واصفاً الواقع العربي: مؤامرة خارجية وداخلية وبلادة مجتمعية مدنية…
فخرو: الشباب و«المرأة» الأمل الأخير للربيع العربي… والخارج لن يقف معنا
قال المفكر علي فخرو: «إن الشباب العربي والمرأة هما آخر أمل للربيع العربي الذي لم ينته بعد»، مشددا على أن «اللعبة الخارجية لن تتوقف، فالاستعمار والطمع الرأسمالي والعولمة المتوحشة لهم قوانينهم التي لن تتوقف في استبعاد الآخرين وأخذ ثرواتهم».
جاء ذلك في ندوة قدمها فخرو في مقر جمعية التجمع القومي في الزنج، مساء الاثنين (28 سبتمبر/ أيلول 2015) تحت عنوان «الثورات الشعبية والثوابت الوطنية والقومية».
وفي توصيفه للمشهد العربي الحالي، قال: «هناك مؤامرة خارجية، ومؤامرة داخلية، وبلادة مجتمعية مدنية، تحيد أي حركة أو نشاط، هذا هو المشهد، مشهد سريالي وعبثي، وهذه هي النتيجة لتوجهات كانت قبل أربع سنوات لتوجهات تنادي بالحرية، وباتت تدور في حلقة مفرغة على حساب ألا تحل القضية العربية بكاملها».
واستهل فخرو حديثه بقوله «هذا اليوم كان مصادفةً يوم وفاة الزعيم العربي جمال عبدالناصر، لذلك هي صدفة غريبة أن يأتي إنسان ليتحدث عن موضوع القومية في هذا اليوم بدون ترتيب له، لذلك سأبدأ بحديث إلى الزعيم عبدالناصر، حيث قال «إن المعارك الفرعية والجانبية يجب أن تتوقف وإلا ضاع أمرنا من يدنا واستنفذنا جهدنا بأيدينا بدل أن ندخره ونحشده ضد عدونا».
وأضاف «منذ ذلك الوقت كان يلاحظ أن الانغماس في معارك صغيرة سيؤدي إلى الهزيمة في المعارك الكبرى، وقد قال أيضا الزعيم عبدالناصر «لسنا من أنصار إنشاء محاور عربية، إنما تهمنا مساهمة كل بلد عربي في المعركة»، وقال أيضا «نحن ضد أي صراع شخصي أو طائفي أو فكري من شأنه أن يضعف المعركة أو ينال منها».
وأردف «كلها كلمات تبدو نوعا من الاستشراف لما سنعيشه، اليوم نحن لسنا أمام قتال بل أمام عشرات الاقتتالات».
وأفاد «في الماضي كانت هناك ثورات وطنية في الجزائر والأردن والخليج العربي، كانت تعتمد على المشاعر العربية، اليوم هناك ثورات محلية شعبية تعيش في عزلة عن مجالها القومي العربي».
وذكر أن «المشهد العربي له ست مواصفات أساسية، فأولا هناك مطالب محلية مشروع كالديمقراطية والانتخابات، لكنها تفتقد أي ارتباط بمطالب الآخرين، الذين يطالبون في البحرين ليس لهم ارتباط بما يجري في تونس، تتذكرون أنه أثناء العدوان على مصر في العام 1956 كان البحريني يلقي بالطماطم على وزير خارجية انجلترا وقوفا ضد ما يجري في قناة السويس، وليس لمطالب وطنية».
وتابع فخرو «أما الآن فأغلبية المظاهرات التي تخرج تتحدث عن الشأن المحلي البحت، بينما المظاهرات سابقا كانت تطرح الاستقلال للأمة العربية، والاشتراكية العربية المرتبطة بالمشروع النهضوي العربي».
وأكمل «نحن الآن أمام مطالب محلية منعزلة عن هوية عربية مشتركة، وليس واضحا أن المظاهرات في الوطن العربية فيما بينها أي ارتباط «.
وواصل «الأمر الثاني، ما موقف أميركا والغرب وروسيا وإيران وتركيا مما يجري في الوطن العربي؟، الشباب العربي يربطون ما يطرحونه بماذا تقول هذه الدول، بينما في الخمسينيات والستينيات كان الشباب يطرحون مطالبهم بغض النظر عما تطرحه تلك الدول».
وأكمل «البعض من الناس كتبوا أن أميركا هي المدخل إلى الديمقراطية في الوطن العربي، والبعض كتب أن المطلوب من إيران أن تتدخل لإيقاف الهيمنة السنية في دولة كالعراق، وروسيا مطلوبة لتعديل الميزان في المنطقة العربية، والصهيونية مطلوبة لدحر التمدد الإيراني الشيعي، وخرجت كلمات مخجلة أن إيران عدو اكبر بكبير من العدو الصهيوني، وأننا نستطيع أن نتعايش مع الصهاينة ولا يمكن أن نتعايش مع إيران». وأشار فخرو إلى أن «الفساد يذكر ويطرح دون أن يذكر من يساند الفساد، الدول العربية الفاسدة حصلت على دعم من الخارج، إذن النقطة الثانية هي ربط القوى الأجنبية بالمطالب في الساحة العربية».
وأردف «وعن النقطة الثالثة، فلاحظوا الحراك الخارجي لحل القضايا العربية العالقة، وما يقابله من تقاعس عربي تام، للوصول إلى حلول محلية، ربما فقط مسقط حاولت أن تدخل في الموضوع اليمني، والجزائر ربما حاولت في ليبيا، في حين نسمع كثيرا عن محاولات من قبل أميركا وروسيا وإيران وتركيا للتدخل في الشأن العربي، بينما هناك تقاعس وغياب تام للوجود العربي في حل الإشكاليات المحلية، وقد كتبت سابقا أن الجامعة العربية وكأنها غير موجودة». وتساءل «ما الذي يحدث عندما يحدث ذلك؟، وأجاب فخرو «يؤدي إلى كفر بالعروبة والعرب، اسمعوا السوريين عما يسألون أين العرب، العراقيون الذين كانوا قوميين أقحاحا، يقولون إنهم كفروا بالعروبة، هذه الأفكار بدأت بعد وفاة الزعيم العربي جمال عبدالناصر وحتى يومنا، حتى بات الفرد العادي يتحدث عن ذلك بشكلٍ واضح».
وأشار إلى أن «النظام العربي الإقليمي أريد له أن يتدمر، ويحل محل ذلك نظام شرق أوسطي تقوده ثلاث دول هي الكيان الصهيوني وتركيا وإيران، والأمر ذاته ينطبق على منظمة الدول الإسلامية».
وقرر «إذن نحن أمام حراك خارجي مفتعل ليحل محل الحراك الداخلي العربي المطلوب، والآن في المشهد نفسه، حتى الخليج نفسه لا يعرف أين يقف، أصبح المشهد مختلطا ولا نعرف إلى أين نحن ذاهبون، عندما يتحدث عن محاربة داعش، فماذا سيفعل بالنصرة والجهاد وغيرها من التنظيمات».
وأكمل «قُصد أن يكون المشهد متداخلا مع بعضه بعضا، حتى يظل الناس في تيه، كي لا يعرفوا كيف يخرجون من جهنم التي أدخلونا فيها».
وتابع «النقطة الأخرى، أن النظام الجماهيري حُرف من قضايا وحدوية وسياسية ليكون صراعا بين الطوائف، الآن الاختلاف بين السنة والشيعة والاباضية والزيديين، لاحظ ما يجري في موضوع الحج، والنقاش الذي يدور فهل نحن مع أو ضد ما تقوله إيران».
وأضاف «النقطة الأخيرة، هي الغياب الكامل لأي تحالفات بين المنظمات الشعبية على المستوى القومي، فلم يتحرك احد من أجل إيجاد كتلة تستطيع على المستوى القومي أن توحد الأمور».
وقطع أن «هناك مؤامرة خارجية، ومؤامرة داخلية، وبلادة مجتمعية مدنية، تحيد أي حركة أو نشاط، هذا هو المشهد، مشهد سريالي وعبثي، وهذه هي النتيجة لتوجهات كانت قبل أربع سنوات لتوجهات تنادي بالحرية، وباتت تدور في حلقة مفرغة على حساب ألا تحل القضية العربية بكاملها».
وشدد «لنكن صريحين، اللعبة الخارجية لن تتوقف، اقرأ السيناريوهات التي كتبت قبل خمسين سنة لتفتيت الأمة العربية وإدخال الدول العربية في الست نقاط التي ذكرتها، لتعرف ذلك، الاستعمار والطمع الرأسمالي والعولمة المتوحشة لهم قوانينهم التي لن تتوقف في استبعاد الآخرين واخذ ثرواتهم، إذن لا أمل بالخارج، ولا أمل بالأنظمة العربية للأسف، لاحظوا رغم كل ما يجري، لم يتم عقد ولا اجتماع قمة واحدة للجامعة العربية، ولا منظمة المؤتمر الإسلامي».
وأوضح أن «الأمل في اعتقادي أن نعود إلى المجتمع العربي، الطريق طويل وصعب ومعقد، صحيح، ولكن ليس لدينا خيار آخر.
وأردف فخرو «لا أمل في قيادات المجتمع المدني السابقة، والتي أضاعت العديد من الفرص، كانت هناك مئات الفرص للقيادات الناصرية، وكانت هناك فرص هائلة لقيادات حزب البعث وللقومين العرب، ثم بعد ذلك جاء الإسلام السياسي وظننا انه سيتعلم ممن سبقوه.
وتابع «القيادات التي في الماضي والتي لم تستطع أن تتوحد وتوجد تكتلات لا أمل فيها، الحل الوحيد هو العمل على قيام جبهة شعبية عربية، متناسقة المكونات، اليوم تحدث أحداث مهولة، أقطار عربية تختفي ولا تخرج مظاهرة شعبية واحدة، لاحظوا ما الذي يحدث في القدس بدون أي حراك عربي شعبي، السبب في هذا التراخي الشعبي أن السياسة موتت من قبل قادة مؤسسات المجتمع المدني على مدى خمسين عاما».
وقال فخرو «نريد أن نرى مظاهرة في الجزائر تسند الحراك في هذه الدولة العربية أو تلك، أنا واثق أن الشباب العربي لايزال لديه الرغبة في التغيير، هذا الزخم الشبابي هو آخر أمل للأمة العربية».
وأفاد «المرأة العربية لم تدخل دخولا صحيحا في الحراك الشعبي، ويجب أن تدخل، لأنها مثل الشباب آخر أمل لهذه الأمة».
وشدد «علينا ألا نخجل عن طموحنا للوحدة العربية، وعلينا أن ننطلق من ارثنا السياسي العربي بالغ الغنى، وليس صحيحا أننا نحتاج إلى أن نقرأ في الفكر أو الدستور الفرنسي، اقرؤوا المشروع العربي النهضوي».
وختم فخرو «هذا الحراك يجب أن يكون متفقا ولو في حدوده الدنيا، ويجب أن تدخل في حوار مستمر لتوسيع هذه المطالب الشعبية، كما أن هذا الحراك يجب أن يكون معتمدا على الوطن العربي، وليس على الخارج، لأن ذلك يجعلنا رهنا لهم».
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4771 – الأربعاء 30 سبتمبر 2015م الموافق 16 ذي الحجة 1436هـ