المفكر علي فخرو متحدثاً في ندوة بمناسبة يوم الأرض في مقر «وعد»
شدد المفكر البحريني علي فخرو على أن «مقاومة ورفض التطبيع مع الكيان الصهيوني هو مسئولية جميع مؤسسات المجتمع المدني العربي». وطالب في ندوة عقدتها الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع وجمعية وعد بمقر الأخيرة في أم الحصم، بمناسبة «يوم الأرض»، مساء الأربعاء (2 أبريل/ نيسان 2014)، تحت عنوان «أرض فلسطين ترفض التطبيع» أن «تمارس الأحزاب والنقابات والمنابر الدينية ومؤسسات المجتمع المدني دورها الطبيعي، في مناهضة التطبيع».
وقال فخرو في ورقته «الذي ينظر إلى حركات الربيع العربي يشعر كم أن موضوع فلسطين لا يوجد إلا في حيز صغير ولا يذكر إلا لماماً من قبل الجماهير والحراك الذي يعطينا فكرة عن الحال التي وصلنا إليه».
وأردف «فلسطين هي التي أدخلتنا جميعاً في عالم السياسة، شخصياً ما فتح عيني على السياسة ليس الوجود الإنجليزي أو غيره، ولكن ما فتح عيني على السياسة، هو ما شاهدته في كل شارع عربي ينادي من أجل فلسطين».
وأردف «فلسطين في قلب وعقل الكثيرين، وهي ليست ملكاً لأحد، والذين سيقولون إننا سنرضى بما يقبله الفلسطينيون أنفسهم، هو قول غير مقبول على الإطلاق، فلسطين جزء من الوطن العربي الكبير، وهي ملك الأمة العربية بكاملها، ولا يملك التفريط بها إلا بقرار من الأمة بكاملها، وليس مقبولاً أن تتحول فلسطين من قضية لجميع الأمة العربية إلى قضية تخص الشعب الفلسطيني لوحده».
وأكد أن «قضية فلسطين ليست قضية أرض وشعب، بل هي قضية وجود، بالنسبة إلى الصهاينة وبالنسبة لنا، والذين يعتقدون أن توقيع المعاهدات سيوقف هذا المشروع فهم مخطئون».
وواصل «هناك قضية كبرى روحية تتعلق بقدسية القدس، سواء بالنسبة للديانة المسيحية أو الإسلامية، بالإضافة إلى بعدها القومي، فهي قضية روحية من الطراز الرفيع ولا يمكن التفريط فيها». وأفاد فخرو «تخبّط القيادات الفلسطينية المتعاقبة، وإدخال القضية الفلسطينية إلى هذا النفط ابتداء من مدريد، وأوسلو أوصلنا اليوم إلى النفق الذي تعيشه اليوم، رغم أن الدولة الكبرى الولايات المتحدة أعطت الملك عبدالعزيز وعداً بأن أي اتفاق بشأن فلسطين سيكون بالاتفاق مع الصهاينة والعرب، ولكن اليوم هناك اتفاق مع الصهاينة ولا يوجد أي اتفاق مع العرب».
وتابع «هناك ألوف الكتابات في فلسطين المحتلة يمكن إجمالها أن قضية التطبيع هي قضية القضايا بالنسبة للصهاينة، وأنه يجب أن ننظر إليه كما ينظرون هم إليه».
وذكر أن «الاتفاق الذي وقع بين المصريين والصهاينة كان يعرف تماماً أن القصد الصهيوني من السلام كان يعني التطبيع، وأن الكلمتين متماثلتان تماماً، وأن أي حديث عن سلام دون تطبيع بالمفهوم الصهيوني هو ليس سلاماً ولا تقبله الدولة الصهيونية».
وأكمل «هم في كتاباتهم يتكلمون عن أن السلام الشامل يتحقق بتغيير نمط التفكير القومي والإسلامي، وأنه دون تغيير هذا الفكر لا يتصورون أن سلاماًَ سيأتي، وهذا الفكر بالذات يجب أن يكون في لب القضية التربوية، أطفال العرب منذ صغرهم يجب أن يخبروا ويدربوا ويقنعوا أن ما يسمى بدولة إسرائيل هي شيء طبيعي ويقبلوا بالأيديولوجية التي قام عليها هذا الكيان في فلسطين، الأيديولوجية التاريخية والفكرية وغيرها، ثم لابد من وجود ضمانة أميركية وغربية من أن هذا التطبيع سيستمر ويتطور».
وأردف «ثم هناك مطالب أمنية لابد أن تتحقق، ومنها حدود يمكن الدفاع عنها، عمق استراتيجي للكيان الصهيوني، أرض العرب مفرغة من الدفاع الاستراتيجي، ومنع الخيار النووي بأي شكل في أي أرض عربية، هكذا نظروا إلى السلام الشامل الذي كانوا يتكلمون عنه».
وأضاف «إضافة إلى ذلك، هناك مطالب إقليمية، وهذه الأمور كلها من شروط التطبيع، كانوا يقولون الحدود التي نتحدث عنه هي حدود وهمية قابلة للأخذ والعطاء، فمثلاً الحدود مع سورية وضعت في العام 1921، وبالتالي هي حدود جديدة، يمكن تغييرها في المستقبل، الضفة في الأردن واندماج الجزء الصغير من فلسطين مع الأردن وضع في العام 1948، سيناء مصر تحدثوا عن أن حدودها لم توضع إلا بعد الحرب العالمية الأولى، وهذه أيضاًً يمكن الأخذ والرد فيها».
وقطع فخرو «إذن الكلام عن العودة إلى حدود العام 1967 يتناقض مع كل هذه القضايا التي تحدثت عنها، ومن المطالب الإقليمية أيضاً أن يكون الوطن البديل للفلسطينيين هو الأردن».
وذكر «أما المطالب الاقتصادية، التدفق الحر للسلع وفتح الأسواق دون أي عوائق، على أن تملك إسرائيل جزءاً كبيراً من السوق، التخصص في الاقتصاد بحيث تمتلك إسرائيل التكنولوجيا والعلم، فيما يقدم العرب العمالة والتنفيذ من الناحية المالية، ومنع أي نوع من المقاطعة وتحت أي مبرر، استغلال المياه بصورة مشتركة، وهنا كلام طويل عن مياه لبنان ومصر وسورية والأردن وأن من حق إسرائيل الأخذ منها».
وأكمل «ثم يتكلمون عن التواصل البري والجوي، وشبكة سكة حديد يجب أن تربط هذا الكيان بالوطن العربي، وأجواء مفتوحة لكامل الوطن العربي، ولا يمكن القبول بأي أجواء لا تفتح المجال أمام الطيران الصهيوني».
وتابع «وهناك كذلك مطالب ثقافية، ومنها تغيير الثقافة العربية تجاه الكيان الصهيوني، يبدأ بالقبول بأن إسرائيل استردّت أرضها، وأن فلسطين كانت أرضاً بلا شعب، والرفض التام لتقرير المصير، وأن الفلسطينيين يأخذون ما يعطى عليهم، بالإضافة إلى أفكار عنصرية تؤخذ من التوراة ويهدد بها الفلسطينيون، الإعلام العربي يجب أن يكون جميعه إعلاماً مهادناً، لا نقد فيه لأي شيء يتعلق بالنقد للكيان الصهيوني، وكان هناك إصرار كبير لتقية التراث الصهيوني ومنه حذف المضامين الإسلامية في أي مكان، وأن الشعب الفلسطيني هم عرب أرض إسرائيل وليسوا مواطنين».
وأوضح «هناك إلحاح بأن يكون التطبيع مشمولاً به كل الأقليات التي تعيش في الأرض العربية ومنهم الدروز، المسيحيون والشيعة وجنوب السودان». وشدد فخرو «هذا الكيان الحقير لا يكتفي بكل ذلك، هو الآن يسيطر على 79 في المئة من فلسطين، ولم يبقَ للفلسطينيين إلا 21 في المئة من أرضهم، الآن هذا الكيان يريد نصف الـ21 في المئة، ليتبقى للفلسطينيين 11 في المئة فقط، وبغير ذلك لا يقبلون».
وأفاد «هناك نوعان من التطبيع، التطبيع السياسي والاقتصادي الشامل قامت به الغالبية الساحقة من الأنظمة العربية إما بدون خجل أو بعضها تحت اللحاف». وأردف «الواقع أن وزارات الداخلية في الدول العربية تتناغم مع بعضها البعض، وأن هناك منها من هي ملتصقة أكثر بالموساد الصهيوني وهذا يعني أن كل ما يدور في هذه الدول العربية يصل إلى الصهاينة، وبالتالي فهم يعرفون كل ما يجري».
وواصل «السؤال، إذا كان السياسيون العرب يقولون إننا لا نملك القوة لكي نقاوم هذا المشروع الصهيوني، وأن الواقعية السياسية والعسكرية تفرض علينا ذلك، وهذا الأمر يمكن أن يؤخذ به في بعض الجهات، ولكن ماذا عن تطبيع القوى المجتمعية في الوطن العربي مع الكيان الصهيوني؟ هذا السؤال فعلاً يحير الإنسان، من المغرب العربي هناك عدد كبير من المفكرين ذهبوا باسم المناقشة والحوار مع الصهاينة، ومنهم من له باع كبير في النضال والقومية العربية، وأذكر أنه منذ نحو 10 إلى 12 سنة كان هناك حوار في المغرب العربي حول المفكرين المغاربة كيف أنهم ذهبوا إلى الكيان الصهيوني عدة مرات، إلى أن وصلنا اليوم إلى أن يكون ذلك أمراً عادياُ، أن يذهب ممثلون عن المجتمع المدني العربي ليطبّعوا معهم».
وشدد فخرو «جمعية مثل مقاومة التطبيع ليست قضية صغيرة، بل هي قضية القضايا، وأخذ هذه الجمعية يجب أن يكون جدياً ويجب أن يصل إلى مرحلة الحياة والموت بالنسبة إلى العرب المهتمين بالصراع العربي مع الكيان الصهيوني».
وأردف «هنا أسئلة تريد إجابة وتحتاج أن ينظر فيها في المستقبل، هل مقاومة التطبيع يقف عند جمعيات مقاومة التطبيع، نعم في الوقت الحاضر هو يقف عند هذه الجمعيات، ماذا عن الأحزاب، هل ترون أنها تجعل مقاومة التطبيع جزءاً من برنامجها السياسي الذي تعرضه بصورة دائمة، ربما كان ذلك موجوداً في الخمسينات والستينات، أما الآن فقد ضعف ذلك كثيراً».
وواصل «ماذا عن النقابات، أين النقابات التي استطاعت أن تقف موقفاً قوياً من التطبيع؟ ماذا عن المنابر الدينية، دوّخونا في الحديث عن الصراع الشيعي السني وعن الخمرة وعن الفساد الأخلاقي، وغيره، ولكن من المنابر الإسلامية من تتحدث عن تكفير الناس بسبب هذا الأمر أو ذاك، هل تتحدث عن التكفير عندما تطبّعون مع الكيان الصهيوني؟».
وأكمل «ماذا عن البرلمانات العربية؟ تتحدث عن هذا الموضوع، وتقول لحكوماتها إن ما تفعلونه هو تطبيع وإننا نرفض ذلك، وماذا عن الشارع؟ كم مظاهرة تخرج سنوياً عن التطبيع؟ كم مرة شاهدنا لافتات ترفع أمام ملعب كرة عندما يسمع الناس أن لاعب كرة ذهب للعب في الكيان الصهيوني؟ أنا لم أشاهد ذلك، مع أن على ذلك اللاعب ألا يعيد الذهاب مجدداً».
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4230 – الإثنين 07 أبريل 2014م الموافق 07 جمادى الآخرة 1435هـ