هاني الفردان
شهدت البحرين خلال اليومين الماضيين حادثة فريدة من نوعها لم تحدث من قبل، فقد أقدم طلاب مدرسة ابتدائية (من الصف الأول حتى الرابع ابتدائي) وبتحريض من أولياء أمورهم على الإضراب عن الدراسة، والامتناع عن الذهاب للمدرسة، احتجاجا على أداء مديرة المدرسة.
والسؤال… لماذا؟
هل يحمل هؤلاء الطلبة، وأولياء أمورهم أجندة سياسية، تستهدف إسقاط مديرة المدرسة؟ أم لهؤلاء الطلبة وعوائلهم مخططات انقلابية؟، فكل تلك السيناريوهات ممكنة في مفهوم وزارة التربية والتعليم، إذا ما رأينا أن الحالة التعليمية في البحرين أصبحت بمفهوم الوزارة مهددة من قبل مجاميع تخريبية، تستهدف المدارس في كل لحظة، إذ لا تجد وزارة التربية عملاً غير رصد تلك الأحداث، وتصويرها على أنها عمليات إرهابية مخططة لضرب الحركة التعليمية في البحرين.
فعندما تتحول علبة المياه البلاستيكية لـ «مولوتوف» تستخدمها مجاميع طلابية للتدريب أثناء الدوام الدراسي، وعندما يحدث حريق بسيط على بعد شارع من سور المدرسة، فيصور ذلك على أنه عمل إرهابي يستهدف الحركة التعليمية…
وعندما يلقي طفل صغير بحصى على زجاج نافذة صف في مدرسته، فكأنه رمى بقنبلة عنقودية، يستهدف فيها نسف المدرسة، لتعيش وزارة التربية حالة استنفار غير اعتيادية، لأحداث عشناها لسنين، فمن منا لم يعش في مراحله التعليمية من الابتدائية حتى الثانوية مثل هذه الحالات البسيطة من تكسير لزجاج النوافذ، أو كتابة على الجدران، أو تخريب بعض الممتلكات، أو إشعال حريق بسيط هنا أو هناك، أو حتى معارك بين مجاميع طلابية داخل أسوار المدرسة وخارجها…
إذاً، حالة الفوضى التي تريد وزارة التربية والتعليم تصويرها على أنها فوضى سياسية، مخطط لها، ضمن أجندات استهداف الحركة التعليمية، ما هي إلا فوضى إدارية، نتيجة شحن نفسي لدى بعض الإداريين يحملون في صدورهم مواقف غير سوية ضد مكون رئيسي في هذا البلد.
حقيقية ما يحدث في مدرسة الدير الابتدائية، هو خوف أولياء الأمور على أبنائهم من تهم وتلفيقات أصبحت من بين الأمور الاعتيادية التي نسمع عنها في كل يوم… فصل طالب لأنه ردد عبارة «مسيئة»، وإيقاف مجموعة لأن المدرس العربي وجدهم يتقاذفون في الفسحة علبة مياه بلاستيكية، فتصورها «مولوتوف» أو أقرب للقنبلة الذرية، أو أن طفلة كتبت على كراستها عبارات سياسية، فأصبحت في نظر الدولة مجرمة إرهابية.
صمت وزارة التربية والتعليم غير المبرر عن مناشدات الأهالي بخصوص مدرسة الدير يضع ألف علامة استفهام، فإذا كان 453 طالبا توقفوا عن الذهاب للمدرسة، من أصل 461، لا يعني شيئا للوزارة، وإذا كان كل الأهالي وأولياء الأمور يرفضون تلك المديرة، ولم يحرك ذلك الرفض الوزارة، وإذا كان الإضراب يدخل يومه الثالث، ولم تفعل الوزارة شيئا سوى لقاء نائب الدائرة لبحث موضوع غياب طلبة مدرسة الدير الابتدائية وسبل حل هذا الموضوع بما يحقق مصلحة الطلبة، فماذا نفهم من ذلك، في ظل نكران الوزارة احتجاجات الطلبة لتصفها بـ «الغياب».
فليس بمستغرب أن تقرر الوزارة إيقاف أكثر من 400 طالب عن الدارسة بحجة الإجراءات الإدارية والتربوية، ولكن كل ذلك لن يحل المشكلة، بل سيفاقمها، إذا ما انتقلت عدوى إضراب الطلاب لمدارس أخرى تشهد النوعية ذاتها من الإدارات الطائفية.
خلاصة القول، ما يحدث في بعض المدارس الحكومية، هو فوضى إدارية، تريد وزارة التربية تصويرها على أنها فوضى سياسية ضمن أجندات انقلابية لضرب الحركة التعليمية.