أكد رئيس دائرة الحريات وحقوق الإنسان بجمعية الوفاق الوطني الإسلامية السيد هادي الموسوي على أن السلطة في البحرين تطوع القانون ولا تطبقه، وأن كل ما تقوم به هو مصادرة لحقوق أساسية للشعب في سبيل منع احتجاجاته واعتراضه على سياسة السلطة.
وأوضح الموسوي في مؤتمر صحفي عقده بمقر جمعية الوفاق بمنطقة الزنج اليوم الثلاثاء (18 ديسمبر 2012) أن هناك مخالفات إجرائية واستهداف لحق التعبير، وهو حق أصيل للمواطنين أنتهك بقمع مسيرة المنامة يوم أمس (17 ديسمبر).
وقال: حصلت يوم أمس اعتقالات لمواطنين في العاصمة المنامة، وذلك إثر تواجد فعالية سميت بعيد الشهداء، وكان عدد المواطنين الذين اعتقلوا وأفرج عن بعضهم بعد منتصف الليل البارحة، وصل إلى أكثر من 20 مواطناً.
ولفت إلى أن هناك اعتداءات من قبل عناصر الأمن برتب عالية على نساء واقفات على جانب الطريق لم يكن يقمن بأي مخالفة قانونية، واعتقد أن وزارة الداخلية أن تعيد حساباتها في احترام هذا الشعب، وعلى السلطة أن تعود لرشدها في اعطاء الشعب حقه في التواجد الميداني ليتحقق خير هذا الوطن.
اختلال الميزان والتعاطي الإزدواجي
وأشار الموسوي إلى أن السلطة تطرح ذرائع وأسباب تستند فيها لتعسفها في منع الاحتجاج والاعتراض على السلطة، بينما نجدها تتغافل كل هذه الأسباب وتسمح لمن يخرج في مسيرات أو يتجمع أو يبدي تأييده لها دون أن تذكر أن هناك تعطيلاً للحركة المرورية، ودون أن تقول أن هناك غياب لاستتباب الأمن في هذه التجمعات المؤيدة لها، ولا تدعي أن تلك التجمعات غير سلمية كما حال المسيرات السلمية المعارضة للسلطة.
وقال: لازالت نقاط التفتيش قائمة في العاصمة المنامة منذ يومين، والآن تجدون نقاط التفتيش التي تتسبب في تعطيل الحركة المرورية، والآن لازالت العاصمة مزدحمة بنقاط تفتيش وحواجز أمنية في كل المناطق.
وأكد على أن السلطة تطوع القانون بدلاً من تطبيقه باعتقالها الحقوقيين مثل السيد يوسف المحافظة والأخ حسن جابر، وسمعنا عن إيقاف السيد المحافظة والتحقيق معه وإيقافه بتهمة تغريدة على موقع "تويتر" بها أخبار غير دقيقة.. لا يوجد في عمله أي مخالفة يوم أمس إلا أنه كان في العاصمة ضمن بقية المعتقلين.
توظيف القانون في التضييق السياسي
ولفت الموسوي إلى أن هناك آثار للمنع القسري لهذه الاحتجاجات في العاصمة بالذات، هناك منع لحرية التنقل، إذ يجد المقيم والمواطن صعوبة حين تكون هناك دعوة قانونية من مواطنين للتواجد في العاصمة، ومن حق أي مواطن أن يدعوا للتواجد في أي مكان إذا كان مسالماً ومن حقه أن يبدي اعتراضه.
وأكد على أن السلطة تقوم بالتضييق السياسي عبر توظيف القانون، إذ من حق المواطن أن يتواجد ويعتصم في العاصمة وفي قلبها وباحترام كل الأطراف التي ربما تتضرر من تواجده وذلك عبر إعلام الجهات المعنية لتوفير الخدمات لهذا المحتج، ولكن هذا الحق السياسي يواجه من قبل السلطة بأداة قانونية.
ولفت إلى أن السلطة تقول أن التواجد في العاصمة يتسبب في عدم استتباب الأمن والاستقرار، بينما نجد أن هناك بثاً للرعب للأهالي من قبل السلطة وتعطيل للحركة المرورية عبر منع حرية التنقل والمضايقة لها، وحالات إصابات غير ضرورية بالمطلق، وشل للحركة التجارية في السوق، واعتقالات تعسفية لمواطنين بسبب ممارستهم حقهم السياسي والمدني، كما أن هناك إضرار صحية لاستخدام الغازات ضد المواطنين والمقيمين، وهناك إدانات دولية للسلطة وتشويه لأسم البحرين في العالم.
وأوضح الموسوي: السلطة دائماً ما تعزوا اتهاماتها للمعارضة والحقوقيين والمعارضة بأنهم يشوهوا سمعة البحرين، والصحيح أن السلطة هي من تشوه سمعة البحرين لأن العالم لن يقر على مصادرة حق الشعوب في إبداء رأيها واعتراضها على الظلم القائم في أي سلطة.
وشدد على أن هذا المنع القسري يسلط الضوء الإعلامي السالب على البحرين، لأنه لو سمح لهذه المسيرة سينقل العالم هذه المسيرة والسماح لها، بينما ما يسلط الضوء عليه الآن عن اعتقالات وقمع ومنع للحق الجوهري للمواطنين.
التواصل مع المجتمع الدولي بشأن معتقلو الرأي
وقال: ربما وزارة الداخلية تخرج وتصرح بأنها ستحقق في ذلك وسمعنا ذلك كثيراً عما ستحقق فيه ولكن لم نجد أي نتائج، وهذه المقاطع المصورة ما يوضح تماماً أن المسيرة بالعاصمة المنامة سلمية بالكامل، وليس بيد الناس أي أداة لممارسة العنف، وكانوا مسالمين وكانوا يرفعون شعارات ربما لا تروق للسلطة ولا يهم ذلك، فالمادة الدولية والمحلية والإنسانية تشترط سلمية المسيرة، وفعلاً كانت المسيرة بالمنامة سلمية.
وأكد الموسوي أن السلطة بدأت منذ الثامنة صباحاً حتى الثامنة ليلاً أو بعد ذلك في سلسلة ملاحقات واغلاق منطقة واسعة جداً وأحاطت وحاصرت المنطقة من أجل منع المسيرة، ولكن سنخرج في المسيرات، وبسلمية، ومعارضة للسلطة وليست مؤيدة لها وهو حق نتمسك به.
وشدد على أن المعتقلون بتظاهرة الجمعة هم معتقلوا رأي، وسيعرضون على النيابة العامة وهي لا تعطي مجالاً لحضور المحامين كحق للمعتقل لأنها لاتحدد الوقت ولا يتمكن الكثير من المعتقلين من حضور محاميه معه أثناء التحقيق.
وأردف: سنوصل أسماء كل المعتقلين وتفاصيلهم ومعلوماتهم وصورهم، للمقرر الخاص للحق في التظاهر السلمي بالأمم المتحدة، وإلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وإلى مجلس حقوق الإنسان، وإلى منظمات حقوق الإنسان في العالم، لنبين لهم مدى احترام السلطة في البحرين لحقوق الإنسان وحرية التعبير والتجمع، وسنخاطب العالم لأننا نعتقد أن السقف العالمي هو الذي يليق بهامات أبناء هذا الشعب.
وطالب الموسوي بالإفراج عن المعتقلين فوراً كونهم معتقلي رأي، ليتمكنوا من ممارسة حقهم السياسي والمدني ويعودوا لممارسة هذا الحق ويعودوا لمنازلهم.
معاناة شعب من قانون فضفاض
وقال الموسوي: المشكلة التي يعاني منها شعب البحرين بشكل عام والمعارضة خصوصاً هي أن السلطة تطوع القانون بدلاً من تطبيق القانون، وهو القانون المحلي الفضفاض غير الدقيق في مواد قانون العقوبات (المواد: 165، 168، 169، 179)، وهذا القانون فضفاض بحسب الخبراء القانونيين، مما يجعل إمكانية تحكيم الرغبة الشخصية لمتخذي القرار التنفيذي والقضائي يكون لغير صالح المتهم.
وأكد على أن المواطنون المتظاهرون بالعاصمة المنامة من حقهم التظاهر بسلمية وهم كانوا سلميون، وهناك إثبات بأن المتظاهرين لم يقوموا بأي عمل عنفي.
وقال أن تعطيل الحركة المرورية مسألة اعتيادية في كل احتجاجات العالم، لأنه لايوجد أناس يحتجون على سلطاتهم تحت الأرض أو في البحر، بل يكونون متواجدين حيث تتعطل الحركة المرورية، ولكنه فرضاً وحدوداً تفرضه الدساتير.
اعتراف عالمي بحق التجمع السملي
ولفت إلى أن المادة 21 للعهد الدولي الخاص للحقوق السياسية والمدنية، وهي أسمى من كل حد تضعه مادة قانونية أو دستورية محلية إذا صادقت البحرين على هذا العهد وهو ماحصل، إذ تنص هذه المادة بوضوح: "يكون الحق في التجمع السلمي معترفاً به، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقاً للقانون وتشكل تدابيراً ضرورية في مجتمع ديمقراطي"، وهو المجتمع الذي جاءت حكومته بالانتخاب وهو الذي يمثل سلطة الشعب ويكون فيه مجلساً تشريعياً قادراً على اتخاذ قراره وليس مقيداً ولا يتخذه عبر سيطرة غرفة معينة تمثل الحاكم، فهذا المجتمع صورته ديمقراطية ولكن جوهره دكتاتوري.
وأردف: أقبل في مجتمع ديمقراطي أن يقول وزير الداخلية أو وزير الطرق أو من يعنيه أنه لايسمح بمسيرة أو تظاهرة لأنه يمثل فعلاً رأي الشعب ولا يمثل رأي سلطة مستبدة.
السلطة تشل الحركة التجارية
ولفت الموسوي إلى أن شل الحركة التجارية، هي واحدة من أسوأ مفاعيل منع المسيرة السلمية يوم أمس في العاصمة المنامة، فكثير من المحلات التجارية أغلقت، ليس لأن المسيرة موجودة، ولو كان طولها يمتد لكيلومتراً واحداً من المشاركين فإنهم سيمرون على المحلات التجارية وسينتهي بعد ذلك وسيبقى المحل التجاري مفتوحاً ومتاحاً للزبائن، بينما حصول حالة الفرض الجبري والمنع القسري والافتئات على القانون الدولي الذي يفرض على كل سلطة في العالم أن تعطي شعبها حق التظاهر وحرية التعبير، يؤدي لشل الحركة التجارية.
وأردف: إذا كانت وزارة الداخلية والجهات الأمنية تقول أن هناك من يشتكي بسبب زيادة التظاهرات في المناطق لأنها تعطل الحركة، فإن هناك من يقول أن هذه المواجهات تجعلنا نغلق محلاتنا وليس لأنه لايوجد زبائن، لأننا نخشى عليها من أن تقع تحت طائلة العنف الذي تمارسه السلطة بوضوح.
وقال أن السلطة لم تستطع أن تستثمر تقرير لجنة تقصي الحقائق ولا توصياته، وهي بالغة الأهمية، وتعتبر موجهاً للسلطة في أن لا تكرر أخطائها، وتوصيات هذه اللجنة تعتبر حافزاً وضامناً لاحترام حق المواطن وحق السلطة في حال تطبيقها، ولكن كل مايجري ادعاءات وهذا حديث المنظمات وتقارير الدوائر السياسية الحقوقية بالدول الصديقة للبحرين، تجدون الإخفاق في تطبيق توصيات بسيوني.
وأشار إلى أن العهد الدولي يعطي قيمة كبيرة للشعوب، لأن الأنظمة في العالم إذا لم تنبع من إرادة شعوبها فإنها تضيق على هذه الشعوب في أن تنتقدها وتبدي رأيها المخالف لها. فالعهد الدولي يريد لنا أن نكون مجتمعاً ديمقراطياً ونتحرك بحرية في تعبيرنا وأن نكون سلميين وأن نؤسس سلطة لها احترام متبادل مع الشعب، وتبتعد عن الانتهاك والقتل والظلم والتعسف والاعتقال والتجاوز التنفيذي، وهذا مانريده أن يتحقق في البحرين.
يد مطلقة للسلطة في مقابل تقييد الشعب
ولفت الموسوي إلى أن أن المواد 165 و168 و169 من قانون العقوبات البحريني تقيد الرأي والتعبير، بتجريمها التحريض على كراهية النظام أو الإضرار بالصالح العام، دون أن تنص على أي عمل مادي ينتج عنه ضرر للمجتمع والفرد، وقد جرى تطبيقها لقمع النقد المشروع للحكومة، وهذا كلام لجنة تقصي الحقائق.
وقال أن اليد مطلقة للسلطة التنفيذية ومقيدة للحركة الشعبية، المجتمع ملئ بالكاميرات التكي تكشف وتوثق الإنتهاكات، ودائماً ما تكذب السلطة الانتهاكات التي يقوم بها افرادها ولكن التصوير يكشف ذلك.
ولفت إلى أن القوات اعتقلت رجل مسن لماذا؟ قد تقول الداخلية أنه حضر تجمعاً غير قانوني ولكن بحسب القانون الدولي من حقه أن يتواجد في العاصمة ومن حقه أن يعترض على السلطة وأن ينتقد السلطة وأن يمارس حقه بسلمية، وليس من حقكم اعتقاله.. فاعتقاله تعسف.
وأردف: اعتقلت فتاة كانت مسالمة ولم تكن مدججة بالسلاح وأدوات القمع.. ولكنها مجرد أمرأة سلمية بين المتظاهرين، ونجد بشكل موثق رش المواد الحارقة في وجه النساء من قبل القوات مما يشكل اعتداء عليهن.
وأضاف: الحقوقي السيد يوسف المحافظة من حقه التواجد في أي موقع تتواجد فيه أحداث كما هو الصحافي والسياسي وغيره، وكان يرفع يديه أمام القوات وكأنه يقول ليس لدي ما توقفوني عليه.
ولفت إلى مشاهد مصورة، توثق أن أفراد القوات تعتدي على المواطنين، يمعن في رش المواد الحارقة "الفلفل" ورجال جالسون وليسوا مشاركين في مسيرة يهددهم، وهو يمشي يلقي الغاز الخانق.. على مشاة وقاطنون بالمنطقة، وأريد أن أؤكد لوزارة الداخلية أن هؤلاء ليسوا من القوات الخاصة وإنما من عناصر وزارة الداخلية، يتلفت يمنة ويسرة ويتجه للمرأة الواقفة ويمعن في إلقاء الغاز السام والمواد الحارقة عليها، مالذي فعلته؟ أليس هذا امعان في استخدام القوة وعبثية في التعامل مع المواطنين، ثم يذهب يريد أن يسلب كيس من يد رجل كان ماراً.
18/12/2012 م