يحتفل العالم في مثل هذا اليوم من كل عام باليوم العالمي لحقوق الإنسان، حيث يركز موضوع احتفالية هذا العام 2021 على المساواة والحد من التفاوت والدفع قدما بإعِمَال حقوق الإنسان.
ووفقا للأمم المتحدة، فإن تفشي الفقر وعدم المساواة والتمييز الهيكلي تعتبر من انتهاكات حقوق الإنسان، وهو من بين أكبر التحديات العالمية التي تواجه عصرنا. وتتطلب معالجته بشكل فعال اتخاذ تدابير مترسّخة في حقوق الإنسان، وتجديد الالتزام السياسي وإشراك الجميع، لا سيما الأكثر تضررًا. فنحن بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد يتقاسم المجتمع بموجبه السلطة والموارد والفرص بشكل أكثر إنصافًا، ويجب أن يشكّل الاقتصاد القائم على حقوق الإنسان أساسَ العقد الاجتماعي الجديد.
وفي اليوم العالمي لحقوق الإنسان، يرى التجمع القومي إن مجتمعاتنا العربية، ومجتمعنا البحريني بشكل خاص، بحاجة ماسة لتجسيد هذه المبادئ الانسانية العظيمة، حيث إننا نجد، وللأسف ان نهج التنمية السائد في بلادنا، لا يحقق المساواة وعدم التمييز، بل العكس من ذلك، حيث تؤدي اجراءاته وسياساته الاقتصادية والمالية الى المزيد من عدم المساواة والتمييز بين فئات المواطنين، والمتضرر الرئيسي منها هم الفئات الاقل دخلا والضعيفة اقتصاديا وماليا.
نحن بحاجة بالفعل الى نهج اقتصادي قائم على حقوق الانسان في مجتمعنا، نهج يسهم في رفع المستوى المعيشي للمواطنين، لا إفقارهم، نهج يجني الضرائب من اصحاب الثروات والشركات الكبيرة لاستخدامها في تحسين مستوى الحياة للغالبية العظمى من المواطنين الذين يعانون من تدني مستويات معيشتهم، لا نهج يفرض ضرائب واشكال من الدعم والرسوم والغاء زيادات معاشات للمتقاعدين يساوى فيها بين الغني والفقير، نهج يوفر فرص العمل الكريمة للمواطنين وفرص الاعمال المجزية للتجار ورجال الإعمال لا اغراق الاسواق بالعمالة الوافدة الرخيصة التي تستحوذ على جل الوظائف، والاستثمارات الاجنبية المتدنية التي تنافس رجل الاعمال التاجر البحريني في رزقه، نهج تنموي يحافظ على حقوق اجيالنا الصاعدة والقادمة في وطنهم وثرواته لا نهج يغرق الاقتصاد والمجتمع بالديون ويهدر الثروات العامة بالفساد والتجنيس.
وهذا يفرض كما تدعو الامم المتحدة الى صياغة عقد اجتماعي جديد يقوم على التشارك بين الدولة والشعب، عقد اجتماعي يقود إلى تأسيس دولة المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات والحريات الديمقراطية.
وفي هذه اليوم ايضا، نحن ندرك ادراكا عميقا الحاجة الماسة ليس للإصلاح الاقتصادي فحسب، بل الاصلاح السياسي والدستوري والمؤسساتي، فلا يمكن قيادة نهج التنمية الاقتصادية نحو تحقيق اهدافه الاجتماعية في العدل والمساواة دون وجود مؤسسات برلمانية ودستورية قوية ومستقلة منبثقة عن الارادة الشعبية، وتمتلك كافة الصلاحيات التشريعية والرقابية التي تؤهلها لتطوير وصيانة وحماية حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
لذلك ، فأننا نجدد في مناسبة هذ اليوم الدعوة الصادقة لكافة الاطراف، وفي مقدمتهم الحكومة، لفتح الحوار البناء من اجل الخروج من الازمة السياسية المتواصلة منذ العام ٢٠١١، وان يتزامن ذلك مع اعادة اشراقة الحياة الديمقراطية وفقا لما بشر به ميثاق العمل الوطني واطلاق الحريات وسراح المعتقلين السياسيين واعادة جوازات المسقطة جنسياتهم وصولا الى الاتفاق على المطالب الوطنية المشروعة التي تنقل مملكتنا الحبيبة الى مرحلة جديدة من العمل الوطني.
ولا يفوتنا في هذه المناسبة ان نجدد مطالبتنا بالسماح الجمعيات السياسية، على مختلف تلاوينها، بأن تأخذ دورها الطبيعي في العمل الوطني وتوفير الدعم السياسي والاعلامي والمادي لها، كحق سياسي لها، وذلك على قاعدة تمسكها بالثوابت الوطنية والابتعاد عن النهج والخطاب الطائفي وأن تعمل على تعزيز المطالب الوطنية لا الفئوية.
كما ان اطلاق حرية عمل الجمعيات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني وحرية الصحافة والاعلام تقع جميعها في صلب حقوق الانسان المدنية التي لا غني عنها لبناء دولة المواطنة والمساواة وعدم التمييز
التجمع القومي
المنامة
10 ديسمبر 2021 م