"دعني يا أخي أدخل به الجنة".. جملة ذكرها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في كلمته أمام الحاضرين بمؤتمر حركة فتح السادس في بيت لحم نقلا عمن يقومون من حركة (حماس) بقتل أعضاء فتح بغزة حين يأخذونهم الى أعلى الأبراج، يرددون هذه المقولة، ثم يرمون بهم على الأرض!
سمعت هذه العبارة، وأنا أقود سيارتي صباح الثلاثاء من إذاعة (بي بي سي- لندن)، صعقت، ولا أدري ماذا انتابني من شعور غريب، عشت مع هذه المقولة ثوان أفكر في صعقها على مسمعي، تساءلت حينها هل هذا صحيح؟ حيث كانت هذه العبارة أثقل من صخرة (حطها السيل من عل)، وذلك حسبما قال الشاعرامرئ القيس في وصف طول الليل وفي انتظار انبلاج الصباح.
وتساءلت مع نفسي: "وكيف لا أصدق وهي صادرة عن مصدر بهذا المستوى"؟ .. وهل يعقل ان أبومازن يستغفل الحاضرين؟ وفرضا ذلك بحكم سلطته ومكانته، لكن هل يستطيع استغفال المشاهدين والمستمعين عبر محطات الإعلام المختلفة؟
وتساءلت مرة أخرى: هل رأيت بنفسك هذا الحدث؟ هل سمعته من قبل؟ مما جعلني أقف مترددا عن التصديق مع يقيني بأن (الجنة براء من هذا الأمر)، بل على العكس مصير القاتل النار من دون نقاش.
وبغض النظر عن مدى صحة هذه العبارة ومدى دقة هذه المعلومة، وبغض النظر عمن هي صادرة، دعونا نقف على الحياد في قتال (الاخوة – الإخوة) والذين حولهم الصراع الى أعداء (الاخوة كارامازوف ) لفيدر ديستوفيسكي.
نتساءل، أولا: إذا كانت هذه المعلومة صحيحة.. إذن كيف نفسر التعنت الإسرائيلي في سير المفاوضات، وكيف نفسر التجاوزات الإسرائيلية من قتل وتهجير وهدم بيوت، وقطع شجر، وتدمير ممتلكات الشعب الفلسطيني؟
ثانيا: إذا كانت هذه المعلومة غير صحيحة، فمن هو المستفيد من ترويجها؟، وهل وصل الخلاف بين حركتي فتح وحماس الى هذا الحد من الترويج والتهويل؟ وهل يصب ذلك في خدمة ومصلحة القضية الفلسطينية؟
وفي خضم هول وصعق هذه المعلومة، نعتقد أن هذه المعلومة تضعف قولنا وتأكيداتنا كفلسطينيين وكعرب نتعاطف ونتضامن مع الشعب الفلسطيني في قضيته بأن "إسرائيل دولة تضطهد غير اليهود".
ولي تعليق وأنا أغلق دائرة "التصديق واللاتصديق" مفاده ان سيل الدماء بين الإخوة الفلسطينيين، والقتال بين الاخوة، هو خلاف حول مواقف سياسية، ونهج تسوية ولا تسوية.. ومن يستولي على مقاليد التسوية والصلح، وما ينتج عنه من تقسيمات بين الطرفين.. أما القضية فواحدة، واضحة كالشمس، شعب احتلت أرضه، وطرد منها.. فماذا يا ترى أن يفعل؟
لذا ليس صحيح أن نقول أن الخلاف والقتال بين حركتي فتح وحماس آن له أن يتوقف الآن، اذ أن ذلك، كان يفترض أن يتوقف منذ أمد بعيد.. وحرام ان يقتل الفلسطيني الفلسطيني على الهوية الحزبية.. وحرام ان يقتل فلسطيني فلسطينيا على أساس (مؤمن وكافر).
القتل على الهوية، وعلى الدين، وعلى الطائفة، عمل بشع.. وممقوت.. وحتى القتل بين الأعداء له أصوله ومبادئه مثبتة في القانون الدولي.. فما بالكم بقتال الأخوة؟