مريم الشروقي
كثيراً ما سمعنا هذا المصطلح بعد أحداث 14 فبراير/ شباط من العام الماضي، وهناك وجهات نظر مختلفة تدور حوله، فأحدهم قد يقول لا مصالحة قبل طرح الحلول، ولا مصالحة إلا بعد الاعتذار، وآخرون يقولون: عفواً… المصالحة مع من؟ فئة من المجتمع، أم مع «خونة» كما نُسبت للبعض منّا، أم ماذا؟
نعم… إنها المصالحة التي تثرينا وتهمّنا في الشأن الأوّل، ولن تقوم الحلول السياسية من دون المصالحة، فلقد تأذّى الكثيرون من أبناء وطننا، وبلع المر فئة غير قليلة من هذا المجتمع، وانقسمنا ومازلنا نغذّي هذا الانقسام، وهناك ذئاب تعوّل على هذا الانقسام.
إذاً لابد لنا من التعرّف على هذه «المصالحة»، فنحن لا نعيش في صومعة، بل نعيش مع بعضنا البعض، مع أن البعض يجلس فوق برجه العاجي ولا يعلم عن أخبارنا إلا القليل، أو عن طريق ما يسرد في الصحف أو القنوات، فلابد لنا الآن من وضع اليد مع اليد، والكتف مع الكتف من أجل النهوض مرّةً أخرى بحلول جذرية قد تغيّر مجرى تاريخ البحرين.
«لا… لا… وألف لا. لن نتصالح معهم»! «لا… لا… وألف لا بعد ماذا تأتي المصالحة»، «انتبهوا هناك من يسترق السمع»، «انتبهوا لقد حفظوا رقم هواتفنا»، باتت البحرين تعيش في قلق مزرٍ، لا صديق ولا عدو، الجميع يخاف من الجميع، والكل لا يثق في الكل، فمن أين نبدأ يا ترى؟ أنبدأ بالحوار، أم نقول بأنّ الحوار طال أمده ولن نراه على المدى البعيد، أنلجأ إلى إشعال فتيل الفتنة المؤجّجة حالياً، لتعهد البحرين استنزافاً اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، أم نحاول إرجاح صوت العقل والمحاولة مرّة أخرى من أجل الوطن؟
إنّنا في زمن لا يتساوى مع ما يحدث على أرض الواقع، فلا التهديد ولا الوعيد يرجعنا إلى ما كنّا عليه، فما أن يتغيّر فكر أحدهم، حتى بات الرجوع إلى الفكر القديم محالاً، ولنا في التاريخ عبرةٌ يا أولي الألباب.
الحل بأيدينا جميعاً، فلنحسن الظن في الآخر، ولنبعد عن نار «الطائفية المُختلقة»، فلن تدوم لنا إلا العلاقات الطيبة، والإصلاحات الحقيقية، والحوار الموجّه في مكانه المناسب، فالوعي المجتمعي في ازدياد، والحراك السياسي سلاح ذو حدّين، ونحن نطمح إلى غد مشرق، لا غدٍ أسود، يحل علينا، فنخسر كل شيء!
نناشد في هذه اللحظة العقول قبل العواطف، ولنترك العواطف جانباً، لأن الوطن يحتاج إلى العقول النيّرة، وإلى الالتفاف حول بعضنا البعض، فنحن في فرقةٍ اليوم، ولكن بالمصالحة والحوار المجدي، نحن أمّة واحدة غداً، ولنترك الترّهات إلى المتمصلحين، فهم أولى بها، ولنترفّع عنهم، لنخرج الوطن من المأزق الحقيقي الذي نحن فيه حالياً.