قبل سبع سنوات احتلت الولايات المتحدة الامريكيه أفغانستان، وفي العشرين من آذار 2003 تم غزو العراق ويبقى السؤال المهم … هل حققت إدارة بوش أهدافها التي صاغتها كمبررات لهذه الجرائم ؟ وهل أصبحت أمريكا بمنأى عن ما أطلقت عليه كذبا بالإرهاب؟ ،ورغم أن الوقائع على الأرض أجابت وتجيب يوميا على هذه الاسئله الافتراضية ومع ذلك فأن السياسة الخارجية الأميركية لم تفشل فقط بل وباتت كارثة على الأمريكيين والعالم الذي أصبح يعاني من خطورة نزوات أمريكا أكثر من أي خطر آخر تدعي إدارة بوش وجوده لاسيما بعد فشلها في التغلب على معارضيها الخارجيين؟!
أن الحادي عشر من أيلول كان يمثل وسيلة لتحقيق هدف طالما سعى إليه الحزب الجمهوري وهو إثارة الخوف والقلق لدى الأمريكان وتوجيه أنظار الأمريكيين إلى الأعداء الخارجيين الذين تبتدعهم الاجهزه ألاستخباريه الذي ثبت عجزها عن مواجهة تزايد مظاهر الإرهاب وهذا يدلل على وجود انهيار تنظيمي، وليس مجرد أخطاء فرديه ومن هنا يتوجب على المسؤلين الأمريكيين تلمس الحلول ألموضوعيه الصائبة لما يواجهونه من تحديات قادمة.
أن الإرهاب كما تشير إلى ذلك كثير من البحوث والدراسات صناعه استخباراتيه امريكيه غربيه بامتياز بمعنى انه كان واحدا من التهديدات المشخصة قبل الحادي عشر من أيلول كما أشارت تقارير وكالة المخابرات المركزية إلى تلك التهديدات التي رفعتها إلى الكونكرس بين 1994 و2001،وكانت تشير إلى تنظيم القاعدة باعتبارها أخطر التهديدات بالنسبة للأمن القومي الأميركي. كما كان يشار إلى الإرهاب في كل خطاب حول حالة الاتحاد خلال تلك الفترة أيضاً. و قبل الحادي عشر من أيلول أكدت كثير من التقارير على القدرات الاستخباريه وجهود محاربة الإرهاب ، وقد شددت تلك التقارير على ضرورة إجراء الإصلاحات المطلوبة وبسرعة، حيث أصدرت في حينها 340 توصية… غير أن أياً منها تقريباً لم ينفذ وهذا يعني "لم تكن للحكومة الأميركية ولا لأجهزة الاستخبارات أي إستراتيجية جديه شاملة لمحاربة القاعدة" قبل الحادي عشر من أيلول .
إن الأخطاء الكارثيه لأداره بوش أعطت زخما ومبررات لتنظيمات القاعدة بدلا من إضعافها أي أن النتائج جاءت عكس ما أرادها بوش وإدارته وهذا ما بدا واضحا في عدد من التقارير الاستخباراتيه التي كشف عن مضمونها أخيرا حيث أكدت أن "القاعدة" اليوم أقوى من أي وقت مضى في باكستان، وأن "القاعدة" تنشط في العراق، وأن الإرهابيين المتأثرين بـ"القاعدة" في تزايد مستمر عبر العالم.
لقد انتقدت هذه التقارير الرؤساء الذين تعاقبوا على وكالة المخابرات المركزية لأنهم لم يهتموا كثيرا بتحليل معطيات الأوضاع التي سبقت هجمات الحادي عشر من أيلول ولم يقدموا تقييمات شامله حول مخاطر تنظيم القاعدة وتهديداتها خلال الأشهر الست التي سبقت تلك الهجمات.
ورغم أن هناك زيادة كبيره في عدد الجهات الاستخباريه التي وصل عددها إلى ستة عشر وكاله أضافه إلى عددا متزايداً من المنظمات الاستخباراتية على صعيد الولايات، إضافة إلى 40 "مركزاً للدمج" بهدف تنسيق المعلومات حول الإرهابيين. والشئ المهم هنا أنه بعد مضي سبع سنوات على أسوأ هجوم في تاريخ الولايات المتحدة، فإن تينيت وزمرته رحلوا جميعاً، لكن جلَّ مواطن ضعف "سي آي إيه" مازالت قائمة.
لازالت اسطوانة بوش (المعطوبة) تدور مكرره ذات النغمات التي لم تعد تجد لها آذان صاغية من احد لا بل إنها أصبحت مصدر إزعاج لسامعيها حتى من أولئك الذين حلا لهم ركب موجة الاداره الامريكيه الصهيونية ألمحافظه في حين يستمر المسؤلين الأمريكيين يتهمون القاعدة بأنها أزهقت أرواح العراقيين وإنها مصدر الاضطراب والتشضي في المجتمع العراقي وإنها….. وإنها..الخ…
ومن حق المواطن العراقي أن يسأل السيد بوش وحلفائه وعملائه كم هم ضحايا عمليات القاعدة سواء في العراق أو في غيره وكم هم ضحايا المجازر التي ترتكبها أمريكا بحق شعوب العالم وفي ضوء حساب النتائج سنقرر من هم صناع الإرهاب (حسب الوصف ) الأمريكي….. وبدون الحاجة للرياضيات نجد أنفسنا أمام حقيقة لايحجبها غربال ماكينة الدعاية الامريكيه التي تقول أن الامريكين قتلوا الملايين سواء في العراق أو في غيره وهذه الأرقام هي نتيجة التدخل الأمريكي المباشر في شؤون هذه الشعوب أما إذا أضفنا الضحايا للمؤامرات التي تحيكها الاجهزه المخابراتيه الامريكيه في العالم فإننا نجد أنفسنا أمام أرقام فلكيه لان اغلب حالا ت الموت الجماعي في العام تشير بأصابع الاتهام إلى أمريكا التي تقف وراء الكوارث والحروب وانتشارالاوبئه والإمراض….. إذن لماذا يوجهون كل هذه الحملات إلى القاعدة واسامه بن لادن ويتركوا السيد بوش يسرح ويمرح ويحلل ويحرم ويبرئ ويجرم على هواه ؟
إن أول خطوه لتصحيح الأوضاع في العراق ومن خلاله في العالم هو محاكمة من تسببوا في كل هذه الجرائم والعالم مطالب بصحوة ضمير وان أول من يجب أن تصحو ضمائرهم هم الشعوب الامريكيه لأنها هي من اختارت هؤلاء المجرمين العتاة ليهيمنوا على أمريكا ومن خلالها يصدروا الموت والشر إلى البشرية ومن هنا عليهم أن يقرروا من يجب أن يقودهم إلى السلام والأمان في ألمرحله القادمة وان يجبروه على ذلك أيا كان اوباما أم ماكين رغم أننا غير متفائلين بالاثنين!.
ان الشعب العراقي قبل احتلاله لم يكن يعرف في أدبياته شيئا اسمه القاعدة ويرجع الفضل بتعرفهم تفصيليا عن أسامه بن لادن والقاعدة إلى السيد بوش وإدارته العتيدة بعد مسرحية 11 أيلول 2001 بمعنى إن العراقيين لايمتون بصله للقاعدة قبل احتلال بلدهم لا من قريب ولا من بعيد بل الأهم أن النظام في العراق حينها كان على خلاف إيديولوجي مع القاعدة ومن هنا فان ما يعرف اليوم بتنظيم القاعدة في العراق إنما هو نتاج للاحتلال الأمريكي للعراق وليس ابتكارا عراقيا كما يحاول أن يصوره بوش ..وكل مايرتكب اليوم بحق الشعب العراقي من جرائم تتحملها الاداره الامريكيه وعملائها بالكامل أيا كان عنوانها أو مرتكبيها.
إن ادعاءات السيد بوش انه يحارب الإرهاب ادعاءات كاذبة لان الجميع يعرف اين يتواجد أسامه بن لادن والقاعدة ولهذا فان بوصلة التحرك للذين يدعون أنهم يستهدفون القاعدة ويطالبون برأس بن لادن يجب أن تتوجه إلى حيث يتواجدون وقطعا أنهم ليسوا في العراق وهذا يعني إذا كانت هذه حججهم فعلا فعليهم أن يتركوا العراق ويذهبوا إلى هناك وهنا نطرح سؤالا مهما لماذا تنشر أمريكا عشرين ألف جندي في أفغانستان ومنهم فقط ألفي من المارينز وهي الهدف الأول المعلن للحرب على الإرهاب وتنشر أكثر من مائتي ألف جندي في العراق ومنهم خمس وعشرين ألف من المارينز عدا أكثر من 280 ألف مرتزق من الشركات الخاصة بالحمايات ..علما انه لايوجد أي عراقي متهم بالمشاركة بأحداث أيلول .
إن الملفت للانتباه أن بن لادن ومساعديه أصبحوا أكثر ظهورا في وسائل الإعلام من قبل وعادوا إلى الأضواء من جديد بعد غياب أكثر من ثلاث سنوات ليدحضوا كل فرضيات ونظريات الاداره الامريكيه وعلى خلاف ما أشاعوه عن بن لادن فالرجل يظهر بشكل متوازن واثق من نفسه متمتع بالحيوية وبصحة جيده وبلحية سوداء ! وبخطاب لايخلو من نبرات القوه والتحدي للأخر ومنبها للأمريكيين أنهم كانوا سببا أساسيا بما وصل إليه العالم من كوارث….. ومع أن كل شئ أصبح كامل الوضوح فأن بوش وهو في آخر أيام سلطته مازال يؤكد صحة منهجه القاتل في العراق مكررا محاولاته للصيد في الماء العكر وهنا يلفت انتباهنا أمر طالما كان محط شكوكنا وهو التزامن بين رسائل بن لادن والظواهري مع أيام المحن التي يعاني منها بوش وإدارته حيث تأتي هذه الرسائل وكأنها قارب نجاة لبوش فهل هي محض صدفه تتكرر أم أنها سياق طبيعي في خصومات الطرفين ؟
أن الأمور تسير في صالح من تصفهم الاداره الامريكيه بالإرهاب حيث هم من سيبقون بعكس بوش الذي ستنتهي ولايته قريبا .