قال الدكتور حسن العالي الأمين العام للتجمع القومي الديمقراطي في ندوة أقامها مجلس شويطر ليلة أمس الأول في الذكرى التاسعة للتصويت على ميثاق العمل الوطني، أننا اليوم أحوج من أي وقت مضى بالعودة إلى روح وزخم الميثاق، داعيا الحكومة، وكونه، وثيقة ملزمة للشعب والحكم، أن تتخذ منه دليل عمل تضع على ضوءه استراتيجيات عملها الوطنية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كما أن على مجلس النواب العودة إليه، والعمل على تنفيذ ما ورد فيه من خلال التشريعات والقوانين الصادرة عنه.
وأضاف العالي أن المشروع الإصلاحي لجلالة الملك والذي أنطلق من أرضية الميثاق حقق الكثير من الإنجازات لشعب البحرين، وأن القوى السياسية في البحرين، ومنها التجمع القومي، تعمل من داخل هذا المشروع وليس من خارجه، ولا تطرح بديل عنه، بل تعمل على تطويره من الداخل، وهذه سمة طبيعية في كافة المجتمعات التي تتمتع بالحيوية والسعي لتحقيق الأفضل.
وتوقف العالي خلال حديثة أمام محطات رئيسية في مسيرة المشروع الإصلاحي، مستشهدا بما ورد مقابلها في ميثاق العمل الوطني، ومنها ما ورد في الفصل الأول من المقومات الرئيسية للمجتمع، حيث نص في مجال كفالة الحريات الشخصية والمساواة على حرمة تعريض أي إنسان لأي نوع من أنواع التعذيب المادي أو المعنوي او أي معاملة غير إنسانية، بينما لاحظنا أن المتهمين في قضية المعامير تم تبرئتهم على أساس أنهم تعرضوا للتعذيب أثناء التحقيق بشهادة القضاة أنفسهم، مؤكدا في الوقت نفسه أنه يطرح هذا الموضوع ليس استنادا إلى اللغط التي دار مؤخرا حول تقرير هيومن رايتز لأنه يدرك أنه هذه المنظمات تلعب دور مزدوج وهي أدوات في أيدي القوى الكبرى.
وفيما يخص ما ورد في الميثاق حول حرية التعبير والنشر اكد العالي أن قانون الصحافة والنشر والطباعة لا يزال وبعد كل هذه السنوات يراوح بين الحكومة ومجلسي النواب والشورى وأن المقترح المقدم يتضمن الكثير من المواد القديمة.
أيضا تناول العالي ما ورد في الميثاق حول نشاط المجتمع المدني، وتأكيد الميثاق على ضرورة تكوين الجمعيات الأهلية على أسس وطنية، بينما شكل السماح لتأسيس جمعيات سياسية على أسس طائفية أكبر ضربة توجه لروح الميثاق ومنطلقاته، حيث أننا نشهد اليوم جري هذه الجمعيات وراء مصالحها الحزبية الضيقة والطائفية على حساب مصالح الشعب ووحدته الوطنية. وطالب العالي الحكم بإعادة النظر في وضع هذه الجمعيات لأنها باتت تهدد وحدة المجتمع.
وفيما يخص الفصل الذي تناول نظام الحكم في الميثاق، تطرق العالي للقضية الدستورية، وقال أن نظام المجلسين هو نظام موجود في كثير من الدول، ولكن الخلاف هو في منح مجلس الشورى سلطات تشريعية بالرغم من انه معين, هذا يتناقض مع مبدأ أخر ورد في الميثاق بأن الشعب مصدر السلطات جميعا، وبالتالي من له الحق في التشريع باسم الشعب هم المنتخبون عن طريقه. كما ان دستور عام 2002 شكل في جوانب منه تراجع عما ورد في دستور 1973 خاصة فيما يخص الصلاحيات التشريعية والرقابية للنواب. وأكد أن الأخطر من ذلك أن تصميم الدوائر الانتخابية أثمر مجلس منتخب مقسم طائفيا بامتياز، وصار هذا الخطر يمثل مصدر التهديد الأول لمشروع الإصلاح بل اخطر من قضية الدستور نفسه.
كما تطرق العالي لمبدأ حق الشعب في المشاركة في الشئون العامة والذي أكد على حق كافة المواطنون نساء ورجالا في ممارسة الحقوق السياسية، بينما نرى اليوم أن القوى الطائفية الإسلامية تجمع على حرمة مشاركة المرأة في الحياة النيابية وبعضها أصدر فتاوي بذلك. الا يعد ذلك تجاوز على الميثاق الذي صوتوا عليه، وعلى الدستور الذي أدوا اليمين الدستوري عليه، أم أنهم يأخذون من المشروع الإصلاحي ما يخدم مصالحهم الحزبية فقط,
كما تطرق العالي للفصل الخاص بالأسس الاقتصادية للمجتمع، وأكد أن المشروع الإصلاحي أطلق عدة مبادرات، لكنها لا تزال موضع اختلاف وعدم توافق منها على سبيل المثال مشروع إصلاح سوق العمل الذي يلاقي رفضا كبيرا، كما تزايدت معدلات البطالة الحقيقية كون الوظائف المولدة تخدم العمالة الأجنبية وليس الوطنية، داعيا للبدء بمشروع الإصلاح الاقتصادي الذي يعني يجب خلق أنشطة اقتصادية منتجة ومولدة للوظائف ذات القيمة المضافة العالية للبحرينيين والاقتصاد. كم أشار العالي إل شبه التوافق الشعبي على استشراء قضايا الفساد والتعدي على المال العام والأراضي وهي جميعها مظاهر لا تليق بالمشروع الإصلاحي.
وفيما يخص الأمن الوطني، قال العالي أننا نتفق مع ما ورد في الميثاق حول هذا الجانب، ونتفق أن هناك من يتربص بالوطن ولا يريد له خيرا، وأن هناك أعمال تخريب تضر بالوطن. ولكننا نرى ايضا أن الأمن الوطني يجب ان يستند إلى أسس اجتماعية وسياسية واقتصادية تجسد قيم العدالة والمساواة والحياة الكريمة ورفض كافة أشكال التمييز والأقصاء.
وفيما يخص الفصل الذي تناول العلاقات الخليجية، شدد العالي على أهمية ما ورد في الميثاق حول وحدة المصير المشترك لأبناء دول مجلس التعاون، وما ذهب إليه جلالة الملك في كلمته في افتتاح الدورة النيابية حول تطوير تجربة للاتحاد، لكن نلاحظ بنفس الوقت أن رؤية البحرين 2030 لم تتطرق لهذا الموضوع الحيوي وكأنها تريد أن ترسم مستقبل البحرين خارج الإقليم الخليجي وبمعزل عنه.
أخيرا، أكد العالي كذلك على أهمية ما ورد في الميثاق بشأن الانتماء العربي للبحرين، وكون شعبها جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، وطالب الحكومة وضع البرامج التثقيفية والإعلامية والتربوية التي تجسد هذا المفهومـ كذلك فأنها مطالبة بتجسيدها في سياساتها الخارجية بالذات إزاء القضايا الكبرى كفلسطين والعراق.