معن بشور
يبقى يوم 19 آذار 2003، يوم الحرب الأمريكية – الأطلسية على العراق جرحاً بليغاً في ذاكرة الأمة ووجدانها، لا لأنه بداية احتلال للعراق ما زالت تداعياته المدمرة مستمرة حتى اليوم فقط، ولا لأنه كان إطلاقاً لمشروع الفوضى الدموية الخلاقة التي انتقلت من العراق إلى العديد من أقطار الأمة فحسب، بل لأنه كان يوم أدرك فيه أبناء الأمة بوضوح انه لولا تواطؤ بعض حكام الأمة في التحريض والتشجيع والتسهيل وتكريس نتائج الاحتلال ، ولولا تنسيق سري مع حكام آخرين في الإقليم، لما أمكن لهذا الاحتلال أن يمر، ولما أمكن لتداعياته أن تتحكم بمصير العراق، ولما أمكن أن تنتقل مفاعيله إلى خارج القطر العزيز.
بين الخطيئة المدمرة لمن حرض وشجع وسهل وكرس النتائج، والخطأ الفادح الذي وقع به من راهن على انه قادر على “استثمار” احتلال العراق لصالحه، دخلت الأمة، وفي المقدمة منها العراق، في نفق دموي معتم مجهول المصير دون أن ينج احد من نتائجه.
في يوم كهذا لا بد من أن نحيي كل شهداء العراق من مقاومين ومدنيين ، من قادة ومواطنين، ممن دفعوا حياتهم ثمناً لكرامة بلدهم وامتهم، ونحيي كل من وقف ضد هذه الحرب المستمرة على العراق والأمة ويدفع اليوم ثمن وقفته، وكل من كتب أو تظاهر أو تطوع دفاعاً عن العراق، فهم كانوا الأكثر التزاما بالمبادئ الوطنية والقومية والإسلامية، وهم كانوا الأكثر حكمة ودراية ومعرفة بمآل الأمور ونتائجها.
إذا كانت محنة الأمة في أواسط القرن الفائت بدأت بنكبة فلسطين، فمحنتها في بداية القرن الحالي بدأت باحتلال العراق وامتدت إلى أقطار عزيزة رئيسية في الأمة. ان الخروج من محنة هذا الزمن يبدأ في العراق عبر تحريره من كل أنواع الاحتلال وتداعياته عبر “ميمات أربع″ أعلناها بالمؤتمر القومي العربي الثالث عشر الذي انعقد في صنعاء (حزيران عام 2003) وهي “مقاومة، مراجعة، مصالحة، مشاركة”.