مالك عبدالله
«لا أحد فوق القانون»، بصراحة هذه الكلمة العجيبة الجميلة الرائعة التي نريد إعرابها ولكن ليس إعراباً لغوياً، بل إعراباً واقعياً لنرى أين تنفذ هذه العبارة بالضبط؟ وأين تتوقف؟ وهل هي كلام أم واقع؟
كل يوم وطلع علينا مسئول «لا أحد فوق القانون»، و«سنطبق القانون»، ولكن سيطبق على من؟ وكيف سيطبق؟ وأي قانون سيطبق؟ ما نراه واقعاً أن القانون غائب حتى في جزئياته المتفق عليها بين جميع البحرينيين وإن اختلفوا سياسياً، فكل البحرينيين لا يختلفون أبداً أن هناك فساداً مستشرياً في مؤسسات الدولة وأجهزتها، ولكن لا تطبيق للقانون ولا مفسدين!
جميع البحرينيين حتى المختلفين سياسياً لدرجة التصادم الفكري والسياسي، متفقون أن هناك عشرات من الكيلومترات التي تحوّلت وتتحوّل من الملكية العامة إلى الملكية الخاصة دون وجه حق، وفي مخالفة صريحة للدستور، والجميع يبحث عن تطبيق القانون الذي يتغنى المسئولون بتطبيقه. فمجلس النواب الحالي والسابق والمعارضة بكل فئاتها ودرجاتها والجمعيات السياسية التي قد توصف أنها قريبة من السلطة، تتفق اتفاقاً تاماً على ذلك.
«لا أحد فوق القانون»، هل يقصد المسئولون تنفيذ توصيات بسيوني التي أكدت وجود تجاوزات حقوقية وقانونية وإنسانية خطيرة؟ إذا كان نعم، فأين تنفيذ توصية بناء المساجد المهدمة ومحاكمة المسئولين عن هدمها؟ وأين محاسبة ومحاكمة المسئولين عما جرى كما طالب بسيوني؟
«لا أحد فوق القانون»، لا نعلم أي قانون يمنع فئةً كبيرةً من المجتمع العمل في مؤسسات مهمة في الدولة للتمييز الصارخ الذي يمارس ضدهم.
«لا أحد فوق القانون»، إذاً فليبلغنا المسئولون عن تجاوزات الوزراء التي رصدتها تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية السابقة وماذا حصل بشأنها؟ وماذا جرى بشأن محاسبة المسئولين عن الرمال والسواحل والأراضي؟
«لا أحد فوق القانون»، في إقالة وعدم توظيف بحرينيين وجلب أجانب لوظائف دون الإعلان عنها للمواطنين، أما في إقالة الأطباء وإبعادهم وعدم توظيف الممرضين والممرضات وتوظيف أجانب بدلاً عنهم. فأخبرونا عن أي قانون تتحدثون؟ هل هو القانون الذي يسمح بمداهمة منازل المواطنين ليلاً دون إبراز إذن قضائي؟ أم هو القانون الذي يسمح بسبّ وشتم طائفةٍ بأكملها من على المنبر؟
أخبرونا عن أي قانون، من أجل أن نتغنى معكم بهذا القانون العادل الذي يطبق على الناس، كل الناس، بغض النظر عن عوائلهم أو طوائفهم أو أعراقهم.
لا علم لنا بقانون فوق الجميع إلا القانون الذي يحاكم أول من يحاكم المفسدين الذين يعاني الناس من إفسادهم وتمتلئ تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية بشيء من ذلك الفساد.
لا علم لنا بقانون فوق الجميع، وهو يساوي صوت مواطن في دائرة بأصوات 21 مواطناً في دائرة أخرى. ولا علم لنا بقانون فوق الجميع، يمنع الزيادات عن المواطنين ويرفع بعبع الدين العام والعجز الإكتواري في وجه المواطنين، بينما تصرف أموال طائلة على أمور لا علاقة لها بالمواطن، هذا إذا لم تكن مضرةً به.
القانون الذي يكون فوق الجميع، هو القانون العادل الذي يُطبّق على المسئول قبل أصغر موظف، وعلى الغني قبل الفقير، وعلى الوزير قبل موظفيه.