حسن المدحوب
نستغرب من قوى المعارضة في البحرين، التي تتشدق بأنها معارضة وطنية، أن ترتهن للخارج فتطالب بمطالب ما أنزل الله بها من سلطان، ولا ناقة للبحرينيين فيها ولا جمل. فأية وطنية تلك التي ينادي أصحابها فيها بالاستفتاء الشعبي على مخرجات أي حوار وطني، أليس ذلك استقواءً وارتهاناً للخارج! أليس ذلك قمة العمالة والخيانة!
نعم، الإصرار على أي استفتاء شعبي، خيانة لا تغتفر، وهي لا تقل جرماً عما تنادي به معارضتنا ذات الأجندة الخارجية، عندما تتكلم عن الفساد الذي ينخر في البلاد وثرواتها منذ عقود من دون حسيب أو رقيب، فما لنا نحن والفساد! وما لهم هم وما له، فليس من حقهم ولو مقدار أنملة في طرح أي ملف للفساد أو التعديات على الأراضي، ومن خوّلهم بذلك والمواطنون كلهم ينعمون في بحبوحة من العيش الرغيد، ورواتبهم من أعلى الرواتب التي يحلم بها حتى أشقاؤنا في الخليج!
آن للمعارضة أن تستحي من أن تتكلم عن التمييز، فلا مواطن لدينا في البحرين من الدرجة الأولى، ولا آخرون من الدرجة العاشرة، الكل سواء في التوظيف والخدمات الإسكانية والترقيات والأمن وأمام القانون!
نتساءل، ألم يجف ماء وجه المعارضة إلى الآن، وهي تنادي ليلاً ونهاراً بالتحول نحو الديمقراطية وترنو إلى الكرامة والحرية، فأية ديمقراطية أفضل من ديمقراطيتنا التي يرتعد فيها المفسدون خوفاً من ممثلي الشعب، ديمقراطيتنا مفصلة تفصيلاً على قياسنا، ولا يهمنا إن كان صوت واحد في جنوب البلاد يساوي عشرين في شمالها، فبرلماننا يرعب الوزراء ويخيفهم، ونحن نفتخر بأن برلماننا لم يستطع إيقاف أي ملفٍّ أو قضية للفساد في البلاد، لأنه لا أحد من المسئولين يمتلك الجرأة على مخالفة القانون وتجاوزه أصلاً!
وأية ديمقراطية أقوى من سلطة الشعب على كل مفاصل الدولة وقرارها السياسي وثرواتها، وأية كرامة يتمتع بها أي شعب في العالم تفوق كرامة البحرينيين في بلدهم، وأية حرية أوسع من حريات بلادنا، التي وصلت إلى درجة يغبطنا بها العالم المتقدم قبل المتأخر، فعلى رغم الأزمة التي عصفت بالبلاد على مدى عامين، فإننا وبفضل هامش الحرية الواسع لا نملك سجين رأي واحداً في معتقلاتنا!
لا نعتقد أن هذه المعارضة تريد خيراً لأحد في البحرين، وهي التي لا تتردد دون أدنى خجل بالحديث أن مطالبها لكل البحرينيين، البحرينيون لا مطالب لهم أصلاً، فلا السياسة تستهويهم، ولا معيشتهم ينتابها شيء يؤرقهم.
نقولها بالفم الملآن، فالأغلبية الصامتة نطقت أخيراً، عيب عليكِ يا معارضة، وعار وشنار، أن تنتقدي حملات الكراهية في الإعلام المحلي الموجهة نحو قطاع عريض من هذا الشعب، وقبحٌ لا غفران له أن تتحدثي عن الأمن للجميع، فالكل آمنون مطمئنون، ولا وجود لزوار الليل إلا في خيالاتكم، سجوننا خمس نجوم، مسيلات الدموع التي تغرق بها المناطق باستمرار أيها الغافلون ليست إلا نوعاً من أنواع العود الكمبودي الذي يتعطر به هواؤنا، فحرام عليكم قلب الحقائق وتشويه صورة ما يجري في البحرين، وعيب عليكم كل ذلك وألف عيب!