استضاف مجلس الدكتور حسن العالي المرشح النيابي للدائرة السابعة بمدينة حمد (المحافظة الوسطى) ليلة امس الأول المفكر الدكتور علي فخرو ليتحدث عن الوحدة الوطنية، ولماذا تأخذ الوحدة الوطنية موقع الصدارة والاهتمام من كتاباته وجهوده، مشددا على أننا في البحرين شعب واحد لا نعرف الطائفية والانقسامات.
وقال الدكتور حسن: في ضوء ما جرى في البحرين في الأيام الأخيرة، يلاحظ ومع الأسف أن ما يجري في الساحة الإقليمية طبق على الوضع المحلي هنا في البحرين، فتداخلت الأمور بالتوجه نحو تقسيم هذا الشعب الى طوائف.
وتابع على الرغم من ان الأحداث الأخيرة أمنية فإنها تصنّف في الإطار السياسي، لكونها تصدر لنا على هيئة شحنات طائفية لتفتيت الروح الوطنية والأخوة البحرينية، مؤكدا أن لا مستقبل للبحرين من دون وحدة مذاهبه وطوائفه.
وتناول الدكتور علي فخرو في مداخلة له حول ما يجري حاليا في البحرين ان القضية ليست قضية أمنية بقدر كونها قضية شاملة، وهذا ما يجب النظر اليه من هذه الزاوية، مشيرا الى أنه إبان حكم الدولة البريطانية التي تنتهج (سياسة فرق تسد) لم تستطع ان تنجح في فرض هذه السياسة على شعب البحرين بشكل كبير، وإنما كانت محاولات محدودة جدا في أحسن أحوالها حينها ظهرت حركة الهيئة الوطنية في الخمسينيات، وقدمت مطالب وطنية واصلاحية، واستطاعت تلك الحركة ان تؤمن توحدا جذريا اساسيا حقيقيا في البحرين، وتساءل: لماذا لم يستطع الاستعمار فرض الطائفية في وقت كان يمتلك القوة والسلطة بينما بدت الطائفية على السطح في عهد الاستقلال الوطني مؤكدا هنا ان لا معيار بعد الآن إلا للمواطنة التي تعني العدل والمساواة أمام القانون، والعدل والمساواة في فرص العمل والتعليم والإسكان، وهي اللحظات التي ينجلي فيها توجه الفرد (المواطن) الى الدولة وليس الى جماعته أو طائفته.
واسترسل، فإذا وجد شرخ في هذه المبادئ، توجه الفرد الى طائفته، وبالتالي تسوء العلاقة بين نظام الحكم وجزء من الشعب، وتتفجر الصراعات كما هو العراق والمغرب ولبنان والسودان في فترات مختلفة.
وقال الدكتور علي فخرو: "لم نكن نتصور ان الاستقلال سوف يجلب للعراق مزيدا من التدمير، وها هو الحال في البحرين، لم نتوقع منذ البداية ان يشوب المجتمع موجات من الطائفية والعصبية لدرجة نرى فيها كل جماعة تحتمي بجماعتها المذهبية او العرقية او القبلية"، نحن في الواقع نواجه هذا الشيء، والمواطنة اصبحت كلاما نظريا.
وتابع: ولو طبقنا أسس المواطنة لما حصل الذي نشاهده اليوم لدرجة ان الالتزام اصبح للجمعيات السياسية اكثر منه تجاه الوطن وهنا لابد للحركات السياسية وكل قوى المجتمع المدني كالاطباء والمهندسين والاكاديميين والنقابات العمل على ايجاد نوع من الميثاق.
ميثاق تلتزم به كل القوى السياسية والمدنية في ان تكون خطاباتها وأفعالها غير مرتبطة بالمذهبية، تتعهد فيه بمحاربة كل من يطرحها على الساحة الاجتماعية، وتساءل لا أعلم، هل هذا ممكن أم لا؟ ولكن الظرف يتطلب تحويل اللاممكن الى ممكن وذلك لمصلحة البحرين وشعبها.
وقال: ما لم تتحرك الجمعيات السياسية الست في هذه اللحظة لدرء مخاطر الطائفية، وأخذ البحرين الى ضفاف الامان والاستقرار، فهل تستطيع منع الناخب من عدم انتخاب النواب على أسس مذهبية؟ منوها الى ان هذه الأمور والتساؤلات يفترض ان تناقش وتتناولها الصحافة لتوعية المواطنين مع الإشارة هنا الى انه في زمن الاستعمار لم يستطع تثبيت الطائفية كمنهج عام في البلاد بينما في عهد الاستقلال نجد ذلك، وهذا حقيقة لا يتماشى مع توجهات الدولة في الانتقال الى المجتمع الديمقراطي.
تلاها أسئلة من الحاضرين، بدأها الدكتور عادل الجشي بسؤال حول احداث الاسبوع الماضي في البحرين، والتصعيد الإعلامي المرافق وكأن البحرين في حالة تدمير، وليس بلدا آمنا في ظل قرب موعد الانتخابات البلدية والنيابية، وتساءل فهل لهذا التصعيد ما يبرره؟ فيما أوضح علي ثامر أن خلافات المعارضة مع الحكم لا تكتشف إلا مؤخرا حين يحصل الدمار مستشهدا بقول الدكتور حيدر الملا من تيار القائمة العراقية الذي كشف اننا كنا كمعارضة نعتقد ان خلافاتنا كانت مع النظام العراقي، وها نحن نكتشف ان خلافاتنا ليست مع النظام وإنما مع الآخرين حول مفهوم الدولة.
ومن جهة اخرى، اوضح الدكتور حسين يحيى ان الطائفية ليست مشروعا محليا بقدر ما هو مشروع امبريالي (دول كبرى) الذي جاء بالاحتلال الى العراق وفجر نيران الطائفية، وها هي الامة العربية تدفع ثمن ذلك، ومن الأنكى ان الطائفية تدار باسم الدين والوطنية، والدين والوطنية منها براء، وعلى هذا الأساس نقول: "بما ان الطائفية هي مشروع، وعلى هذا الأساس، نحن نحتاج الى مشروع آخر ينطلق من رؤى النخبة ويمتد الى القواعد الشعبية".
كما طرحت تساؤلات هل نحن في البحرين في مرحلة بناء الدولة أم اصلاح الدولة، ومن المسئول بالضبط عن الأحداث الأخيرة، مع تأكيد ضرورة علاج الحدث بروح المسئولية.
وفي سياق الحوار حول موضوع الوحدة الوطنية وارتباطها بالأحداث الاخيرة، قال محمود القصاب: "علينا أن ندين كل اساليب الحرق والتخريب، متسائلا: ما هي أهداف من يقومون بالحرق؟ مشددا، إذا كان لهم حقوق، فالحقوق لا تؤخذ بهذه الأساليب".. وتابع ثم نأتي الى محاسبة الدولة، وهل قامت بواجباتها أم لا؟ وأضاف كما يجب أن نخاطب رجال الدين، ونرى هل قاموا بواجبهم في مخاطبة هؤلاء الشباب، وامرهم بالتوقف عن حرق الإطارات وتخريب ممتلكات الدولة والاخرين؟
أما عبدالحميد عبدالغفار، فقد أكد أهمية ان تعمل القوى السياسية على ايجاد مرجعية خاصة بها، مشيرا الى أن المشهد السياسي الحالي يشهد تآكلا لبعض القوى. فيما أكد عبدالجليل النعيمي في نهاية المعقبين ان الظرف الذي تمر به البلاد بحاجة الى أن ينتخب المواطن البحريني نوابا مؤهلين، وليس الانتخاب على أسس الطائفة أو الحزب، منوها هنا الى ان الدكتور حسن العالي هو أحد العاملين في التيار الوطني الديمقراطي، نتمنى له كل التوفيق.
وفي رد للدكتور علي فخرو على ما طرح من أسئلة وتعقيبات، أبرز النقاط التالية: أولا: البحرين جزء لا يتجزأ من العالم العربي والإسلامي، ولا يمكن عزلها عما يجري في محيطها.
ثانيا: لا يمكن حل المشاكل وحل الازمات وهناك إعلام يعمل على تأجيج الصراعات والخلافات المذهبية.
ثالثا: ليس علينا ان نبالغ في القول إن هناك أناسا يريدون تدمير الدولة لكونهم يستخدمون العنف.
رابعا: يجب ان نرفض العمل السياسي المبني على العنف، وإنما النضال المبني على السلام، ولكن ليس السلام بمفهوم الماء الراكد لأن النضال هو عبارة عن تراكمات تؤتي ثمارها عبر مرور السنوات في تشكيل قوة قادرة على التغيير.
خامسا: مطالبة رجال الدين بأن يكونوا (عقلاء).. فهذه مطالب فردية ولكن لا نقبل دعوات التحريض.. سادسا: العمل الجاد على توقيع "ميثاق" بين القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني برفض انتهاج الطائفية في القول والفعل.
سابعا: نحن على أبواب انتخابات مقبلة، ولابد للناخب ان يعرف الخيط الأبيض من الخيط الاسود.
ثامنا: لابد من التنبيه أن هناك كتابا في صحف محلية هم أخطر من الحرائق التي تشعل في الشوارع لأنهم يشعلون حرائق في القلوب والأفئدة.
واختتم الدكتور فخرو بأهمية ان يعمل الجميع على إصلاح الدولة من خلال توصيل نواب صالحين أكفاء يخدمون بلدهم وشعبهم الذي يتطلع إلى ان تكون مرحلة الاصلاح هي مرحلة اصلاح حقيقية ترتقي بالبحرين الى مصاف الدول الديمقراطية.