التاريخ بطبعه ميال إلى الإنصاف متناغم مع صناعه، له وقفة مع الحق، مع من ساهموا وبقوا بعد – رحيلهم الجسدي- يساهمون في إرساء دعائم البشرية من خلال أدوارهم الحضارية في البناء والتنمية وتأسيس وعي جماعي بدور الإنسان على هذه البسيطة.
23/يوليو/2010 تمر علينا ذكرى رحيل القائد المؤسس للبعث أحمد ميشل عفلق الذي غادر دنيانا بعد تسع وسبعين سنة حافلة بالفكر والعطاء والنضال، كانت فرادة حياته نصاعة فكرته، وكانت أفكاره عهدا للبطولة وثورة انقلابية ونظرة شمولية وصدا حيا لتاريخ الأمة العربية، عطاءه حبه الوجداني لأمته وسيفه الممشوق من أجلها وتصميمه القوي على تثوير الطاقات بها، سر اكتشافه لمكامن النهوض في الأمة هو تمعنه الأصيل في فهم تاريخها واستلهام كل قيمها واستنهاض كل هممها ومن هنا بزغ فجر نضاله فكان الوطن العربي ساحة نضاله التي رآها وحدة منسجمة ارتقت إلى مستوى ما هو منشود لأمة كالأمة العربية.
فقدم البعث آلاف الشهداء بل مئات الآلاف من الشهداء في سوح المعارك دفاعا عن حياض الأمة بدء بفلسطين مرورا بالجزائر ومصر وسوريا ولبنان وانتهاء بملحمة العصر التي يخوضها البعثيون تلامذة الأستاذ ميشل عفلق رحمه الله على أرض العراق الطاهرة التي تكالبت عليها قوى الشر والعدوان والتي أثبتت الأيام من خلالها صدق ونزاهة فكر البعث العربي الاشتراكي الذي بشر به المرحوم أحمد ميشل عفلق، وكان ماكينة لصناعة الأبطال، وإحياء للنخوة العربية، والتقاء مباشرا مع ما بشر به سيد البشرية محمد ابن عبد الله(ص).
كل الافتراءات والقراءات المشوهة لفكر البعث والتي استهدفته من قبل أعدائه وأنداده الذين رأوا عكس ما رءاه البعث آنذاك وضعت الآن في مزابل التاريخ ولم تعد سوى قصص بالية يلوكها من تلوثت أيديهم بقتل أبناء العراق والمساهمة في احتلاله وتسليمه للإحتلالين الأمريكي والصفوي، حتى إذا ما استفاق المواطن العربي على صوت وهدير أبطال البعث، تنادت القراءات المنصفة وبدأ العد العكسي: الأمة توجد حيث يحمل أبناؤها السلاح، وتوالت الاعتذارات من من امتلكوا الشجاعة إنصافا للحقيقة وخوفا من أن يجرف التاريخ مصداقيتهم، ليسقط في وحل المستنقع من قال عنه الراحل أحمد ميشل عفلق إنه أكثر عرقلة لنهضة الأمة من إمكانية مساهمته في بنائها وتطورها وتقدمها ليبقى جزءا من الخلل الداخلي…
كل من قرأ ميشل عفلق أرغم على إعادة قراءته مجددا من منظار مختلف، فالذي شاهد الرئيس الشهيد صدام حسين وصحبه الحجة البالغة، وهم يقدمون أنفسهم فداء لأمتهم بعد أن ترفعوا عن بهارج الحكم وأضواء السلطة يدرك جيدا من أي طينة نبع جاء البعث.
من معدن الشموخ مدت قامة الأستاذ ميشل عفلق ومن طينة الملهمين جبلت سويته مفكرا عربيا أصيلا في تفكيره، البعث عنده حب للعروبة والإسلام.
أن يستهدفه المحتلون وأزلامهم بعد أن احتلوا بغداد فعمدوا حقدا إلي تدمير ضريحه وهو راقد يصنع التاريخ من قبره فهذا أكبر دليل على خلوده حيا في قلوب الشرفاء من أبناء جلدته ولئن واصلوا بمكر الماكرين فكرة اجتثاث البعث، فإن البعث الآن يجتث لهم رجولتهم جريا على تعاليم الأستاذ أحمد ميشل عفلق الهامة العظيمة والقامة التي تستعصي على الاجتثاث.