مالك عبدالله
فشل أو تراجع النتائج يعني فشل القائمين على العمل نفسه والمخططين له، هذا إذا كان هناك تخطيط في الأصل، فما نلاحظه هو التخبط واستمرار سياسة التمييز المقيت دون توقف.
ظل موضوع التوظيف في وزارة التربية والتعليم مفتوحاً على مصراعيه بشكل مستمر، إلا أن الحديث عنه ازداد بشكل كبير في السنوات الأخيرة، خصوصاً في ظلّ توظيف الأجانب مع وجود كفاءات بحرينية، فضلاً عن فتح مجالات لتخصصات جامعية على أنها مطلوبة ليكتشف الخريجون منها أنهم في مقدمة العاطلين، بل وأن أعدادهم في ازدياد. وهذه إحدى نتائج التخبط وعدم التخطيط، ليضاف إلى ذلك ممارسة التمييز ضدهم في عمليات التوظيف.
وجاءت تصريحات وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي في جلسة مجلس النواب يوم الثلثاء (18 مارس/آذار 2014) في موضوع التوظيف ليصبّ الزيت على النار، فالتصريح الذي يعتقد الوزير أنه ألقى من خلاله حجة دامغة ضد منتقديه، إنّما هي تصريحاتٌ تعتبر وثيقة واضحة ضد مسئولي وزارة التربية والتعليم، فالوزير يقول «نحن نسعى للبحث عن العناصر المؤهلة التي تستطيع أن تقدم الخدمة المؤهلة، وهذا هو ديدن الوزارة في كل المراحل، البحرينيون لهم الأولوية، ولكن قلت للمجلس أكثر من مرة أني مساءل أمامكم بشأن مسيرة التعليم، ولذلك نحن مستمرون في السعي للتطوير من خلال إعادة هيكلة المدارس، ولذلك نحن في تحدٍّ كبير فيما يتعلق بالتطوير والتأهيل».
يا سعادة الوزير، إذا كان هؤلاء العاطلون، وهم بالآلاف، غير مؤهلين، وكلهم خريجو مدارس البحرين ومعظمهم من خريجي جامعة البحرين، فالمسئول الأول عن تخريج آلاف الأشخاص غير المؤهلين بعد 12 سنة دراسة في المدارس، و4 سنوات أو أكثر من الدراسة الجامعية، هم وزير التربية والتعليم ورفاقه من مسئولي الوزارة، وبالتالي إنما هذا التصريح هو إعلانٌ صريحٌ منك بأن مسئولي الوزارة فشلوا في مهامهم بتخريج المؤهلين.
يا سعادة الوزير، مع إيماني التام إن معظم هؤلاء مؤهل لتسلّم الوظيفة، وحاجة البعض لبعض المهارات ليكون مؤهلاً، فإنهم ظلوا لسنوات عاطلين عن العمل. وكان بالإمكان خلال هذه السنوات مع وجود التخطيط، تأهيل غير المتأهّل منهم وتغيير حتى تخصّصه ليتسلم وظيفته، كما تم تأهيل عدد منهم من قبل في المشروع الذي أقيم بالتعاون مع وزارة العمل والذي أسفر عن توظيف عدد منهم في تخصّص معلمي فصل.
يا سعادة الوزير، يقام للمواطنين امتحان وبعد الامتحان مقابلة، وفي المقابلة تطرح أسئلة لا علاقة لها بالتخصص، ولكننا لا نعلم كيف يتم اختبار مؤهلات المدرسين الأجانب وعلى أي أساس غير الأسس الورقية التي يتم على أساسها توظيفهم! ثم إن المعروف أن وجود الأجنبي يكون مؤقتاً كما هي التصريحات التي تحاكي النص القانوني، فماذا فعلتم لتأهيل العاطلين ليحلوا في الوظائف التي يشغلها الأجانب؟ لا أعتقد أنكم قمتم بشيء سوى بالتصريح أن البحرينيين العاطلين غير مؤهلين.
يا سعادة الوزير، فلتقم لجنة محايدة بعملية اختبار للبحرينيين والأجانب في التخصصات نفسها، لنرى الفرق بين الاثنين، والجميع يعلم أن الوزارة غير قادرة على فعل ذلك. كما إنني واثقٌ أن النتائج لن تكون إلا إثباتاً لواقع مرير، يتم من خلاله إبعاد المواطن عمداً عن وظيفة يستحقها، ليحل أجنبي محله.
الغريب يا سعادة الوزير، أن بعض هؤلاء الذين تقول عنهم «غير مؤهلين»، عملوا في مؤسسات وشركات ومدارس أخرى، وبعضهم نال الماجستير ودرجة الدكتوراة، ومارسوا أعمالهم بكل تفوق ونجاح. والحال هنا هو حال المواطنين البحرينيين الذين يتهمون بأنهم «غير مؤهلين» في الشركات الوطنية، لكنهم في بلدان الخليج يديرون أنجح الشركات الوطنية والتجارية.
وأعلمك يا سعادة الوزير، أن النقص في العملية التعليمية في المدارس وحتى الجامعة، إنما يسدّه البحرينيون الذين وصفتهم بـ «غير المؤهلين»، من تعليم التلاميذ والتلميذات في المنازل والمعاهد، وهذا دليلٌ دامغٌ على أنهم مؤهلين على خلاف ما تقول.
الوزير في تصريحه قال «وزارة التربية دورها التعليم لا التوظيف، هناك جهة أخرى مساءلة عن التوظيف وهي وزارة العمل، توظيف من لا يحملون الجنسية البحرينية يتم توظيفهم مؤقتاً، التربية أعلنت في العام الدراسي 2011-2012 عن 41 تخصصاً، لم يتقدم لها إلا خريجون في 19 تخصصاً، وهذا يكشف عن الحاجة للجلب من الخارج حتى لا نترك الطلاب من دون معلمين».
لا خلاف أن وزارة العمل هي المعنية بالتوظيف، ولكنها معنيةٌ بالتوظيف في القطاع الخاص، أما المعني بالتوظيف في القطاع العام فهما جهتان: «ديوان الخدمة المدنية» و«الوزارات والهيئات الحكومية» نفسها. وحسب التصريحات الدائمة لديوان الخدمة المدنية فإن الوزارات والجهات هي المسئولة عن التوظيف، والديوان يراقب العملية ومدى التزام الجهات في عمليات التوظيف بالقوانين المنظمة.
ثم يا سعادة الوزير، فلتوضح لنا الخطط التي قامت بها وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارة العمل لتأهيل «غير المؤهلين» من العاطلين الذين لا يمكن لهم أن يعملوا إلا في وزارة التربية والتعليم.