في تصريح له نقله رئيس تحرير جريدة الحياة يوم الأربعاء في 26 أيار 2010، يقول رئيس وزراء العراق المنتهية ولايته نوري المالكي إن بلاده ترفض أن تكون ملعباً للقوى الاقليمية وإن الذين يتوهمون القدرة على ادارة العراق من الخارج يصطدمون بارادة وطنية…
ويتابع المالكي: إن طائرته العائدة من الموصل إلى بغداد تعرضت لصاروخ في العام الماضي نجا منه.
وبالنسبة لتصديقه حكم الاعدام فإنه كان يفضّل أن يظل الرئيس الشهيد صدام حيّاً في السجن كي يكابد المذلة والمهانة عبرة للديكتاتوريين!..
ثم يصف وقوفه أمام جثة الشهيد الرئيس كي يتمتم كلاماً مع نفسه (ماذا ينفع اعدامك.. وهل يعيد لنا الشهداء والبلد الذي دمرته؟!
مازال المالكي يتحدث عن الديكتاتورية والشهداء والدمار… الذي أحدثه نظام الرئيس صدام.
لا يعترف بالطرف الحقيقي الذي كان وراء دمار العراق، يتحدث عن شهدائه الذين حاولوا اغتيال الرئيس في الدجيل، لكنه لا يتحدث عن حزبه (حزب الدعوة) مخطط عملية الاغتيال ومن ورائه ايران، لايتحدث عن تبعات اغتيال رئيس تخوض بلاده حرباً عاتية مع بلد هو مَنْ كان وراء خطة الاغتيال لأن في قتل الرأس ما يستدعي الهزيمة وسقوط العراق في أشداق فارسية حاقدة منذ هروب يزدجرد أمام جحافل سعد بن أبي وقاص المنتصرة… مازال الغلّ فاعلاً في سياسة طهران وأوليائها.
المالكي لا يرغب بسماع قصة عربية تاريخية تتحدث عن انهيار إيوان كسرى أمام المسلمين..
هو لا يسمع بسعد ولا يريد السماع به!..
قد يزور المالكي ضريح أبي لؤلؤة قاتل الخليفة الأهم عمر بن الخطاب وقد قيل بأن لأبي لؤلؤة ضريح شاهق في ايران!..
ديكتاتورية صدام وديمقراطية المالكي!..
المالكي مازال متمسكاً برئاسة الوزارة حتى ولو سبح العراق في دمائه من جديد، العراق مازال يسبح بدمائه من البصرة ومقتلة الصدريين إلى الموصل مع اغتيال النائب القعيد.. يصر المالكي على الامساك بالمنصب بذريعة تصريف الأعمال، وما يتم تصريفه هو شباب العراق وعائلاته..
لا يرف جفن للمالكي وهو يرى كامل جنبات العراق وهي تعيش تحت خطوط الفقر بلا عمل ولا ماء ولا كهرباء وفوقها دماء.
لم يحدث لرئيس في التاريخ، أن تدثر بجلد التمساح على هذه الشاكله، يتحدث عن وقائع غير تاريخية، دمار العراق في عهد صدام، والصمت عن دمار في عهد احتلال هو رئيس وزرائه.. لا يخجل من كونه رئيساً في ظل مئة وخمسين ألف جندي احتلال أمريكي..
نراهن أنه لم يفكر يوماً في وجوب الاستقالة في بلد يترنح من وطأة القتل والتهجير والتشريد وهو قائم في المنطقة الخضراء تحف به سفارة أمريكية هي الأكبر في العالم، وعندما يريد أن يتنفس هواء صفوياً فإنه يحمل نفسه إلى الملالي..
يقول إنه سيعطي السُنّة حصة مناسبة في وزارته الجديدة (مشكور الخير) يعطي حصة لأقليةٍ من رعاياه رعاه الله!..
مازال المالكي يرطن بلغة الشهادة والشهداء، شهداؤه هم مَنْ قُتلوا في زمن صدام!..
لم يقتل صدام أحداً دون ذنب اقترفه بحجم جريمة، فلماذا يتم اخفاء المحاكمات والاعترافات في زمانه؟!
مليون ونصف مليون قتيل عراقي مع الغزو والاحتلال، ليسوا شهداء، يحيل المالكي على شاكلة أسياده قوائمهم على الارهاب بل ربما قتلوا لأنهم يستحقون القتل.
لا نعرف صاحب الشأن بأي عين ينظر إلى الملأ الخارجي، يبدو أنه صدّق نفسه بأنه رئيس استثنائي للعراق، ازدواجيته جعلته استثنائياً، هو أليف أمام سيد البيت الأبيض، وهو حليف أمام الولي الفقيه..
لم ير العراق حاكماً مثل هذا الرجل، ساديته مخبوءة خلف ظاهر سذاجته، دمويته كامنة خلف استعراضيّته في حرصه على العراق، عندما هددت جماعة الصدر في البصرة استمرار رئاسته حرّك لها جيشاً أمريكياً وطائرات بريطانية ظلت تحوم في سماوات البصرة وماتحتها، كان يخفي حرب ابادة للصدريين ومَنْ هم على تعاطف معهم، إذا هدده الشيعة يلجأ إلى السلاح الأمريكي وإذا هددته السنّة يلجأ إلى ايران، على هذه الشاكلة تحب واشنطن أن يكون حاكمها في العراق، ولا ترى طهران أي سبب وجيه لاسقاطه، هو يخدم طَرفي الاحتلال في العراق فلماذا استبداله؟
في التشبّث بالمنصب، لا يرى المالكي مانعاً من القاء العراق في أشداق الضواري، كاد أن يقيم حلفاً وازناً مع ائتلاف الجعفري والحكيم والصدر، كل الأمور سارت نحو مشتهاها، عصف الخلاف بالتحالف الجديد، لأن المالكي لا يتنازل عن ايوان كسرى في منصب المنطقة الخضراء، بائع الخرداوات في حي السيدة زينب بدمشق صار كسرى العراق الذي لا يجارى!..
لم يصدق نفسه، كوابيس الأحلام المفزعة تردّه إلى احتمال عودته للسيدة زينب أو إلى رحاب الملك الجبّار الذي لا تغفل عينه ولا تنام..
أي ظلام أسود يعيشه العراق مع هذه الحفنة من الدهماء، أي فرهود
لصوصي يُعّفر وجه حمورابي والمنصور والرشيد، أية عصابات رعاعية فالتة تعكر صفو الفجر يوم الاعدام في عيد الحج الأكبر، أية فتاوى تزحزح عيد عرفات عن توقيته كي يستوي الإعدام مع يوم لا حرام فيه ولا تحريم!..
هو ذا عهد المالكي في شقاء العراق وانحطاطه، خبراء الاقتصاد
وأساطين السياسة يقدرون أن العراق هو البلد الثاني في الفساد عالمياً، لم يصرّحوا عن البلد الأول صاحب الأوسكار في الفساد ربما كان العراق هو الأول، دولة فالتة من عقالها، فلا أمن ولا أمان، ولا عمل ولا معاش، عراق بلا أفق ولا مستقبل..
شباب العراق إما في الشرطة والأمن أو الجيش أو في ما فيات الفرهود من الصحوة إلى جيش بدر أو جيش المهدي وجيوش جرارة لكسر الاقفال وقتل الناس على مرأى من الملأ، هذا هو عراق المالكي الذي يتباهى فيه، عندما يتبجح بالاستقرار وهدوء الأمن، تخرج له في اليوم التالي سيارات مفخخة تزيل عمارات وتأخذ في طريقها الصالح والطالح من الأنام، لا يوجد بلد في العالم يقتدي به عراق المالكي إلا الصومال، ومع ذلك فإنه مازال يتباهى، لا يستحي من عقد مقارنات بين مرحلته ومرحلة الشهيد صدام، لولا الجوار الإيراني، لولا الجوار الخليجي العربي، لولا اسرائيل ووحيد القرن في أعلى مراحل الاستعمار العالمي… لكاد صدام أن يخرج العراق من النفق، ففي الواقع بين بداية سبعينات القرن الماضي ونهايته، صار العراق بلداً آخر، في التعليم والصحة والصناعة والزراعة والسدود والمواصلات والكهرباء والدخل وشكيمة الجيش في إعداده وتسليحه وتدريبه…
صار للعراق علماء مشهود لهم بالاختراع و الابداع و مجالات التطبيق، قمر صناعي عراقي (المدفع العملاق) يريد أن ينفذ من اسباب السماوات و الأرض، طاقة نووية بدأت بمفاعل ذري ما لبثت طائرات أمريكا في اسرائيل أن دمرته، طائرة بدون طيار عثرعليها المفتشون الأمريكيون في إحدى صوامع الجيش، أكثر من مئتي شركة ومؤسسة عالمية من ألمانيا و أمريكا و بريطانيا و اليابان و الهند والبرازيل… حتى إمارة موناكو، ظلت تعمل لتحديث العراق و اخراجه من العالم الثالث..
نصف ميترو تحت بغداد أوقفته الحرب الإيرانية المتعمدة ضد العراق، صحيح أن العراق هو البادئ باطلاق النار لكنه لم يكن هو البادئ بالعدوان، ظل الايرانيون يقصفون البلدات والقرى والمخافر الحدودية العراقية مدة سنة وأربعة أشهر قبل أن يعلن العراق حربه ضد إيران ومع ذلك فقد وافقت بغداد على قرار مجلس الأمن رقم 479 تاريخ 28 أيلول (بعد خمسة أيام من بدء الحرب)، فيما القرار يدعو لوقف اطلاق النار وترفضه طهران وليس هذا فحسب، بل هناك ستة قرارات مماثلة ظلت طهران ترفضها وتقبلها بغداد، حتى مع عودة القوات العراقية إلى داخل حدودها الاقليمية في العام 1982، وسيدخل الايراينون بعد هذه الفترة إلى منطقة الفاو تمهيداً للزحف نحو بغداد!!..
إلى القدس عبر بغداد وأيم الله لم يكن القصد سوى بغداد.. في اقليم كردستان اليوم، يصرح سادة القوم بأنهم سيعطون مقاعدهم البرلمانية لرئيس وزارة يلبي لهم مطالبهم القومية!!..
ولا يخفق قارئ للأحداث أنهم يميلوا إلى المالكي في المنصب الجديد..
هذا يعني دون مداورة أن المالكي يعدهم بذلك، رئاسة الجمهورية، وزارة الخارجية أو الدفاع ثم كركوك… فإذا كان المالكي على استعداد لتنفيذ استحقاقات كردية انفصالية فهو على استعداد مماثل بالنسبة لايران والولايات المتحدة فآخر ما يهمه مقابل منصبه المطلوب هو العراق.
وللحق فإن بلداً يحكمه المالكي لا يمكنه أن يكون إلا على شاكلة الصومال الراهن، بلد فقد بوصلته وأضاع رأسه واختلط فيه الحابل بالنابل والفساد بالفساد والحق بالباطل.
أعان الله العراق على ابتلائه بأمريكا وإسرائيل وإيران والمالكي ووكلاء الآغوات في كردستان.