حسن المدحوب
أيام قلائل وينقضي العام 2013، ولا بوادر لحل سياسي يمكن أن يزيح عن البحرين إرث الأزمة التي تعصف بها لعقود متعاقبة، وإن كانت قد اشتدت وتعاظمت وازدادت آلامها وجراحاتها، منذ 14 فبراير/ شباط 2011.
عام آخر ينقضي، والانتهاكات على البحرينيين لم تتوقف، المداهمات التي تفتقر لأدنى درجات الحس الإنساني والقانوني، ترتفع وتيرتها يوماً بعد يوم، دون رادع أو محاسبة، ودعاوى التعذيب مستمرة، وحالات الاعتقالات والاختفاء القسري ترتفع يومياً، المنفيون طوعاً يزدادون، بعد أن وضعوا أمام خيارين لا ثالث لهما، إما السجون والمعتقلات، وإما العيش خارج الوطن!
عام آخر ينقضي، وهذه المداهمات التي تجري ليلاً ونهاراً، تدفع أرقام المعتقلين في السجون للصعود، وكأنما أصبح قدر الآلاف من أبناء هذا الشعب أن يكون المعتقل مسكنهم الخاص، بعد أن عجزت الدولة عن توفير مساكن لهم خارجه، حتى ناهزت الطلبات الإسكانية ما يربو على 54 ألف طلب!
عام آخر ينقضي، والبحرينيون يتذكرون ضحاياهم الذين قضوا في السجون والمعتقلات والشوارع، لا لشيء، إلا لأنهم كانوا يحلمون بوطن ينعم فيه الكل بالحرية والكرامة والعزة والخير، يتذكرون منظر الرؤوس المهشمة، والجثث الهامدة، والأجساد المثقوبة، والأعين التي فقد أصحابها نورها.
عام آخر يذهب، ودموع الأمهات والزوجات لم تجف بعد، وأنين الأطفال الذين ينتظرون آباءهم وأمهاتهم ممن قضوا ضحايا أو غيّبوا في المعتقلات مستمر، عام آخر يقضي فيه البحرينيون أعيادهم أمام قبور أحبائهم الذين قضوا في هذا الحراك الوطني مطالبين بالخير لكل البحرينيين.
عام آخر يمضي، ومايزال هناك مفصولون لم يعودوا لأعمالهم، رغم كل التصريحات التي تتكرّر، بمناسبة وبدونها، انه تم الانتهاء من هذا الملف، غير أن صور الخبز الذي يحمله هؤلاء المفصولون في كل اعتصام تؤكّد عكس هذه المقولات التي تبقى حبراً على ورق أمام الواقع والحقيقة.
عام آخر يغادر، ومساجد مهدمة لم تبن بعد، بعد أن طالتها يد التجريف والهدم، من دون هدف سوى تفريغ شحنات الكره والطائفية والكراهية التي يراد لها أن تختطف سماحة ورُقيّ هذا الشعب، وإلا فهل هناك يد تحمل ذرة من الإنسانية أو الدين تمتد لتسقط حجرة واحدة من بيوت يذكر فيها اسم الله ويسعى في خرابها!
عام آخر يمضي، والتمييز والطائفية تشتد، التمييز الذي يراد منه أن يسرق أحلام البحرينيين في المواطنة المتساوية العادلة، التي لا تصنف الناس بحسب عقائدهم ومذاهبهم وانتماءاتهم السياسية، إلى مواطنين من الدرجة الأولى، وآخرين من الدرجة العاشرة.
عام آخر يغادرنا، ولدينا بحرينيون، سحبت منهم جنسياتهم ومهدّدين بالترحيل عن أرضٍ لم يعرفوا غيرها، لا لشيء إلا لأنهم يملكون رأياً حراً عادلاً عبّروا عنه بكل حضارية وسلمية، داعين إلى بلد يساوي بين جميع أبنائه ولا يفرق بينهم.
عام آخر يمضي، وحملات الكراهية والحقد تبث جهاراً على الفضائيات، وعلى أوراق الصحف وفي الإعلام، وفي الشوارع وعلى الجدران العامة، حملات لم يستطع بسيوني ولا غيره أن يوقفها، حتى بات وسم مكوّن أساسي في المجتمع البحريني بالخونة والعملاء، فعلاً اعتيادياً لا وزر عليه، بل ويتباهى به فاعلوه وقائلوه ومناصروه!
عام آخر ينقضي، يليه آخر قادم، عل وعسى، أن يكون عام تحقيق الخير والحرية والإنصاف لكل البحرينيين.