في ندوة أقيمت أقامتها الجمعيات المعارضة في مقر جمعية «وعد» في أم الحصم مساء الأربعاء (11 ديسمبر/ كانون الأول 2013) تحت عنوان: «استشراء قضايا الفساد في البحرين الأسباب والنتائج»
خليل: التعديات على أملاك الدولة مستمرة حتى الآن
العكري : دعا إلى إشراك المجتمع المدني في حماية المال العام…
العالي: لا إرادة رسمية حقيقية للإصلاح
سلمان: الكتل النيابية غير جادة في مساءلة المفسدين
ذكر القيادي في جمعية الوفاق الوطني عبدالجليل خليل أن «التعديات على أراضي وأملاك الدولة لم تتوقف للآن»، مشيراً إلى أن أحد الأمثلة على ذلك هو عقار ديار المحرق ومساحته 21 مليون كيلومتر مربع، ويقع خلف جزيرة أمواج والذي تم منحه إلى شركة خاصة في العام 2011، بدون مسوغ قانوني».
وشدد خليل في ندوة أقيمت في مقر جمعية وعد في أم الحصم مساء الأربعاء (11 ديسمبر/ كانون الأول 2013) تحت عنوان «استشراء قضايا الفساد في البحرين الأسباب والنتائج»، إلى أن «ملف الفساد في البحرين كان ويجب أن يكون ملفاً وطنياً بامتياز، مهما اختلفنا في الملفات السياسية، وفي طريقة الخروج من الأزمة في البحرين يجب أن يبقى هذا الملف ملفاً وطنياً تتكاتف كل القوى في مكافحة هذا الفساد».
وقال في مداخلته «سأتحدث عن أربعة نماذج حقيقية للفساد، فالفساد يكمن في المواقع التي تتواجد فيها الثروة».
وأردف خليل «القسم الأول هو مصروفات التسليح والدفاع، وهو أهم بند في المصروفات السرية التي تتم عادة في مصروفات بيع وشراء الأسلحة».
وتابع «الموضوع الآخر هو موضوع سرقات الأراضي، ففي البحرين مبلغ أرض واحدة تساوي موازنة الدولة بأكملها».
وأكمل «الموضوع الثالث هو موضوع النفط، والرابع هو موضوع الصناعات في البلد، وهذه النماذج الأربعة هي أمثلة وليست كل صور الفساد في البحرين، ففي البحرين تتم السرقة جهاراً نهاراً دون مكافحة أو مواجهة للفساد».
وأشار إلى أن «البحرين بحسب مؤشرات دولية، تقع في المرتبة التي تتميز بوجود فساد عالٍ جداً، والسبب أن مصروفات التسليح والتسلح تعرض في الموازنة التي تقدم إلى مجلس النواب كرقم فقط، المشتريات ومن ضمنها حتى المشتريات المدنية فيها لا تراقب، أي بيع لا يخضع لأي رقابة، وهذا سبب جدلاً، لأن ديوان الرقاب المالية كان يقول إن مصروفات التسلح فقط هي التي يجب أن تكون سرية، بينما أي أمور أخرى كالمستشفيات وغيرها التابعة للدفاع يجب أن تخضع للرقابة، ولكن للآن هذا الأمر غير موجود».
وذكر خليل «عندما كنا في مجلس النواب كان عندما لدينا جدل عن أن هذا الجهاز لديه حصانة ولا يمكن مساءلتهم، الموضوع واسع، وما يهمني هنا فقط هو الإشارة إلى أن أحد الموضوعات التي تحتاج إلى تدقيق هي مصروفات التسلح، وخاصة أن 33 في المئة من موازنة الدولة تصرف للجهات الأمنية».
وواصل «الموضوع الآخر هو النفط، صحيح أن نفط البحرين هو الأقل خليجياً، ولكن نحن نتحدث عن حقلين نفطيين في البحرين، الأول هو حقل البحرين، والثاني هو حقل أبوسعفة الذي تتقاسمه البحرين مع السعودية، وهنا لا توجد رقابة حقيقية على المبالغ المتحصلة من هذا القطاع إجمالاً رغم وجود كلام طويل عليه».
ولفت إلى أنه «لا يوجد للآن، آلية ولا جهاز يمكنه التحقق من كميات الإنتاج النفطي ولا المبالغ المتحصلة منه».
وأفاد أن «موضوع سرقات الأراضي هو موضوع مهم طرحناه في العام 2010، وإلى الآن لم يتم إرجاع أي عقار من العقارات الحساسة، وهنا سأعطي إطلالة للتذكير أن التعديات على الأراضي لاتزال مستمرة».
وتابع «مازالت هناك أراضٍ جديدة يتم التعدي عليها، بالإضافة إلى الأراضي السابقة التي أثبتنا التعدي عليها سابقاً».
وأردف «سأعطي نماذج عن الأراضي الجديدة التي تم التعدي عليها، هناك مدينة المحرق الإسكانية التي تبلغ مساحتها 5.5 ملايين متر مربع، ولكن هناك 2.6 مليون كيلو متر مربع تم الاستفادة منها للمشاريع الإسكانية، بينما بقية المساحة ذهبت إلى هبات، وعندما تحدثنا إلى جهاز التسجيل العقاري قالوا لنا إنه سيتم تعديلها بصيغة قانونية، ولكن من يعرف إذا كان ذلك حصل أم لا».
وأوضح خليل أن «المشروع الآخر هو «بحرين باي» الاستثماري شمال المنامة، ومساحته 11.4 كيلومتر مربع، هذا لم يحدث فيه أي تغيير».
وواصل «ولدينا مشروع إسكاني شمال كرانة ويقع بين زاوية الرؤية والمدينة الشمالية، ومساحته 9 كيلومترات مربعة، أي يستوعب ما لا يقل عن 30 ألف وحدة سكنية، في الوقت الذي يمكن لأي فرد أن يدخل قرية كرانة ويرى كيف تعيش الأسر متكدسة في مكان واحد».
وأشار إلى أن «هذا المشروع كان مشروع الأهالي وسرق منهم، والآن هناك مشروع مرسى السيف ونورانا، حيث بيعت الأرض، والعملية تتم بهذه الطريقة، تقتطع الأرض ثم تحول إلى هبة ثم تقسم ثم تباع إلى شركات، وبالتي بدرها تبيعها إلى شركات أخرى».
وبيّن أنه «عندما بدأنا لجنة التحقيق في أملاك الدولة في البرلمان، استطعنا استخراج وثيقة أرض المدينة الشمالية، فالمشروع منذ العام 2002 حين تم وضع حجر الأساس لها، لم تكن هناك وثيقة رسمية لها، ولا أحد يعرف مساحتها، وحدودها، وعندما بدأنا في لجنة التحقيق وحصل ضغط، تم استخراج وثيقة المدينة الشمالية، وأردنا معرفة ملكية الأراضي المحيطة بالمدينة الشمالية، وهما عقار 60 و61، وحاول جهاز التسجيل العقاري المماطلة، حتى عرفنا لاحقاً أنها تحولت إلى ملكية خاصة، مع أنه لا يجوز التصرف في الأملاك العامة ولا يسقط ذلك بالتقادم».
وأكمل «هذه العقارات التي تحدثت عنها في المحرق وكرانة والمدينة الشمالية خرجت تماماً من سجل أملاك الدولة وتم توزيعها كهبات».
وذكر أن «عقار شاطئ السنابس، كتب عليه أنه عقار خصص لساحل لأهالي المنطقة، ولكن تم توزيعه، وقسم إلى سبعة عقارات، تتراوح مساحتها بين كيلومترين وكيلومتر واحد مربع، وبعضها أقل من ذلك، وتم تحويلها إلى ملكية خاصة».
وأضاف «هذه المعلومات التي أتحدث عنها، لم نأتِ بها من أنفسنا، بل استخرجناها من أملاك الدولة، ومن جهازين أساسيين، أحدهما جهاز المساحة والتسجيل العقاري وهو الذي يصدر الوثائق لكل العقارات في البحرين».
وأردف «هناك ثلاث عقارات كانت مخصصة لبناء مدارس فيها في منطقة السنابس، التي توجد فيها حالياً مدرستان واحدة آيلة للسقوط والثانية مؤجرة، وقد تم وهب هذه الأراضي الثلاث إلى جهات خاصة».
وأفاد خليل «هذه الوثائق قدمناها إلى وزارتي المالية والعدل، وكنا مازلنا على استعداد لمعالجة أخطاء سجل أملاك الدولة، ونحن نسأل الوزارتين، ما هو مصير هذه العقارات وكيف تحولت إلى ملكية خاصة؟».
وواصل «أعطونا دليلاً، على أنه تمت معاوضة هذا العقار بصورة قانونية، كما قالت اللجنة الوزارية التي ردت على التقرير النهائي للجنة التحقيق النيابية في أملاك الدولة، أعطونا العقار الذي تمت معاوضته عن هذه العقارات».
وأشار إلى أن «منطقة الاستكشافات في الرفاع فيوز، فهذه المنطقة كبيرة المساحة، وكانت تقام فيها استكشافات عن النفط، غير أنه تبيّن خلوّها من ذلك، فأصبحت تحت إدارة شركة بابكو، ثم تحولت إلى ملكية الرفاع فيوز، وعندما قمنا بالتحقيق طلبت من وزير النفط توضيحاً عن كيفية تحول هذا العقار الحكومي إلى شركة الرفاع فيوز، فقال ليس لديّ علم، وعندما جئنا إلى وزير المالية قال ليس لديّ رد، وهذا عقار مقتطع من مدينة عوالي ومساحته 580 ألف متر مربع».
وشدد خليل على أن «التعديات على الأملاك العامة لم تتوقف، وهذه أحد الأمثلة على ذلك، عقار ديار المحرق ومساحته 21 مليون كيلومتر مربع، ويقع خلف جزيرة أمواج، ولكم أن تستوعبوا هذا الرقم إذا عرفنا أن جزيرة المحرق كاملة كانت مساحتها 30 كيلومتراً مربعاً، قبل أن تزداد قليلاً بفعل عمليات الدفن الحكومي، وقد تم استقطاع هذه المساحة كاملة إلى شركة خاصة».
وتابع «هذا العقار تم منحه إلى الشركة الخاصة في العام 2011، وقد أعلنت عن ذلك في العام 2012، غير أنه للآن لا أحد يعطي توضيحاً عن ذلك، ويتم تحويل الملكيات العامة إلى خاصة بدون توقف».
وأردف «أما عن فساد «ألبا- ألكوا»، فشركة «كرول» التي قادت التحقيق في القضية قبل أعوام، قدمت تقريراً مفصلاً في العام 2008 إلى النيابة العامة وفيه أدلة محددة عن المتهمين في القضية، بما فيهم مسئولون بحرينيون، وهو التقرير الذي لم يتم تقديمه إلى المحكمة للآن».
وذكر أنه «بعد أشهر، تم تقديم تقرير ثالث اتهم مديري أقسام في شركة ألبا، فيما تم إزالة أسماء مسئولين آخرين من التقرير».
وأشار إلى «الدعوى المدنية التي رفعتها ألبا ضد شركة ألكوا في المحكمة الأميركية المدنية في بيتسبرغ لاتهام ألكوا والوسيط في دفع الرشا بمؤامرة الفساد لأكثر من 15 سنة من الاحتيال والرشا وتضخيم أسعار مواد الخام».
وأضاف خليل «وزارة العدل الأميركية بدأت التحقيقات الجنائية في القضية بعد ثلاثة أسابيع من بدء المحكمة المدنية بالنظر في دعوة شركة ألبا، وطلبت منها بالتوقف عن النظر في القضية مؤقتاً، وأنه بعد سنة من رفع القضية الأولى المدنية، رفعت «ألبا» الدعوى الثانية في هوستن الأميركية ضد شركة يابانية (سوجيتز)، وطلبت «ألبا» فيها مبلغ 31 مليون دولار، دفعت منها 14.8 مليون دولار رشا لمسئولين في «ألبا» للحصول على عقود من قسم المبيعات أقل من سعر السوق، لافتاً إلى أن «ألبا» لم تعارض قرار وزارة العدل الأميركية في قضيتي ألكوا وسوجيتز».
وشرح أنه «في سبتمبر/ أيلول 2009، نشرت صحيفة (وول ستريت جورنال) خبراً مفاده أن وزارة العدل الأميركية تحقق في مدفوعات تخالف القانون الأميركي دفعتها شركة سوجيتز لاثنين من موظفي «ألبا» في حسابات مصرفية في لاخشنشتاين وبعض الأموال مرت عبر الولايات المتحدة، وقيل إن هذه المبالغ تم دفعها لشركة (نيشوايا) والتي اندمجت مع (نجيمن) في العام 2004 لتكوين شركة (سوجتيز)».
وأكمل «تدخلت وزارة العدل الأميركية لاحقاً، وطلبت مجدداً وقف القضية مؤقتاً بحجة أنها قد تربك تحقيقاتها. وتبع ذلك إعلان ألكوا توصلها لتسوية مع ألبا لإنهاء القضية المدنية الأولى، ولم تعترف بأي خطأ، ووافقت على دفع المبلغ لـ «ألبا» على دفعتين في الربع الثاني من العام 2012، وعلى هذا الأساس تم إعادة العلاقة التجارية بين الشركتين والدخول في عقد طويل الأمد بينهما مرة أخرى».
وذكر أن «وثائق القضية تثبت أن شركة ألبا وقعت عقدها الأول مع شركة ألكوا لمدة عشرين سنة انتهت في العام 1990، ثم أبرمت عقداً آخر لمدة عشر سنوات ثم مُدِّد لنهاية العام 2004». وختم خليل «تفجرت ملامح القضية عندما تم تجديد الاتفاقية الأصلية لمدة عشر سنوات أخرى من 31 ديسمبر/ كانون الأول 2004 إلى ديسمبر 2014، تحتكر فيها شركة ألكوا بيع خام ألومينا بأسعار مضخمة جداً بعد تهديد شركة ألبا في حال عدم الموافقة على الصفقة بتحويل المواد الخام لمشترٍ آخر، وهنا تدخل مسئولون في البحرين للموافقة على الصفقة بعد تسلم رشا، وذلك بحسب ما جاء في وثائق الاتهام».
العكري: المغرب نموذج ناجح في مواجهة الفساد
ومن جهته، قال رئيس جمعية الشفافية عبدالنبي العكري إن «الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد وتطبيقاتها أصبحت مفعلة في سبتمبر/ أيلول 2003 وانضمت البحرين إليها في 2010».
وشدد على أن «على البحرين إشراك مؤسسات المجتمع المدني في إعداد التقرير الذي سيسلم في مؤتمر موسكو القادم».
وأفاد أن «الأموال المهربة من العالم الثالث تساوي 20 ضعف المساعدات المقدمة إلى هذه الدول».
وبيّن أن «المغرب تعتبر نموذجاً عربياً ناجحاً للأنظمة الملكية في مكافحة الفساد، حيث اتخذت المغرب خطوات حقيقية في مجال مكافحة الفساد وتفعيل دور المجتمع المدني في الرقابة على المال العام».
العالي: لا إرادة رسمية حقيقية للإصلاح
أما الأمين العام لجمعية التجمع القومي حسن العالي، فذكر أن «بنية الفساد البحرين هي بسبب ضعف إرادة الإصلاح السياسي والاقتصادي، وقد تم إفراغ الكثير من التشريعات من محتواها ما أفسح المجال لتفشي ظاهرة الفساد في البحرين».
وأوضح أن «تفشي ظاهرة الفساد سببه غياب برلمان حقيقي كامل الصلاحيات وبالتالي ضعف الرقابة على المال العام، كما أن عدم تبعية ديوان الرقابة المالية للسلطة التشريعية أضعف دوره واستقلاليته».
وبيّن العالي أن «قانون الذمة المالية لم يتم تفعيله، وهو لا يشمل رئاسة الوزراء والمشتغلين في الأمن، وقد تم سلب حق المجتمع المدني في الرقابة على المال العام والكشف عن الفساد، والبنية المؤسساتية في البحرين والسلطات الثلاث غير قادرة على إيجاد حل حقيقي لقضية الفساد».
سلمان: الكتل النيابية غير جادة في مساءلة المفسدين
فيما شدد الأمين العام للمنبر التقدمي عبدالنبي سلمان على أن «الإعلام الرسمي أحد بؤر الفساد في البحرين بسبب قيامه بتزوير الحقائق»، مشيراً إلى أنه «في عام 2002 فتحنا في البرلمان ملف الفساد في هيئة التأمينات الاجتماعية».
وذكر سلمان أن «الكتل النيابية تستخدم ملف الفساد للمساومة، وهي غير جادة في مساءلة المفسدين».
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4115 – الجمعة 13 ديسمبر 2013م الموافق 10 صفر 1435هـ