قاسم حسين
بعد تثاقلٍ وخنوع، وطول سجودٍ وركوع، وبعد أن سكتت دهراً، خرجت غرفة تجارة وصناعة البحرين من شرنقتها وأصدرت بياناً أخيراً!
الغرفة، وربما بسبب شعورها العميق بالذنب الشديد، بعد تورطها في عددٍ من الأخطاء وارتكابها لعددٍ من الخطايا، التي لا تجوز لا في عالم السياسة ولا في علم التجارة والإدارة ورجال المال والأعمال، أصدرت أخيراً بيانها فجاء هلاميّاً مترجرجاً ومن دون طعمة!
مواقف الغرفة كانت متذبذبة طوال الأشهر الماضية، ومن أراد أن يتعلم كيفية التلوُّن والتقلب ظهراً لبطن، فعليه أن يدرس هذه المواقف والتصريحات، حينها ستكتشف سر اضطرابها وتناقضاتها وتهافتاتها! فبعد أشهرٍ من التصريحات بأنّ الاقتصاد الوطني المتين لم يتأثر إطلاقاً بالأزمة السياسية، خرجت الغرفة أمس فجأةً لتعبّر عن خشيتها البالغة من «موجة إفلاسات وهجرة الاستثمارات»، كأنها لم تكن تعيش في السوق طوال العام المنصرم.
الغرفة التي تورّطت في الانقلاب على أبسط مبادئ الديمقراطية والشفافية وحقوق التجار، أزاحت اثنين من أصحاب البيوت التجارية المعروفين ضمن خطة ممنهجة للنيل من عوائل تجارية ينتمون إلى فئة محددة من المجتمع وما قامت به الغرفة مخالف للقانون ومخالف لنظام الغرفة ومخالف لجميع أنظمة الغرفة التجارية والمجالس الاقتصادية العالمية… ففي أول سابقة في تاريخ الغرف التجارية في الخليج والوطن العربي، تتم إزاحة أعضاء منتخبين من مناصبهم لأسباب سياسية، ودوافع طائفية بحتة.
أمس، وبعد نشر «الوسط» تحقيقاً صحافيّاً مُدعماً بالصور عن تعرُّض محلات جواد، أحد أكبر الأسماء التجارية في البحرين، لهجمات ممنهجة واعتداءات متعمدة، أصدرت الغرفة بياناً ناقصاً لدفع الشبهة عن نفسها، ورفع العتب عنها. وحين تقرأ البيان المهلهل تشعر بأنّ من كتبه ربما يتغابى عن ما قامت به الغرفة من دور ضد عوائل تجارية محددة.
الهجمات التي استهدفت محلات جواد، بدأت قبل 12 شهراً، دون أن تعرف الغرفة المعروف أو تنطق بكلمة حق، أو تتخذ موقفاً مشرّفاً يمليه الواجب… على الأقل من باب التضامن، فمن استهدف غيرك اليوم سيستهدفك غداً. وبهذا المقياس فشلت الغرفة فشلاً ذريعاً في القيام بأبسط واجباتها المهنية مذ تأسست أول غرفةٍ تجاريةٍ في بغداد أيام العباسيين.
حديث الشارع اليوم عن الهجمات على محلات جواد، والاعتداء على الموظفين وتهديدهم بالأسلحة النارية، وسرقة عشرات الآلاف من الدنانير، فضلاً عن المواد العينية بما فيها حفّاظات الأطفال وعلب السجائر، وتكسير المحتويات وتهشيم الأبواب. إلا أن غرفة التجار لم تستيقظ من سباتها إلا أمس بعد نشر التحقيق الصحافي، ومع ذلك راحت تبحث في دفاتر حساباتها القديمة كأي تاجر فاشل في السوق، لتسدّد بها فاتورة مواقفها المتخاذلة عن نصرة التجار، بل ومواقفها غير القانونية لتشويه سمعة عائلتيّ الحاج حسن العالي والدعيسي بشكل مفضوح، ولو أن مؤسسي الغرفة الأوائل موجودون بيننا لصُعقوا مما قامت به أقدم غرفة تجارة في الخليج العربي.
البيان عبارةٌ عن جُملِ اختارها كاتبها على عجل، تم اقتطافها من بيانات بعض الجهات الرسمية والقوى المتمصلحة من استمرار الأزمة السياسية، ولم يسقط منها غير كلمتي «خونة» و «عملاء».
إن على مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين أن يسارع إلى تصحيح أخطائه وأولها إصدار اعتذار رسمي للعوائل التي ساهم في تشويه سمعتها.