
المفكر البحريني علي فخرو متحدثاً في الندوة
وصفه بـ «الصوت الهائل» الذي لا يجب أن يترك…
فخرو يدعو «المعارضة» للإعلان «من الآن» دخولها «برلمان 2018»
جدد المفكر البحريني علي فخرو دعوته لقوى المعارضة للدخول في البرلمان في دورته المقبلة (العام 2018)، واصفاً البرلمان بـ «الصوت الهائل داخل المجتمع الذي يجب ألا يترك».
وأضاف في ندوة عقدت بمقر جمعية التجمع القومي في الزنج، مساء الاثنين (16 فبراير/ شباط 2015)، «الانتخابات القادمة ستأتي بعد أربع سنوات، أعتقد أن القوى السياسية عليها أن تفكر في قضية الدخول من عدمها من الآن وليس بعد أربع سنوات، أنا أجد أنها يجب أن لا تتركه، البرلمان يجب ألا يترك».
وقال في مستهل الندوة «كنت أقرأ كتاباً لأحد السياسيين الاحتجاجيين الأميركيين، وهو من الذين شاركوا في الكثير من الاحتجاجات هناك، الرجل يقول: دعنا نأخذ مثالاً لنعرف إذا كانت احتجاجاتنا لها فائدة أم لا، وقال سأعطي مثالين، احتجاجاتنا على الحرب في فيتنام انتهت وقيل لنا ماذا استفدتم منها؟ وأجبنا أنه خلال ثلاثين سنة لم تدخل الولايات المتحدة في حرب خارجية، حتى جاءت أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، فكانت حجة لتتدخل مباشرة في عدة بلدان بعد أن كانت لا تجرؤ على ذلك طيلة الثلاثين عاماً السابقة، وبالتالي الاحتجاجات نعم انتهت ولكنها أثرت».
وأضاف فخرو «المثال الثاني أنه كان هناك احتجاجات صغيرة إزاء اجتماع ما، وتم تفريقها وكنا حزينين لعدم قوة ذلك الاجتماع، وقيل لنا ماذا استفدتم منه؟ لكن بعد ذلك اكتشفنا أن هذه الوقفة الصغيرة دعت نصف المشاركين لعدم الحضور في ذلك الاجتماع».
وأردف «ما أود قوله أن تأثير الاحتجاجات ربما يكون محدوداً وقت حدوثها، ولكنه يترك أثراً في المستقبل، ومناسبة القول أن تأثيرات الربيع العربي على المستقبل ستكون كبيرة جداً، قد لا تبدو الآن، ولكنها ذات تأثير بالغ حتماً».
وأكمل «في البحرين لدينا إشكالية سياسية، تتعلق بالقوى السياسية المشتغلة في البلاد، أقول إنه من غير المعقول بعد أربع سنوات أن تبقى على ذات الطريقة والأسلوب، وفي البحرين أعتقد أنه آن الأوان أن يتم التركيز على المدى البعيد وليس القصير، الذي قد تكون فيه توازنات حالية بسبب وجود قوى إقليمية أو محلية، ولكن يجب الالتفات إلى المدى البعيد ونتائجه، والإصلاحات الكبيرة تحتاج للنظر لها وفق مسافات طويلة».
وشدد فخرو «من الضروري أن تنتقل الحياة السياسية الاحتجاجية إلى شيء آخر، وإلا ستصاب بالشلل والملل، وهذا تشاهدونه بين الناس، وهذا الأمر موجود في ظل الانقسام في المجتمع».
وواصل «ليست إشكاليتنا في تراثنا، عما إذا كان فيه تسامح أو لا، القران فيه مئة آية للتسامح، والأحاديث النبوية مملوءة بقيم التسامح، بينما الآخرون يأخذون بضع آيات من «آيات السيف»، ويحاولون أن يوهموا الآخرين بعدم وجود تسامح في الإسلام وهذا غير صحيح».
وأفاد «نحن لا نحتاج إلى «فولتير» ليعلمنا قيم التسامح، ولكن الإشكالية هي أن لدينا ذاكرة تاريخية لا نفرغها، والتي تصل بالنهاية إلى أن تصبح متحجرة وتصبح الحياة في هذه المنطقة صعبة، لأنه ليست هناك قدرة لتفكر وتحلل، فمثلاً هناك أحداث جرت في الماضي عن الخلافة، أنا لا أعتقد أن حسم هذا الموضوع سيكون له تأثير كبير على واقعنا الحالي».
وتابع «في البحرين دعونا نتساءل، هل هناك مطالب محقة أم لا؟، نعم هناك مطالب محقة في البحرين ومن حق الناس المطالبة بها، وعليه، فهناك سؤال يجب أن نطرحه، هل يمكن أن نسمي الكتلة المطالبة بهذه الحقوق، بالكتلة المعارضة أم الكتلة الإصلاحية؟».
وذكر فخرو «الذي حدث أن بعض الأخطاء حدثت وبدلاً من أن يكون الحراك السياسي منسجماً مع بعضه البعض، أصبحت بعض الحركات «تخرب على أخرى»، مثلاً عندما يقوم بعض الشباب بحرق الإطارات ورد الفعل العنيف تجاه الشرطة، الإشكالية أن هذه الأعمال تحسب على الحركة الاحتجاجية السلمية البحتة، السؤال المطروح هل انتبهت هذه الجهات إلى أن هذه الجهات «تخرب عليها»؟ وأن عليها دوراً في هذا الصدد؟».
وشدد «آن الأوان أن ينتقل العمل السياسي من حراك احتجاجي إلى حراك سياسي له نظرة بعيدة المدى، وهناك فرق بين أن تكون حركة احتجاجية لا تدخل البرلمان لأنك زعلان لهذا السبب أو ذاك، ولكن إذا أردت أن تكون هذه الساحة ساحة أساسية لك فحساباتك يجب أن تكون مختلفة».
وأكمل «نطرح هذه التساؤلات، هل القوى السياسية دخلت في قضايا محددة وواضحة أو دخلت في قضايا مختلفة متناثرة؟ أنت تحتاج إلى أن تتحدث في قضايا تمس السنة والشيعة، قضايا المرأة والمعلمين والبحارة مثلاً هي قضايا مشتركة يمكن الاهتمام بها».
وتساءل «هل في الأربع سنوات السابقة تمت محاولة حقيقية لتوسيع التحالفات في المجتمع المدني، أم ظلت على حالها دون تغيير المسار؟ لنفترض أنكم وسعتم تحالفكم مع النقابات التي تضم السنة والشيعة، ألا يعد ذلك توسيعاً لقاعدتكم الشعبية، فكم من الأشياء المحلية البحتة اندمج فيها الحراك السياسي؟».
وواصل «كم من التثقيف السياسي اللاطائفي يجري في البحرين؟ وكم من الشباب يدعون إلى حلقات فيها تثقيف سياسي لا طائفي؟ القوى السياسية أن الأوان لها أن تغير طريقة عملها، إلى حركات إصلاحية طويلة المدى متعمقة في المجتمع».
وأردف «هل زاد عدد المنتمين إلى الحركات السياسية، لتؤكد أنك أصبحت في قلب المجتمع، أم هم ذات الفئة؟ نحن في الوطن العربي، مشكلة المشاكل في السياسة أن أغلب الكيانات السياسية عبارة عن دكاكين صغيرة، العمل السياسي لا يمكن أن ينجح بهذه الطريقة».
وأوضح أنه «تأتي اجتماعات لمجلس التعاون سنوياً، والقوى السياسية لها مطالب، ولم أجد أنهم وقفوا أمام مكان اجتماع هؤلاء لبث مطالبهم أمامهم».
وأشار إلى أن «الانتخابات القادمة ستأتي بعد أربع سنوات، اعتقد أن القوى السياسية عليها أن تفكر في قضية الدخول من عدمها الآن وليس بعد أربع سنوات، أنا أجد أنها يجب أن لا تتركه، البرلمان يجب ألا يترك، لأن هناك يمكن أن تقل القضايا الطائفية، لأن القضايا الوطنية ستجد من يدافع عنها من مختلف الجهات».
وأفاد «هذا صوت هائل داخل المجتمع، يومياً الصحف تنقل ما يقال في البرلمان، قد يبدو أنك لم تؤثر، ولكن الصحيح أنك أثرت على المدى البعيد».
وتابع «ونسأل أيضاً هل هناك حاجة إلى كتلة سياسية جديدة تتخطى كل ما جرى وتخرج بخطاب جديد؟ أعتقد أن من الضروري التفكير في إيجاد كتلة جديدة».
وبيّن أن «قضية الانقسام المجتمعي يجب أن تكون أقوى من القضايا السياسية، في أوروبا اللاتسامح الديني كان موجوداً، وبالتالي لم يكون هناك تسامح ديني أو سياسي، نحن هنا في البحرين لدينا إشكالية علينا أن نواجهها، القوى السياسية عليها أن تذهب إلى الجهة الأخرى، وتحارب من أجل الآخرين وإقناعهم».
وأوضح أن «الإنسان العادي الذي يستمع يومياً إلى خطابات الكراهية والإعلام المليء بالبذاءة والتحقير، هذا الإنسان يجب أن يشعر أن هناك من يدافع عنه».
وأكمل «كل القوى السياسية يجب أن تعرف أنه إذا كانت عضويتها من مذهب واحد فتلك إشكالية، يجب أن تفتح عضويتها لجميع المذاهب، إذا لم يحدث ذلك فكل القوى السياسية التي لا تنجح في ذلك فعليها مراجعة حراكها».
وأفاد «وأذكر مرة أني قلت للشيخ علي سلمان (الأمين العام لجمعية الوفاق) أنه عليكم أن تفتحوا الباب لعضوية الجمعية للمذاهب الأخرى، فقال لي أنه مفتوح، فقلت له هذا لا يكفي، عليكم أن تقنعوهم بأنكم لستم طائفيين».
وأردف «شخصياً لا أشعر عندما أستمع إلى المنبر الديني الشيعي أو السني أنه يتطرق إلى مظالم الجهة المقابلة، الناس يريدون خطاباً محدداً لقضاياهم يشعرهم أن الآخر قلبه عليهم».
وجدد تساؤله «الآن هل القوى الأجنبية الاتصال بها مفيد لحل الأزمة؟»، وأجاب «التاريخ يقول أن كل القوى الأجنبية غير العربية لها أطماع ولم يقدموا في يوم من الأيام أي خدمة لأي مجتمع دون مقابل».
وختم فخرو «نحن يجب أن نعترف بأشياء أساسية، المجتمع الذي لا توجد فيه ديمقراطية المواطنة، فالحل النهائي في الانقسام المجتمعي هو قيام مجتمع ديمقراطي تتساوى فيه حقوق المواطنين وواجباتهم، وحتى نصل إلى ذلك نحن المجتمع علينا أن نخفف إلى أبعد الحدود من هذا الانقسام المجتمعي، ولا يجب أن ننتظر دوراً حكومياً أو رسمياً، نحن في البحرين نحتاج إلى قناة تواصل تعمل فقط على قضية الانقسام المجتمعي، وخاصة في فئة الشباب».
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4547 – الأربعاء 18 فبراير 2015م الموافق 28 ربيع الثاني 1436هـ