هاني الفردان
هذه هي النتيجة القديمة المتجددة، والتي تتكرّر في كل مشهد، عندما نجد حدثاً يقوم به مؤيدون أو قريبون من المعارضة فهو «إرهاب» وهم «إرهابيون»، أما إذا قام به مؤيدون أو قريبون من السلطة فهم «مجهولون».
الواقع يقول إن الجهات الأمنية لن تحتاج لأكثر من ساعة إلى ساعتين ليتم الإعلان عن القبض على الإرهابيين المعارضين متلبسين، وقد أدلوا باعترافاتهم الكاملة وعن طيب خاطر ودون تعذيب أو سوء معاملة، وتم تصويرهم في موقع الحدث.
في المقابل، النتيجة واضحة: «مجهولون»، مازال التحقيق جارياً والبحث مستمراً عن المتهمين في إطلاق النار على المواطنين، حتى وإن كان الحدث مصوّراً، أو أن السيارة معروفة أو حتى لو كان من أطلق النار ليس غريباً.
تحدّثت من قبل، عن أن البيانات الرسمية أصبحت متكرّرةً في ظل الأحداث التي تشهدها البحرين، ومعها يتكرّر مشهد استخدام الألفاظ نفسها، بحيث بات الشارع المعارض أو المؤيد للوضع القائم يفهمها، ويفهم من خلالها سير مجريات القضية، فإذا كانت «إرهاباً» فسرعة القبض والتحقيق والاعتراف والمحاكمة والحكم القاسي عليه، أما إذا كانت «مجهولاً» فهي من الغيبيات التي لا يعلمها إلا الله.
في البيان الأخير المتعلق بالسيارة المدنية التي أطلقت النار على مواطنين في بوري، تحاشت وزارة الداخلية ذكر «مجهولين»، إلا أنها لم تتطرق لأي معنى من معاني الإرهاب، والتي عشناها طوال أيام في أي حدث تشهده البحرين، فإطلاق النار من قبل مسلحين على مواطنين، لا يمكن أن يكون إرهاباً!
ومن حقنا أن نطرح سؤالاً بسيطاً على الجهات التي أصدرت بياناتها بخصوص مقتل الشهيد محمود الجزيري، فلم نجد في البيانات أي حديث عن من قام باصابة الشاب الجزيري، رغم انتشار المقطع المصوّر الذي يُظهر بوضوح، كيف أصيب الشاب بضربة مباشرة، ومن على بعد أمتار، مع استهداف الجزء العلوي من جسمه، فكانت الإصابة دقيقةً جداً لتردي الشاب صريعاً.
إلى الجهات المعنية: مَن صوّب بشكل مباشر مقذوفته لرأس الشاب محمود الجزيري وأدى لموته؟ ومِن ثمّ يمكنكم البحث عن من نقله؟ ومن أخّر علاجه؟ وعن أي سؤال آخر؟ مسئول في الحكومة كثير الحديث والتصريحات والزلات والإخفاقات، خرج وأكد لقنوات فضائية عالمية أن «كل ما تعرفه السلطات هو أن المواطن محمود الجزيري تعرّض للضرب بآلةٍ حادةٍ في رأسه، ولكن لا دليل على أن الشرطة هي من ارتكبت هذا الفعل» رغم أن المقطع المصوّر، لا يحتاج للتدقيق، حتى أن وزارة الداخلية تحاشت الحديث في الموضوع، وتحدّثت عن تضارب أقوال الأهالي.
لا أمزح عندما أقول إن الإعلام الدولي اعتاد على تصريحات من هذا النوع، والتي دائماً ما تكون مقلوبة، إلا أنه يضطر لنقلها عملاً بمبدأ «الرأي والرأي الآخر»، وخصوصاً أن حديثاً رسمياً آخر حاول خلط الأمور كالعادة، اذ نقلت احدى الفضائيات أن «حسين الجزيري (16 عاماً) كان متوجهاً مع مجموعة كبيرة من الأطفال تحمل المولوتوف في اتجاه عناصر من الشرطة في منطقة محظورة، للهجوم مباشرة عليهم، ما نتج عنه مقتل أحد رجال الأمن».
ما كان يُراد قوله، هو أن هجوم الأطفال الذين كان من بينهم حسين في منطقة الديه صباح الرابع عشر من فبراير/ شباط 2013 أدى لمقتل الشرطي، وكلنا يعلم بأن الشرطي قُتل في مساء يوم الخميس بمنطقة السهلة بحسب بيان وزارة الداخلية.
المحصلة النهائية أن: حريقاً بالقرب من سور مدرسة إرهاب، أطفال يلهون بعبوة ماء بلاستيكية في مدرسة يعتبر تدريباً على الإرهاب! لكن إطلاق نار من «سيارات مدنية» أو ما بات يعرف بـ «ميليشيات مسلحة» واستهداف المواطنين وقتلهم، ليس إرهاباً في بيانات الجهات الرسمية.