هاني الفردان
نحو 60 اعتداء على محلات 24 ساعة التابعة لمجموعة جواد في مختلف مناطق البحرين، والمعتدي فقط آسيوي واحد، قبض عليه من فترة طويلة، إلا أن الاعتداءات مستمرة.
قد يضطر جواد لطلب الدعم الخارجي والدولي من أجل الحماية، أو استئجار شركة عالمية لحماية محلاته ومؤسساته، وخصوصاً أن الاعتداءات المصورة والواضحة كانت بمشاركة رجال أمن من أفراد وضباط.
قصة محلات 24 ساعة فصل من فصول قصة الكيل بمكيالين، والعدالة الناقصة، والمعاملة غير السوية بين أفراد المجتمع، في رواية العقد الطويل والممل لطرق التعامل بين ما يسمى بـ «مجموعات» تسرق، تدمر، تخرب، تنهب، وتفعل ما تشاء من دون أن تحاسب، وبين «مخربين» سرعان ما يتم القبض عليهم ولو بعد ساعة من وقوع الحدث.
حكاية، مللنا من طرحها وتكرارها، وما بات أمامنا سوى الطرق عليها في كل حين علّ وعسى أن تفيق تلك العقول من سباتها لتعي أن ما يحدث لن يجر على البلاد إلا المزيد من الخراب والدمار.
قصة محلات جواد فضيحة حقيقية لم تتمكن مفردة «تصرفات شخصية» من طي صفحاتها المتعاقبة والمستمرة حتى هذه الأيام.
بالتأكيد لا يمكن أن توصف المجموعات المعتدية على محلات 24 ساعة بـ «مخربة» و «إرهابية»، بل وصفت بـ «الشرفاء» لأنهم سرقوا وكسروا ونهبوا أملاك «صفوي» لا دمه ولا عرضه ولا ماله حرام، بمشاركة رجال أمن، وتحت ناظر كاميراتهم الأمنية، على رغم وصفها ووضعها تحت إطار «التصرفات الشخصية».
وإذا سلمنا بأنها تصرفات شخصية، فكم عدد الذين التقطتهم الكاميرات الأمنية من مخربين وسارقين من مدنيين ورجال أمن في الغزوة الشهيرة لمحلات جواد في العاشر من أبريل/ نيسان 2012، وكم عدد المعروضين حالياً على القضاء بتهمة التخريب والتكسير والسرقة لتلك المحلات.
ما عرض من خلال المشاهد المصورة عشرات المعتدين، وما أحيل منهم للتحقيق والمحاسبة بحسب علمنا صفر، فلا تحقيق ولا قضية، وكان الله غفوراً رحيماً.
منذ منتصف ليلة الجمعة (12 أبريل 2012) تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى خلية نحل تناقل فيها المغردون مقاطع فيديو لعملية الهجوم على محلات 24 ساعة التابعة لمجموعة جواد في محطة وقود بابكو الواقعة بالقرب من دوار ألبا (الرفاع). مقطع مسجل وثق فضيحة مدوية لرجال أمن بحرينيين وهم يشرفون على تكسير المحل، أكثر من ست دقائق وثقت المشهد وعكست حقيقة كل ما يجري في البلد. ست دقائق وضعت يدها على من يعيث فساداً وتخريباً وتكسيراً. ست دقائق واضحة لم تدع أي مجال للشك في أن بعض منتسبي قوات الأمن تورطوا في الحدث.
الشارع البحريني لم يستغرب من الحدث، بل كان ينادي ويصرخ في كل يوم من ممارسات رجال أمن، إلا أن الدولة ووزارة الداخلية كانتا ترفضان التشكيك أو الاتهام، على رغم كثرة الوثائق والتسجيلات. وحوادث تخريب وسرقة محلات جواد لها وقع آخر مختلف، فقد كشفت النقاب عن تورط رجال أمن فيها.
الدهشة التي أقصدها ليست من فعل التخريب، بل لوجود تسجيل وثق الحدث على رغم أمر الضابط الموجود في موقع الحدث (محلات 24 ساعة) لأحد الميليشياويين المدنيين بتكسير كاميرا التسجيل التي كانت توثق كل شيء بما فيه عملية التكسير وحتى توقف الكاميرا بفعل الضربات المتتالية باللوح الخشبي الذي كان يحمله ذلك الرجل.
كما كان متوقعاً، وبشكل كبير جداً، جاء التبرير من وزارة الداخلية أن الحادثة تأتي ضمن التصرفات الفردية، وأنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال الاعتداء الذي وقع على أسواق 24 ساعة في المحافظة الوسطى، وذلك من خلال تكثيف عمليات البحث والتحري حول الواقعة، وضبط عدد من المتورطين فيها، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، تمهيداً لتقديمهم للعدالة.
مر على الواقعة أكثر من أربعة أشهر، ولم نسمع عن تقديم أحد من المعتدين إلى المحاكمة في تلك القضية، والكثير من قضايا التخريب التي تعرضت لها محلات جواد، عدا ذلك الآسيوي الوحيد المتهم بسرقة محلات جواد في المنامة والذي قبض عليه وهو متلبس بشكل فردي. فهل يمكن اعتبار ما حدث تصرفاً شخصياً فقط؟
هل يمكن أن يقوم رجال الأمن بالتفرج ومراقبة التصوير، وحث الميليشيات المدنية على تكسير كاميرا المحل، من دون توجيهات مسبقة؟
هل كان رجال الأمن المشاركون في الحدث مطمئنين لهذه الدرجة الكبيرة؟ من دون شعورهم بوجود من سيحميهم؟
تلك القضية ونتائجها، وما أسفرت عنه، كانت بمثابة الضوء الأخضر للاستمرار في استهداف هذه المجموعة، فإذا غاب العقاب سيء الأدب. فلم نكن نستغرب أن يتواصل مسلسل الاعتداء على الأملاك الخاصة للمواطنين، وخصوصاً محلات جواد حتى هذه الأيام، فلا عقاب لمن يمارس هذا العمل لأنهم «الشرفاء»، ولا يطالهم القانون!