هل يمكن الكتابة عن غير غزة هاشم وجرائم الحرب اليومية ترتكب بحق أبناء شعبنا في غزة الصابرة المجاهدة، جرائم يندى لها جبين الإنسانية أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، وفي الوقت الذي تحذر فيه المنظمات الإنسانية العاملة في غزة من كارثة إنسانية كبرى إذا استمرت العمليات الصهيونية وجرائم الحرب والقتل العمد ضد الأطفال والنساء والشيوخ والطواقم الطبية وطواقم الإغاثة والصحفيين، لم توفر قوات الاحتلال الصهيوني أحداً إلا ومارست ضده أبشع صور الإرهاب، ما دامت الولايات المتحدة الأمريكية والسائرون في ركابها تدفع لعدم صدور أية إدانة دولية ضد كل تلك الجرائم، بل وتسوف في الوقت حتى تكتمل فصول الجريمة البشعة للقضاء على مقاومة شعب فلسطين، ومعاقبة المدنيين على وقوفهم ودعمهم للمقاومة.
بقدر هول الجريمة، إلا أن ما يجري في غزة كشف عن حجم التواطؤ والعجز، فرغم الجرائم الصهيونية البشعة في قطاع غزّة فشل اجتماع وزراء الخارجية العرب في الخروج بموقف الحد الأدنى لمواجهة الجريمة، لم يطلب أحد فتح الجبهات أو القتال نيابة عن أهل غزة، بل أضعف الإيمان إظهار النصرة بمختلف الوسائل، ليس النصرة فقط بالتبرعات أو المساعدات بل التبرؤ من الجريمة على الأقل من خلال مواقف لوقف العلاقات مع هذا الكيان الغاصب، بل فتح المعابر التي أكد كثير من أساتذة القانون الدولي أن استمرار إغلاقها لا يملك حجة قانونية يمكن الدفاع عنها، بل هي مخالفة لاتفاقيات جنيف وهي مشاركة في تعزيز الحصار وتسهيل المهمة للكيان الصهيوني، بل نقول إن هذا هو نتاج مسيرة ما يسمى بالسلام مع هذا العدو الغاصب الذي لا يعرف عهداً ولا اتفاقاً، نتيجة ذلك تم إخراج أكبر بلد عربي من دائرة الصراع بل وتسخير دوره في الاتجاه المضاد، إننا حين نؤكد على دور مصر لأن مصر هي الروح والثقافة والأصالة، هي مصر العروبة والحضارة والتاريخ العظيم، ولذلك ترنو الجماهير إلى أن تستعيد مصر دورها المحوري في القضايا العربية، لا يمكن إلا أن يشعر الجميع بالمرارة ووزيرة خارجية الكيان الصهيوني تعلن الحرب على غزة من أرض مصر الكنانة في ظل صمت مطبق ولا رد أو موقف، كيف نفسر تصريحات الرئيس الفرنسي عما سمعه في مصر عن النهاية المرتقبة لهذه الجريمة بأن لا تخرج حماس منتصرة وهو ما أكده هيكل في لقائه بقناة الجزيرة، لقد كان الهم الأكبر من خلال اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو الاستفراد بكل دولة وعزلها عن القضايا القومية، والتخلي عن القضية الفلسطينية باعتبارها شأناً وطنياً للفلسطينيين.
ما معنى أن يلجأ العرب إلى مجلس الأمن ويتم من خلاله إصدار قرار باهت وبائس يدعو إلى وقف إطلاق النار من الجانبين الفلسطيني والصهيوني، وكأن هناك حربا متكافئة بين دولتين، متناسين أو بالأحرى متعمدين إخفاء حقيقة أن الشعب الفلسطيني يرزح تحت الاحتلال والاغتصاب الصهيوني ويتعرض لأبشع أنواع القتل والتدمير والاستيطان والتنكيل والحصار على يد النازيين الجدد الصهاينة، هذا القرار الذي لم يلب الحد الأدنى من المطالب الشرعية الفلسطينية، بل ويخرج علينا بعض المسؤولين العرب ليحمل الطرف المعتدى عليه في غزة المسؤولية إذا لم يوافق على هذا القرار رغم ما يحمله من نتائج لتحقيق أهداف الكيان الغاصب في الإجهاز على المقاومة حتى يركب الجميع قطار التسوية المذلة المهينة ويستريح المسؤولون العرب من هذه القضية، وقد تداعت الأمم علينا كتداعي الأكلة على القصعة كما حذر الرسول الأكرم، نتاج هذا الضعف والعجز والتخاذل.
جميع الشرائع والنواميس والقيم الإنسانية والدينية والأخلاقية ومعاني الشرف تؤكد حق الشعوب عندما تتعرض للاحتلال وللظلم أن تقاوم فهذا حق طبيعي وحق كفلته الشرائع الدولية،''أُذن للذين يُقاتَلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق'' وجميع الشعوب لم تلق سلاحها حتى وهي تفاوض، ولا بد أن تكون الشعوب متسلحة بالقوة وإلا تعرضت للذل وللضعف والقتل، والشعب الفلسطيني هو ضحية للعدوان والحرب الصهيونية، وعجباً ينادي البعض بإنهاء المقاومة علناً بل ويصرح رئيس السلطة الفلسطينية بأن المقاومة تفني الشعب، إن الإصرار على المقاومة هو إصرار على الحياة العزيزة الكريمة بشرف، هي رغبة أكيدة في أن تبني حياة للمستقبل يعيش فيها أبناء فلسطين في أرضهم ووطنهم أعزاء بأفق مستقبلي كغيرهم من الشعوب، وإن الشعوب التي ابتليت بالاحتلال والاستعمار قدمت الشهداء قرابين ليعيش أبناء شعبهم بعز بعدهم، ولهذا من حقها أن تقاوم العدو بكل الأشكال المتاحة، بل إن المقاومة في ظل الاحتلال هي من تمنح الشرعية للقيادات.