الفرصة الأخيرة في محاولة البحث عن حل سلمي للأزمة عن طريق الحوار والتفاوض.
بعبارة أخرى، إذا أصرت إيران على موقفها، فسوف يكون ملف الأزمة قد اغلق بالفعل، ولكن ليس بالمعنى الذي تقصده إيران. ستكون أمريكا والقوى الكبرى قد فقدت الامل نهائيا في امكانية التوصل إلى حل بالحوار، وستدخل الأزمة طورا جديدا من التصعيد.
بعبارة ثانية، ستكون النتيجة النهائية التي تتوصل إليها إدارة أوباما خصوصا هي ان تجربة الحوار مع إيران قد فشلت، وستبحث عن خيارات أخرى لمواجهة ما تعتبر انه خطر نووي إيراني.
وينبغي ان نلاحظ هنا ان هناك ضغوطا شديدة تتعرض لها إدارة أوباما من دوائر عدة في الولايات المتحدة تطالبها بالعودة إلى لغة التشدد والمواجهة مع إيران. وقد جاءت الوثيقة الإيرانية الأخيرة لتعزز هذه الاصوات ومن منطقها.
في الفترة القليلة الماضية مثلا، ظهرت دراسات استراتيجية أمريكية من مراكز ابحاث تؤكد ان الوقت ينفد، وان إيران سيكون بمقدورها ان تصنع القنبلة النووية في العام القادم. وأصحاب هذه التقارير يطالبون اوباما بالتحرك فورا في مواجهة إيران، بل يطالبونه بالعودة إلى التهديد باللجوء إلى الخيار العسكري.
وخلاصة الوضع كما نرى انه ما لم يحدث تطور غير متوقع في الموقف الإيراني في اللقاء المرتقب مع القوى الكبرى، فسنكون مقبلين على مرحلة من التصعيد في الأزمة من جانب امريكا والقوى الكبرى. ستبدأ هذه المرحلة بحديث عن عقوبات مشددة جدا تفرض على إيران، ولا احد يمكنه التكهن بما يمكن ان يحدث بعد ذلك.