د. غالب فريجات
في الاعتداءات الصهيونية المتكررة على قطاع غزة، نؤكد ان الهجمة البربرية الصهيونية كفصل من فصول التآمر على الامة، لا يمكن التعامل معها الا باجتثآث آفة العدوان، والقضاء على الوجود الصهيوني من ارض فلسطين، لان فلسطين لن تكون الا عربية من البحر الى النهر، وقد اكدت لنا احداث التاريخ ان كل الموجات العدوانية التي استهدفت فلسطين على مر التاريخ كان مصيرها الهزيمة، وعادت فلسطين بوجهها العروبي الجميل.
فلسطين لن تركع مهما كان حجم الحقد الصهيوني، ومهما كان نوع الدمار الذي يصيب ارضها وانسانها، فالاض عروبية المشهد والتاريخ، والانسان بطل الصمود والتحدي والمواجهة، وكل الوان الحقد وانواع الجرائم ونكبات الحياة لن تثني هذا الانسان المنغرس في ارضه، المتشبث بتراب وطنه،عن ان يكون في مقدورها تغييبه عن هذا الوطن الذي لايعادله وطن، ولا تساويه بقعة من ارض على وجه الكرة الارضية.
فلسطين امتلكت كل انواع الحياة، ومن يعتدي عليها امتلكته كل انواع الفناء، وليس في مقدور عوامل الفناء ان تواجه ارادة الحياة، لان الانسان وجد ليبقى على هذه الارض مادامت الحياة باقية، ومادام الرب لم يأمر ان تؤول امور الارض والانسان اليه.
لكن الذي يعصر القلب ان هناك من يتطلع الى العدوان الصهيوني وكأن فلسطين ليست قطعة من الأمة، وهي اغلى قطعة مادامت تحت الاحتلال، ولم تتحرر بعد من براثنه، فكل بقعة ارض محتلة هي الاغلى حتى تعود الى حضن الامة، فهل ياترى هذه اللامبالاة لاصحاب الشأن من آلت اليهم أمور الأمة انهم فقدوا الاحساس بالانتماء الى الأمة، ام انهم باتوا مغيبين حتى عن الشعور بوجودهم، ليشعروا بما يصيب فلسطين واهلها من ظلم وقتل وتشريد، ودمارلامثيل له في كل سجلات الاجرام البشري؟.
شبعنا خطابات واجتماعات وعنتريات من هنا وهناك فكان ان تمادى الكيان الصهيوني، لانه لم يشعر ولو للحظة ان كل هذه قابلة لترجمة على ارض الواقع، فكل ما نسمع مجرد كلام في كلام، وصرف بضاعة فاسدة ما عادت صالحة لزمان ومكان، وفيما يبدو اننا استمرأنا ما داب عليه اصحاب الشأن، يقولون ما لايفعلون ويطلقون العنتريات وهم عاجزون، ويبيعوننا بطولات في ظلمات الاقبية التي يختبؤون.
فلسطين تحتاج الى من يحمل لواء الجهاد لا من اجل كلمات تدبجون بها خطاباتكم، لا بل من اجل ان تعيدوا كرامتكم التي هدرتموها، ومن اجل ان تعود الدماء الى شرايين الحياة التي افتقدتموها، فلسطين عنوان كرامة ونهضة امة فقدت احساسها بالوجود، لا عجزاً ولا ضعفاً ولا قلة حيلة، بل قيادة اهترأت وربطت مصير وجودها برغبة اعدائها، فهانت عليها الارض والانسان والحياة.
فلسطين تحتاج لفارس عروبي يطوي كل سنوات القهر والذل والمهانة، ويعيد للامة مجدها وحضارتها وارادة انسانها، فالقيادة هي من يضع الامة في موقعها الطبيعي، وهي من يضيئ لها دياجير الظلام، ويقودها نحو العلى ويحقق وحدتها ويحرر ارضها، ان في فلسطين او في كل بقعة من بقاع العروبة، التي تئن من ثقل الاحتلال، وتغص في مسيرة الحياة بفعل القهر والذل والمهانة.
فلسطين المكلومة في ابنائها الذين يسقطون كل يوم بفعل العهر الصهيوني، والاشقاء يتفرجون وكأن الامر لا يعنيهم، وكأن دماء العروبة لا تجري في شرايينهم، وكأن اهل فلسطين من كوكب آخر، وفي عالم آخر، وليسوا الاهل والاحبة، اطفالهم اطفالنا، ونساؤهم بناتنا واخواتنا، رغم اننا على يقين مهما تعهر الصهاينة، ومها اوغلوا في اجرامهم، ومهما غطى الحقد قلوبهم، ومها كان الذل والخنوع سمة لاولي الشأن فينا، فان فلسطين ستبقى عربية من البحر الى النهر رغم انوفهم، وهي باقية كما ارض الله باقية، وهم الى زوال لانها طبيعة الحياة، ان الظلم له نهاية، وان العدوان له من يواجهه ويكسر شوكته، ففلسطين لن تركع وغزة بوابة صمود.