مالك عبدالله
تتصدر الصحافة والإعلام أخبار وزارة التربية والتعليم في إقدامها على معاقبة الجامعات الخاصة والمدارس الخاصة والروضات، وذلك بنشر أسماء تلك المؤسسات في إطار الشفافية الكبرى التي تتمتع بها الوزارة، والتي لا تشمل التوظيف والبعثات وأموراً أخرى تطول قائمتها.
إلا أن تلك الشفافية بالتأكيد لا تشمل مخالفات مسئولي وزارة التربية أنفسهم التي كشفت الأمطار الأخيرة جزءًا بسيطاً منها، فتوقف مدرسة لأن هناك مبنى جديداً تم دون ترخيص من الوزارة، وليذهب الطلبة للجحيم في مدة التوقيف، بينما عشرات الكبائن من الأخشاب في المدارس ومبانٍ أخرى متهالكة في المدارس الرسمية واكتظاظ الفصول بالطلبة والطالبات، فكل ذلك جاء وفق المعايير العالمية للتخطيط الإستراتيجي للتعليم المتقدّم!
ليست مهمتي الدفاع عن الجامعات أو المدارس الخاصة، لكن الكيل بمكيالين في الموضوع واضح، فالوزارة التي تصدر قرارات الوقف ضد المدارس والجامعات الخاصة هي نفسها مليئة بالمخالفات الجسيمة التي تزيد بكثير عن تلك المدارس والجامعات.
وفي إطار المواطنة والوطنية وحقوق الإنسان التي تتغنى الوزارة بإدخالها في المناهج، يجلس مئات البحرينيين والبحرينيات من المؤهلين في منازلهم عاطلين عن العمل، بينما تقوم الوزارة بجلب المئات من المدرسين والمدرسات، وبعضهم عوائل متكاملة ليتم توظيفهم، وكل هذا والبحرينيون الذين تتلقاهم الكثير من الدول لتوظّفهم هم غير مؤهلين في بلدهم لشغل تلك الوظائف!
وآخر ما تفتّقت عنه عبقرية الوزارة ومسئوليها، هو معاقبة مدرّس ينتمي لإحدى الجنسيات العربية بتفريغه من الجدول الدراسي ليكون مدرس احتياط! طبعاً البحرينيون لا يستطيعون العمل كمعلّمي احتياط، فهم غير مؤهلين بحسب معايير الفئوية والطائفية المتبعة. وقد جاء تحويل المدرس العربي إلى مدرّس احتياط كعقاب كبير جداً له بسبب شكوى أولياء الأمور الكثيرة جداً من قيامه بضرب أبنائهم الصغار وهم في المرحلة الابتدائية بشكل عنيف جداً وصل إلى حد وصفهم هذا الضرب بـ»التعذيب»، والوصف لهم، وبعد الشكاوى والشكاوى والشكاوى جاء القرار العالمي ليكون تفريغه كمدرّس احتياط ليتفاخر أمام العاملين أنه سينتقل إلى الجامعة وفي القريب! وطبعاً لم نستغرب من ترقيته إلى الجامعة فكل شيء واضح من أن المواطن يتم تكريمه من خلال ترقية كلّ من يستهدفه.
أين المسئولية؟ وأين حقوق الإنسان؟ وأين المعايير؟ وأين المواطنة؟ وأين الوطنية في توظيف مثل هذا الإنسان ثم الاستمرار في التغطية على أفعاله وأفعال غيره ممن يشتكي الطلبة من أنهم لا يفهمون ما يقولون.
ولكم المفاجأة التي جاءت لتؤكّد تكريم المواطن البحريني، وهي أن هذا الوافد العربي الذي تعمل زوجته أيضاً في البحرين، تم توظيفه مكان مدرس بحريني لم تمر أوراقه من قبل جهة رسمية، وكل هذا والقول مستمر بالعمل على مدارس المستقبل.
مستقبل تهميش البحريني في وطنه، مستقبل فساد يوثقه تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية كل عام والمفسدون يزدادون عدداً ورفعة ومالاً دون حسيب ورقيب. مستقبلٌ يجلس البحريني في بيته عاطلاً ليتم جلب خريجين من جنسيات أخرى ليتم توظيفهم في وزارات وجهات رسمية. كل ذلك والاقتصاد قوي والتماسك الاجتماعي لا تشوبه شائبة، والمواطنة مصونة والمساواة مطبقة والعدل سائد!