يجول في خلد صناع القرار في الشرق الأوسط هذه الأيام التهيئة لولادة جديدة في خضم الصراع العربي الإسرائيلي.. ولادة مشئومة تمهد الطريق لعقد اتفاقية سلام بين النظام السوري وإسرائيل عن طريق الوسيط التركي المكشوف والأمريكي المتخفي وراء الستار في أجواء الاحتفال بالذكرى الستين لاغتصاب فلسطين، وهي اتفاقية تعد الثالثة في سلم التوافق أو التعايش أو الصلح بين العرب وإسرائيل وتجيء في سياق التفرد بالدول العربية واحدة تلو الأخرى بدءا باتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.
وعلى هذا الأساس لا يستبعد أن تكون الاتفاقية بعد القادمة تكون مع لبنان في حال إعلان إسرائيل عودة مزارع شبعا إلى لبنان وبذلك يتحقق لإسرائيل ضمانها في الوجود الشرعي على فلسطين وباعتراف سلس وصريح من أهل الأرض وأصحاب الحق، هذا هو السياق العام لكل الاتفاقيات سواء التي وقعت أم التي لم توقع بعد. فهل الوليد القادم (اتفاقية السلام مع سوريا) سليم الصحة معافى؟ وهل البيئة التي يجيء فيها تسمح له باستمرارية العافية لو فرضنا انه جاء معافى رغم شكنا في ذلك؟ وما هي نيات الأطراف الثلاثة المشاركة في ظهور هذا الوليد إلى حيز الوجود؟ وما هي الصفقات التي تلوح في الأفق حيث لا يعقل أن تقدم الاتفاقية للنظام السوري بحسب ما يعبر عامة الناس «على طبق من ذهب«؟ والحقيقة التي لا تغيب عن البال هي أن لعامة الناس في وطننا العربي وعبر السنوات الستين الماضية رأيا مهمشا لا تأخذ به القيادات الرسمية بالوطن العربي لكنه رأي تلمس فيه المعرفة والتحليل وذلك لأن أهله مروا بأحلك الظروف وأقسى التجارب وعايشوا طبيعة الأنظمة العربية وقيام إسرائيل الصهيونية منذ اغتصاب فلسطين في 15 مايو عام .1948 وللإجابة عن هذه الأسئلة دعونا نتمعن في واقع الأطراف الثلاثة المشاركة والراعية لاتفاقية السلام المزمع ترتيبها بين الكيان الصهيوني والبيت السوري، وبنظرة واقعية سريعة للعلاقة بين سوريا وإسرائيل نلاحظ وجود علاقة متوترة حينا ومهادنة حينا آخر بينهما منذ احتلال الكيان الصهيوني لهضبة الجولان والمتربع على أرضها والناهب لخيراتها في الخامس من يونيو 1967ولم يقم النظام السوري بإطلاق رصاصة واحدة على إسرائيل بعد حرب أكتوبر.1973 فلا سوريا استعادت أرضها ولا إسرائيل حصلت على سلام مع جارتها سوريا، فهل يعقل ان يأتي المولود الجديد لابسا حلة السلام والوئام بين البلدين بهذه السهولة؟ وهنا نقول: إذا كانت هذه الرغبة موجودة بينهما، فلماذا تأخرت 35 سنة؟ وما هو السيناريو المرسوم لإنجاب جنين السلام وهل يمكن أن يأتي بصحة جيدة في هذا الوقت بخاصة؟ في رأيي ان التلويح بما سرب من أنباء مؤخرا حول بناء سوريا مفاعلا نوويا تم تدميره من قبل إسرائيل قبل أكثر من عامين ونبأ آخر حول إمكانية عقد اتفاقية سلام بين سوريا وإسرائيل بناء على خبر مفاده استعداد أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي لتسليم الجولان إلى سوريا مقابل توقيع اتفاقية سلام بين الطرفين لم يأت من فراغ بل ان هذا التصور المطروح في الوقت الراهن يمثل بوابة فتحت على مصراعيها ولن تتردد سوريا في الولوج فيها متى ضمنت عودة الجزء إلى أصله.. أي عودة الجولان إلى سوريا لأن عودتها بالقوة لم تعد مدرجة ضمن أجندة النظام السوري منذ انتهاء حرب أكتوبر.1973 ومن المعروف عن النظام السوري أنه ينظر دائما إلى مصلحته كنظام سياسي مستعد للتقلب بين اليمين واليسار ومستعد للمساومة.. وكان لموقف سوريا الداعم لإيران في حربها على العراق في ثمانينيات القرن الماضي أكبر دليل على مواقف القيادة السورية المتناقضة مع توجهات حزب البعث ذاته، فهو الذي رفع شعارات الوحدة العربية ودعم حركات التحرر العربية والمقاومة الفلسطينية من جهة، وفي الوقت ذاته هو نظام قامع لكل من يطالب بأبسط حقوق الإنسان في العيش الكريم وحرية الرأي. ويبدو لي أنه من الأجدى يبادر النظام السوري إلى إطلاق السجناء السياسيين والمعارضين لديه كخطوة أولى في اتجاه السلام مع شعبه قبل عقد صفقة السلام مع جارته إسرائيل، حيث يقبع ما لا يقل عن 3 آلاف مواطن سوري في أقبية السجون، فإذا كان الهدف من الاتفاقية الحصول على الجولان (تحريرها) فلماذا لا يبدأ النظام السوري بتحرير شعبه الخاضع تحت قبضته قبل تحرير (مواطني الجولان) الخاضعين تحت قبضة النظام في إسرائيل؟ كما لا يخفى على أحد حقيقة النظام السوري الحالي برئاسة الرئيس بشار الأسد، حيث عدلت المادة المتعلقة بعمر من يتولى الرئاسة في الجمهورية العربية السورية وخفضت من 40 سنة إلى 34 سنة (عمر بشار حينما توفي أبوه) في جلسة طارئة لمجلس النواب.. ومن يقدر يعارض؟ ومتى عرفنا أن نظاما جمهوريا صار وراثيا؟ إذاً فالرئيس بشار وريث أبيه حافظ الأسد في العقيدة والمنهج والرئاسة.. والتاريخ يقول: إن حافظ الأسد استولى على السلطة في سوريا بالقوة من رفاقه في حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1970 حين انقض عليهم فهرب منهم من تمكن من الفرار فيما وقع الباقون في قبضته، وعرفت تلك بالحركة التصحيحية في الحزب، إلا أن جميع فروع الحزب بالوطن العربي لم ترض بالتبعية للقيادة السورية وآثرت القيادة الشرعية في بغداد خاصة في وجود ميشيل عفلق الامين العام للحزب آنذاك بالعراق بعد تلك المرحلة. ومازلت أتذكر تلك الشعارات التي كنا كطلبة ومتظاهرين نرددها في النصف الثاني من السبعينيات حين دخلت القوات العسكرية السورية لبنان لدعم المقاومة ثم تحول الأمر إلى احتلال وكان المتظاهرون يرددون «أسد.. أسد في لبنان..ماذا عن الجولان«. أي بمعنى ما قصرت بقواتك في لبنان.. ما شاء الله.. دخلت القوات السورية لبنان لنصرة ونجدة المقاومة اللبنانية والفصائل الوطنية بزعامة كمال جنبلاط ضد خروق وعدوانية حزب الكتائب والقوى المتحالفة معها ثم انقلبت على المقاومة الوطنية في لبنان، ولا يستبعد ان سوريا كانت تريد الزعامة على الأمة العربية خلفا لغياب مصر عن ساحة الصراع العربي الإسرائيلي ودخولها في اتفاقية كامب ديفيد التي دشنها الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر. وأنا اكتب هذه الأسطر شحذتني الذاكرة حينما قامت حرب أكتوبر 1973 ومازلت أتذكر تلك الأجواء المشحونة بالحماسة حيث كنت أنا وغيري ممن هم في عمري طلاب الجامعات خارج البحرين حينها تردد أن حافظ الأسد زار بغداد سرا (رغم الخلاف الحاد بينهما) طالبا المساعدة ومشاركة الجيش العراقي في القتال وفعلا كان له ما أراد حيث كنا نرى أرتال الدبابات والمدرعات والعربات المحملة بالجنود تغادر بغداد باتجاه دمشق. واعذروني – أيها القراء – عن هذه المقدمة الطويلة التي عرجت بكم من خلالها إلى الماضي، حيث مضى 60 عاما على اغتصاب فلسطين ومرور 35 سنة على حرب أكتوبر بين مصر وسوريا كطرف عربي ضد الكيان الصهيوني ولم تتحرر لا الجولان ولا غيرها في حرب سماها البعض الحرب الخاطفة.. وآخرون حرب العبور.. وثغرة الدفرسوار وغيرها من التسميات. وهذه الحوادث وتسلسلها تأتي في إطار ما جرى بعد قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين وما تلاه من اعتداءات أخرى على دول عربية.. فبعض هذه الحوادث والمعارك هي مآس ونكبات وكوارث والبعض الآخر مثل حرب أكتوبر 1973 وبغض النظر عن أسمائها هي في الحقيقة صفحات فخر في مقارعة إسرائيل يا ليت استغل ما تم إنجازه على صعيد المعركة لدقة التخطيط العسكري والتكتيك الفني للقتال اللذين اعتمدتهما القيادة العسكرية المصرية، وشجاعة الجندي المصري مما فاجأ العدو وأرهق قواته وأحدث شرخا في متاريسه من خلال تمكن قرابة 400 من الوحدات المائية من تفجير خط بارليف وإشعال النيران فيه وانهيار هذا المانع الترابي تحت صبات خراطيم المياه فأذابته وتمكن الجيش المصري من عبور القناة للضفة الأخرى مخترقا بذلك الدفاعات الإسرائيلية المحصنة. وبما أن سير المعركة إبان حرب أكتوبر كان يسير لصالح العرب وخاصة أنه دعم بخفض الصادرات النفطية إلى الدول الغربية بمبادرة «جريئة« من الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود ملك السعودية وقيام العراق في عهد الرئيس أحمد حسن البكر بإعلان تأميم نفطه من شركات الاحتكار، كما كان لليبيا والجزائر تجاوب مع دعوات تخفيض الإنتاج النفطي 5% ثم 10% وأثر خفض الإنتاج النفطي العربي في إحداث خلل في الماكينة الصناعية الغربية وارتفاع في أسعاره من أقل من دولارين للبرميل ووصوله إلى 8 و10 ثم 18 دولارا للبرميل مع نهاية النصف الثاني من عام .1973 وفي هذه المرحلة بخاصة من الصراع العربي الإسرائيلي برز دور النفط العربي في حسم المعركة وظهرت دراسات حول مستقبل الطاقة وكم من الاحتياطيات النفطية بدول المنطقة وان بها ما لا يقل عن 60 في المائة من الاحتياطي العالمي مما زاد من اهتمام دول العالم بما يجري فيها والدفع إلى تحقيق السلام مع الدول المتصارعة أي بين الدول العربية من جهة وإسرائيل التي احتلت أراضي من مصر وسوريا والأردن ولبنان من جهة أخرى بالإضافة إلى فلسطين ذاتها وهي لب الصراع في المنطقة. وعلى هذا الأساس يفترض أن تسير الأمور وتحسم بأن القضية الأساسية للصراع في المنطقة هي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية بدءا باحتلال فلسطين عام 1948 وما تلاه من احتلالات في نكسة .1967 كما لا يمكن نسيان الموقف الأمريكي والغربي الداعم لإسرائيل بدليل أنه حينما كانت أجواء حرب 1973 تسير لصالح مصر وسوريا والأمة العربية تدخلت حينها الولايات المتحدة لإنقاذ إسرائيل ومدتها بالصواريخ والطائرات المتطورة من جهة وضغطت باتجاه وقف إطلاق النار من جهة أخرى. وبالمقابل كان للولايات المتحدة الحليف الأول لإسرائيل ما أرادت حيث تجاوب الرئيس السادات الذي لقب نفسه بـ «الرئيس المؤمن« مع الطلب الأمريكي والوعود التي حصل عليها وانتهت الحرب بوقفها والدخول في مفاوضات الكيلو 101 وما تلاها من اتفاقيات قادت إلى اعتراف مصر بإسرائيل وعودة سيناء إلى مصر، ولقد جسد التوجهات الأمريكية حينها قيام الرئيس السادات بلقاء مناحيم بيجن رئيس الوزراء الإسرائيلي في القدس وخطابه في الكنيست عام .1977 ولا أزال أتذكر حينها خطاب السادات الذي نقل عبر التلفزة وهو بين الفينة والأخرى يمسح بمنديله الأبيض العرق المتصبب من جبينه، ولعل هذا العرق كان نذير شؤم عليه. ولا أدري هل كان السادات يشعر بهذا الشؤم في تلك اللحظة وثقل حبات العرق المنسابة على جبينه بأنه يقترف حينها أكبر خطأ في التاريخ العربي الحديث بإعلانه قبول مصر منفردة باتفاقية سلام مع إسرائيل؟ وفي هذا الشأن حصلت إسرائيل على اعتراف بها من أكبر دولة عربية بشريا وأقواها عسكريا.. اعتراف بحقها في الوجود والعيش بسلام على الأرض الفلسطينية المغتصبة وتشريد شعبها. فكم يساوي هذا الاعتراف من ثمن لإسرائيل؟ وكم حقق لها من مكاسب؟ وبالمقابل كم كسب العرب من جراء معاهدة السلام المنفردة مع إسرائيل؟ وهنا نتساءل: ألم يعِ الرئيس السادات أن إسرائيل بالأساس هي دولة مسخ وجِدَت بالقوة على الأرض العربية من خلال عصابات الكاهانا وغيرها من المنظمات الإرهابية الصهيونية؟ من المؤكد أن الرئيس المؤمن كان يعي ذلك ويعرف أسباب وأبعاد الصراع بين العرب وإسرائيل لكنه تخلى عن البعد القومي في المعركة مع إسرائيل ونظر إلى القضية كأنما هي خلاف حدود بين مصر وإسرائيل. وكان السادات أيضا يعرف أن إسرائيل دولة عنصرية توسعية زرعت في قلب الامة العربية لتجزئتها وإشغالها بحروب مستمرة تستنزف ثرواتها مما يعني عدم استقرار شعوب المنطقة، لكن السادات آثر الاسترخاء بحجة أن الشعب المصري تعب من القتال ، ويكفي ما قدمه الجيش المصري من آلاف الشهداء والجرحى والمعوقين. وآن للشعب أن يرتاح طالما سيناء ستعود بالحوار السلمي.. فما الداعي للقتال؟ فلتعطني إسرائيل سيناء (كأنما هي ليست أرضا مصرية) وأعطيها بالمقابل السلام، ولا علاقة لمصر بالدول العربية. كان هذا الاعتقاد.. وهذا التوجه.. عبر اتفاقية الصلح المنفرد بين مصر وإسرائيل بداية سقوط النظام العربي الحديث الذي لانزال كشعوب نكتوي بنيران صفقة الصلح بين مصر وإسرائيل . في هذه الاتفاقية تحقق لإسرائيل ما أرادت حيث كانت اتفاقية السلام بمثابة سيف حاد قطع ما تبقى من أوصال الأمة العربية، وكانت أشبه بمعول هدم بيوت آلاف الشهداء والجرحى والمعوقين والمناضلين سواء في مصر أو غيرها من سائر الأقطار العربية، وبداية جرح كبير أضر بجسم الأمة العربية وأعاقها فترة من الزمن لم تستعد فيه الروح إلا من خلال صمود الشعب الفلسطيني وهو يواجه سياسة التدمير والقتل وقطع الأشجار وهدم المنازل، بالإضافة إلى ما أحدثته الانتفاضتان الفلسطينيتان الأولى والثانية من خروق في الجانب الإسرائيلي، وبما تحقق أيضا من نجاحات للمقاومة اللبنانية وطردها للمغتصب الصهيوني سواء من بيروت عام 1982 أو من الجنوب عام 2005، وبما يتحقق من ضربات موجعة حاليا في القوات الغازية للعراق من قبل المقاومة الوطنية الشريفة بعد إسقاط نظامه عام 2003، وكل ما يجري الآن على الساحة العربية – في رأيي – ليس مفصولا عما جرى في كامب ديفيد .1979 وفي سياق معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل مازالت الأمة تتساءل: ماذا جنت الأمة العربية منها؟ هل توقفت الحرب مع إسرائيل بخروج مصر من خندق المواجهة؟ وهل انتهى بناء مستوطنات جديدة على الأراضي الفلسطينية؟ ولماذا أقيم جدار عازل داخل الأرض المحتلة؟ وهل حصل الشعب الفلسطيني على حقوقه؟ وهل أفرجت إسرائيل عن المعتقلين الفلسطينيين والعرب من سجونها؟ وما مصير غزة وأهلها تحت الحصار الإسرائيلي؟ وهل أوقفت تهديداتها واختراقاتها للأجواء والأراضي اللبنانية؟ ونضيف: صحيح أعيدت سيناء إلى أهلها ولكن مقابل ماذا؟ هل توقفت الاعتداءات الإسرائيلية على الدول العربية سواء المجاورة أو غير المجاورة مثل اغتيال قادة المقاومة في تونس واغتيال عالم الذرة المصري في باريس وتدمير المفاعل النووي العراقي؟ ووجودها المكشوف في شمال العراق وذلك بالتعاون مع القيادات الكردية؟ لهذا فإن التخوف من توقيع معاهدة سلام جديدة وارد في هذا السياق التاريخي من الأحداث.. صحيح أنها ستعيد الجولان إلى أهلها (سوريا) لكن أولا: ستحيد سوريا من أي دور في الصراع الذي لم تغلق ملفاته بعد.. وثانيا: هل ستتوقف المؤامرات والمخططات ضد الأمة العربية؟ أليس هذا السجل الحافل بالتراجعات والهزيمة والعار كان نتيجة توقيع أول اتفاقية صلح مع إسرائيل؟ يا قوم.. اصحوا.. وعوا.. ففي الذكرى الـ 60 خير دلائل.. ولهذا يمكننا القول: إن ما يجري من ترتيب للأحداث في الوقت الراهن وطرح إمكانية السلام بين سوريا وإسرائيل هو فصل جديد لتوزيع الأدوار في مسرحية هزلية عنوانها «السلام في الشرق الأوسط« وفي وقت ترتب فيه إسرائيل لإقامة احتفال كبير بمناسبة مرور 60 سنة على قيامها (عفوا على اغتصابها لفلسطين) في 15 مايو الجاري. ويشارك الرئيس بوش في الحضور ليضفي على المناسبة تاريخا أمريكيا بروحانية بوش المحافظة وهذا شيء خطر حيث ستظل الجماهير والرأي العام منشغلين بالحديث عن الشروع في اتفاقية سلام جديدة بين سوريا وإسرائيل ويسدل الستار على ما فعلته عبر الستين عاما المنصرمة واحتفالها بالذكرى المشئومة لقيام الدولة العبرية. ومن قال إن الثمن في حالة توقيع معاهدة سلام بين سوريا وإسرائيل هو عودة الجولان إلى سوريا فقط؟ يا قوم.. وعوا فلقد سبقتها اتفاقية للسلام بين مصر وإسرائيل.. واتفاقية أخرى بين الأردن وإسرائيل.. وما جنينا إلا الأذى والتراجع والهزيمة.. فما رأيكم أن ننتظر الأيام القادمة؟ ومثل ما يقولون فهي «حبلى بالأحداث«.. ولكن لكي تحمل لابد لها من ملقحين مخصبين.. أليس كذلك؟ وهنا تكمن المشكلة لأن أحد المشاركين في عملية التخصيب مصاب بالإيدز.. إذاً ما جدوى هذا الوليد الذي يخططون لإنجابه؟ أليس من الأفضل عدم إنجابه؟ أم أن كل ما يجري يسير وفق خطة جديدة عفوا (مؤامرة جديدة) بدأت فصولها في فلسطين وانتقلت إلى العراق ثم لبنان، وعلى هذا الأساس أعلنت رايس وزيرة الخارجية الأمريكية مؤخرا أن للولايات المتحدة في المرحلة الحالية ثلاث ركائز وحلفاء في المنطقة هم عباس في فلسطين والمالكي في العراق والسنيورة في لبنان وستعمل على دعمهم. ونختتم مقالنا بالقول: إن المشروع الأمريكي لن يكتب له النجاح في المنطقة طالما هناك أصوات تطالب بحقوقها وتدافع عن ترابها وهويتها وكيانها وقيمها بروح مقاومة لكل توجهات فرض الهيمنة عليها.. وتحية تقدير وإجلال لكل الأصوات والقوى المقاومة في فلسطين والعراق ولبنان.. فهذه الأصوات هي عماد الأمة العربية وديمومتها.
نشر في : صحيفة أخبار الخليج