مريم الشروقي
في ندوة نظمتها جمعية التجمع القومي الديمقراطي، مساء الاثنين بمقر الجمعية بمنطقة الزنج؛ وكانت بعنوان «تغييب الحل السياسي وأفق الحوار المسدود»، تحدّث القيادي بجمعية الوفاق عبدالجليل خليل عن استعداد القوى الوطنية المعارضة للجلوس مجدداً إلى طاولة الحوار للوصول إلى حلٍ للأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد، آملاً أن يكون العام 2015 عام الحلول السياسية التي تنقذ الوطن، لأنه لا يصح أن يكون الوطن بين طاحونة الخيارات الأمنية وغياب الحلول السياسي.
نائب الأمين العام لجمعية التجمع القومي الديمقراطي محمود القصاب دعا من جانبه الأطراف المعنية في البحرين إلى القبول بتقديم تنازلات للوقوف عند منتصف الطريق، لضمان وجود دولة قادرة على تحقيق العدالة والاندماج الوطني وتعزيز التعايش بين مكونات الوطن.
وبينما يتحدّث خليل والقصّاب عن الرجوع إلى طاولة الحوار وعن تقديم التنازلات من قبل البعض، فإننا نؤمن بمبدأ (Win-Win)، أي «تربح وأربح»، ومعناه الموازنة بين الأطراف المتنازعة للوصول إلى تفاهم مشترك، وبهذا نستطيع جميعنا الربح من دون خسارة. وما نلاحظه على الساحة أنّ الجميع خسران حالياً، وليس هناك من منتصر، فالوطن ينزف ومعه تتدهور القوى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ولا يمكننا المضي من دون تقديم الحلول والتنازلات البنّاءة، وليست التنازلات التي تقضي على أحد منّا! فخسارة أحد الأطراف المتنازعة هي خسارة للجميع، وليس ربحاً لأحد على أحد!
ممّا قد نتعلّمه في إحدى الورش أو الدورات التدريبية هو أنّ عملية التفاوض لابد منها، ومن ثمّ المصالحة، وهذان المصطلحان سليمان ولا شكّ فيهما، ولكن تطبيقهما على أرض الواقع صعب جدّاً، خصوصاً في ظل الاختلافات الفكرية والعقائدية والإثنية، ولو تركناها جانباً، لاستطعنا التقدّم في ملف المصالحة الوطنية.
قد يكون هذا المبدأ الذي تمّ طرحه آنفاً، مطروحاً لدى الأطراف المتنازعة، ولكنه ليس ورقة ذات أولوية للبعض، وما أن يكون ورقة ذات أولوية سنجد بأنّ هناك من سيستفيد من قلب الأوراق جميعها إلى أن تكون في صالح الوطن، فهل الوطن هو العنصر الرئيس بين الجميع؟ أم أنّ هناك أموراً أخرى هي ذات أولوية اليوم!
لاشك أنّ المصلحة الوطنية تحتّم علينا المصالحة الفورية، فأي موضوع هذه الأيام هو ليس بذات الأهمّية لموضوع المصالحة الوطنية، فهي التي ستبعدنا عن المخاطر الإقليمية والدولية، وتجعل الطامعين فينا يجدون صعوبة في اختراق خطوطنا، وإن كانت أوطاننا صغيرة، إلاّ أنّ هناك من يريد الاستيلاء عليها وتفكيكها من الداخل حتى تكون لقمة سهلة في المستقبل، فهل وعينا اللعبة أم أننا نتجاهلها لسبب ما قد يكون التطرّف أوّله؟
التطرّف ليس فقط عمامة أو لحية طويلة أو ثوباً قصيراً، فقد يكون التطرّف لطائفة أو قبيلة أو عرق، وهنا لا نستطيع الاستمرار في أية مصالحة ما دمنا نتطرّف لهذه العناصر، وعليه يجب على الجميع التحذير من مغبّة الاستفادة من التطرّف، لأنّه سينجح في بعض الأمور مؤقّتاً، ولكننا سنخسر على المدى البعيد، فهل نستطيع إبعاد التطرّف عن طاولة الحوار والبدء في التنسيق لحوارٍ مجدٍ نخرج عن طريقه بآليات تفيد الوطن؟ نشك في ذلك، ولكننا نأمل أن تحدث المصالحة البنّاءة في القريب العاجل.