هاني الفردان
بالتأكيد لن يكون يوم الحشر العظيم الذي وعدنا به رب العالمين في جنيف بسويسرا كما تخيّل البعض، إذ تطلب ذلك رداً رسمياً عبر «تويتر» يؤكد أن «هناك من يصور اجتماع جنيف وكأنه يوم الحشر»، ليؤكد لهم ويهدئ من روعهم بأن الجلسة ما هي إلا «ساعة واحدة سنتكلم ونستمع وننتهي بسلام».
ذلك التصور لجلسة جنيف، ضغط على الجميع، وجعل الإرباك يحدوهم بشأن ما سيحدث في جنيف، فهناك من دعا لمحاسبة وزير لأنه في إجازة والعالم منشغل وخائف من يوم «المحشر» ومن جلسة جنيف تحديداً.
فيما ذهب آخرون إلى أن يدعوا الله بأن ينصر الوفد الرسمي على «وفد النجف»، وحشد العالم، وحشدت الوفود بأعلى المستويات والدرجات، رسمية، تشريعية، تجارية، ورجال دين ليوم «الحشر»، أم «الواقعة» وربما «أم المعارك».
ساعة جلسة جنيف ستنتهي بسرعة، وسيتكلم فيها الجميع، وسيشارك فيها أيضاً وفد «النجف» الرافضي الصفوي الذي يسعى لتشويه سمعة بلاده ونشر غسيله دون أي حياء أو خجل! ولذلك وصف قنصل بحريني الوفد الأهلي البحريني بـ «وفد النجف»!
باختصار… تسمية وفد المعارضة إلى جنيف من قبل قنصل بوزارة الخارجية بـ «وفد النجف» ماذا يعني؟ تخوين، عمالة، أو ربما يوضع في إطار الاستنقاص الساذج.
وفي الوقت الذي يرفض فيه الوفد الرسمي في جنيف أي حديث عن وجود تهديد أو تخويف أو تخوين لنشطاء حقوق الإنسان المتعاونين مع آليات الأمم المتحدة، فإننا نجد قنصلاً تابعاً لوزارة الخارجية في سفارة البحرين بدولة عربية يغرّد عبر «تويتر» ويصف الوفد الأهلي بأنه «وفد النجف»، في إشارةٍ ودلالةٍ واضحة، لا تحتاج إلى أي تفسير أو توضيح.
في حلقة النقاش بشأن مسألة التهديد أو الانتقام ضد الأفراد والجماعات ممن يتعاونون أو تعاونوا مع الأمم المتحدة، يوم الخميس (13 سبتمبر/ أيلول 2012)، على هامش اجتماعات الدورة الحادية والعشرين لمجلس حقوق الإنسان، أعرب المندوب الدائم للمملكة لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى بجنيف السفير يوسف عبدالكريم بوجيري عن أسفه واستهجانه من بعض منظمات حقوق الإنسان ومواقفها التي تعتمد نظرةً أحاديةً بالنسبة إلى المعلومات التي تردها، حيث تتبنى فقط ما تسمعه من طرف واحد وتصم الآذان عن الردود الرسمية بهذا الشأن، إذ إن مثل هذا التوجه يمثل نوعاً من الانحياز المسبق الذي يجب أن يتنزه عنه العاملون في هذا المجال الذين يتطلع منهم أن يقوموا بدور ايجابي لمساندة الحقيقة بكل موضوعية.
هل سنجد المندوب الدائم يعبر أيضاً عن أسفه واستهجانه، لمن يسيء للوفد الأهلي البحريني من قبل قنصل بحريني؟ وكيف سيفسر لنا مندوب المملكة حديث زميل له وإساءته لوفد شعبي متعاون مع الأمم المتحدة، يختلف مع الوفد الرسمي في أطروحاته وتوجهاته، إلا أن المحسوبين على الرسميين والدبلوماسيين يخونون هذا الوفد، لمجرد الاختلاف معهم.
المندوب الدائم طالب بأن تكون ادعاءات التخويف والانتقام، التي يتم توثيقها واعتمادها في التقارير الرسمية للأمم المتحدة وكافة وثائقها الرسمية، يجب أن تكون مبنيةً على مصادر موثوقة، وذات مصداقية، خصوصاً في حال الاعتماد على وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمدونات أو الشبكات الاجتماعية التي يجب التأكد من مصدرها الأصلي وحقيقتها، فهل صفحة «تويتر» للقنصل البحريني غير حقيقية، وهل ما جاء فيها من تهجم على الوفد الأهلي «مفبرك»؟ ساعة وتنتهي جلسة جنيف، سيتكلم البعض وسيستمع، وستنتهي الأمور بسلام، ولن نشهد يوم «الحشر» فيها بالتأكيد، فلماذا كل هذا الخوف والإرباك والتخوين والتسقيط إذاً؟