بقلم ركاد سالم "ابو محمود"
أمين عام جبهة التحرير العربية
اتهمت الولايات المتحدة واسرائيل الرئيس الشهيد صدام حسين بالارهاب لانه قدم العطاء السخي لأسر شهداء الانتفاضة الثانية 10 الاف دولار لكل عائلة شهيد وخمسة وعشرين الف دولار لكل بيت هدمته اسرائيل.
وعندما حاولت امريكا وعملائها من عرب اللسان فرض حصار على م.ت.ف. ورغم حصار العراق لم يبخل رحمه الله بالعطاء السخي لمنظمة التحرير الفلسطينية وقدم كل ما تحتاجه القيادة الفلسطينية لاستمرار صمودها في وجه الاحتلال الصهيوني الغاصب وقد اتخذ هذا الدعم لاسر شهداء الانتفاضة احد الاسباب المعلنة لاجتياح العراق عام 2003.
كان شديد الايمان بان الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين وان التسويات السياسية لن تعطي شعب فلسطين ادنى حقوقه في دولة مستقلة عاصمتها القدس ولو على قسم من ارض فلسطين وان التسوية العادلة هي نتيجة لموازين القوى وليست لاي شيء آخر. لكنه في الوقت نفسه حريص على م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني على طريق التحرير.
وكان حريصاً رحمه الله ان لا يجير الموقف المبدأي لحزب البعث العربي الاشتراكي وجبهة التحرير العربية المتمسك بفلسطين عربية من النهر الى البحر وبالمقاومة طريقاً وحيداً للتحرير في خدمة القوى المتآمرة والانتهازيين, ولذلك وجه بكتاب حمله امين عام جبهة التحرير العربية اثناء عقد المجلس الوطني في الجزائر عام 1988 نصه: "انه في الوقت الذي علينا ابداء رأينا المبدأي في التمسك بالثوابت المبدأية لحزبنا حزب البعث العربي الاشتراكي. الا انه في هذه المؤتمرات ولمنع المتآمرين والانتهازيين من استغلال موقفنا لذلك يطلب التنسيق مع الشهيد الرمز ابو عمار."
وفي العام 2000 استقبل رحمه الله قيادة جبهة التحرير العربية وبعد ان استمع من الرفيق امين عام الجبهة والرفاق اعضاء القيادة عن الوضع السياسي والمماطلة الاسرائيلية في عدم تنفيذ المرحلة الثانية وما اتفق عليه في اوسلو, واستمرار اسرائيل في سياستها العدوانية من بناء المستوطنات ومصادرة الاراضي وهدم البيوت وتغيير الواقع الديموغرافي في الضفة الغربية, تحدث رحمه الله بقوله: ان الاحتلال لن يحلوا معكم اي لن يصلوا الى تسوية سياسية مع الفلسطينيين واضاف لا يمكن للص الوصول الى تسوية مع صاحب البيت. اسرائيل احتلت الاراضي الفلسطينية بتواطئ ودعم غربي ولن تصل الى تسوية مع اهلها. والطريق الوحيد لاسترجاع فلسطين هو الكفاح المسلح المدعوم من قوى الثورة العربية. لكن الواقع مختلف ولذلك فكلما علت اصوات المنادين بالتسويات السياسية في الوطن العربي وداخل فلسطين كلما ارتفع صوتنا بالرفض وتقديم الدعم للصامدين في الاراضي المحتلة.
رفض رحمه الله المساومة على فلسطين لقاء فك الحصار عن العراق وعندما جائه مبعوث البابا الكردينال روجيه اتشيغاري متوسطاً لفك الحصار استقبله الرئيس الشهيد ثم تحدث مبعوث البابا ما مضمونه "يا سيادة الرئيس لقد بات واضحاً للجميع بأنك اشجع رجل في العالم وانك نجوت عدة مرات من موت محقق بفضل شجاعتك وصمودك ولكن يا سيادة الرئيس انت بحاجة الآن الى مبادرة شجاعة من اجل فك الحصار عن العراق لانك مهما قدمت من مبادرات فلن تثمر وحدها وهو الاعتراف باسرائيل هذه المبادرة كفيلة بفك الحصار عن العراق, ثم شكر الرئيس لحسن استماعه "وقد اجابه الرئيس في حينه: طبعاً يجب ان تشكرني انني استمعت لك لتتحدث بهذه التفاصيل واضاف رحمه الله اننا لن نساوم على فلسطين ولن نرضى الاعتراف باسرائيل على ارض فلسطين مقابل فك الحصار عن العراق واضاف لقد استقبلناك على اساس الانساني ولكن يبدو انك مخدوع كالاخرين بشأن امكانية الموقف السياسي العراقي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية واضاف سأترك القاعة لاحد المهتمين بشؤون البروتوكول واذهب لاداء مهمات تتعلق بالشعب والوطن وترك المبعوث البابوي يتلفت وحيداً وهو كتلة من الحرج جراء فشله التام.
كان رحمه الله واسكنه فسيح جناته يدرك جيداً مدى التلازم بين المصالح الاميركية والاسرائيلية, وان من اولويات السياسة الاميركية في منطقة الشرق الاوسط الحفاظ على سلامة وامن اسرائيل.
ولذلك قامت القوة الصاروخية العراقية الباسلة اثناء العدوان الامبريالي الغربي المدعوم بقوى التآمر على العراق عام 1991 بضرب تل ابيب بـ 39 صاروخ اصابت اهدافها وتسببت باضرار بالغة.
وفي عام 1982 واثناء حصار القوات الصهيونية لبيروت, وقد اشتد الحصار وردت برقية الى قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي وجبهة التحرير العربية وهي رسالة من الشهيد الرمز صدام حسين الى الاخ القائد الشهيد ابو عمار مضمونها ان القوات العراقية على استعداد تام للتوجه الى بيروت وفك الحصار عن المقاومة الفلسطينية فيما اذا اوقفت ايران عدوانها مؤقتاً عن العراق, وعلى ان تسمح القيادة السورية بمرور هذه القوات وقد سلم الرسالة في حينها الرفيقان راضي فرحات ونائب امين سر قيادة قطر لبنان و"أمين عام جبهة التحرير العربية" ولكن المفاجئ في الامر ان القوات الايرانية بعد الرسالة قامت بشن هجوم على البصرة.
ويروى عن بيغن قوله كنت لا انام طوال الليل وعندما سألته زوجته أليزا ما الذي يؤرقك قال لها صدام حسين, انه يعلم اطفال المدارس حين زيارته لهم اثناء الحرب العراقية الايرانية ويسألهم من هو عدو العراق وعدوكم يجيبونه انها ايران فيقول لهم كلا انها اسرائيل كما ان صدام حسين يعمل وبكل جهد من اجل الوصول الى امتلاك قوة نووية.
لذا قامت طائرات الاف 16 الاسرائيلية الاميركية الصنع عصر يوم 7/6/1981 بضرب المفاعل النووي العراقي الموجود في مدينة سلمان باك جنوب بغداد.
الا ان هذا لم يوقف تطلعات القائد الرمز لبناء اقوى قوة في الشرق الاوسط.
وفي السبعينات من القرن الماضي وعندما اشتدت الهجمة الصهيونية والقوى الانعزالية في لبنان على المقاومة الفلسطينية, فالى جانب الدعم المادي الذي كان يقدمه لفصائل م.ت.ف فقد ارسل وحدات من القوات العراقية الخاصة والاف من مقاتلي الجيش الشعبي للوقوف الى جانب الثورة الفلسطينية وقد تحدث احد القادة الفلسطينيين قائلاً: "لا يوجد مدفع بمواجهة اسرائيل الا وبه شيء من العراق"
وما ذكرناه يبقى غيض من فيض وتعجز السطور ان تحيط بكامل مواقفه التي لا تحصر, رحم الله الشهيد القائد الرمز صدام حسين فقد كانت فلسطين كعبة نضاله وكان يؤمن ان ما يجمع مناضلي الامة هو التوجه لتحرير فلسطين وان وحدة الامة العربية هو بالانتصار على الامبريالية والصهيونية التي ارادت من وجود اسرائيل اداة تجزأه للامة العربية.
ارادوا من استشهاده في صباح عيد الاضحى عام 2006 ارهاب الامة العربية وادخال الحزن الى نفوسها في يوم عيدها لكن الثورة التي اعلنها الشهيد الرمز صدام حسين استطاعت هزيمة اميركا وحلفائها الذين خرجوا من العراق يجرون اذيال الهزيمة. ويبقى القائد الرمز صدام حسين خالد في ضمير شعبنا الفلسطيني حيث له في كل بيت اسرة شهيد رسم, باق في عقول ونفوس احرار العرب والعالم, خالد في نضال الالاف من ابناء البعث الذين يرددون كل يوم شعار امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة.
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.