طالبت الجمعيات السياسية المجلس الوطني بغرفتيه، الشورى والنواب، والحكومة بضرورة التحقيق في كل القضايا والمخالفات المالية والإدارية التي حفل بها تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير، واعتبرت أن «التحقيق الجاد والرصين في تلك القضايا أصبح ضرورة ملّحة بسبب تكرار ذات المخالفات في كل سنة».
واعتبرت الجمعيات السياسية التي استطلعتها «الأيام» أن التقارير السابقة التي نشرها ديوان الرقابة المالية لم تحظ بالاهتمام والمتابعة التي تتناسب وما جاء فيها من مخالفات مالية كبيرة وقعت فيها بعض الجهات والمؤسسات الحكومية، ونوّهت إلى ان ذلك أدىّ إلى تكرار حصول تلك المخالفات.
وتمنّت الفعاليات السياسية أن لا يمر التقرير الحالي كما التقارير السابقة التي صاحب نشرها في الصحافة المحلية فزعة إعلامية وسياسية ونيابية آنية سرعان ما انتهت وتلاشت.
وأشارت إلى أن العديد من الملاحظات التي أوردها التقرير الجديد لا تختلف كثيرا عن تلك التي وردت في التقارير السابقة وهو ما يعطي انطباعا عن غياب الرادع الذي يصحح تلك المخالفات التي تقع فيها كثير من المؤسسات والوزارات الحكومية.
وشددوا على ضرورة أن يأخذ المجلس الوطني دوره في التصدي لمثل هذه الممارسات التي أصبحت تزداد عاماًَ بعد آخر كونه الجهاز المعني بمراقبة السلطة التنفيذية.
ولفتوا إلى ضرورة أن يحال المفسدون إلى النيابة من أجل أن يأخذ القضاء مجراه في هذا الشأن الذي من شأنه أن يوقف عجلة الفساد.
وقد قال الأمين العام لجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي د. حسن مدن إن أهم ما يجب الالتفات له بعد الاطلاع على تقرير ديوان الرقابة المالية أن لا يتكرر ما حدث مع التقارير السابقة خلال السنوات الماضية، وما تركه التقرير من ضجة إعلامية ونيابية وسياسية تستغرق اسبوعا أو اسبوعين من صدور التقرير وينتهي الأمر وكأن شيئا لم يكن».
واعتبر أنه «من الجيد أن يصدر تقرير بهذه المهنية العالية وأن يرصد جوانب الفساد في الاجهزة الحكومية المختلفة، إلا أن الأهم من ذلك أن يتم التعاطي بمسؤولية مع ما يطرحه التقرير من دلائل وبراهين تبين وجود فساد ومفسدين، وهو ما يدفع إلى ضرورة أن يعمل النواب بصورة متسارعة لتشكيل لجان تحقيق في التجاوزات التي طرأت للوزارات ومع المسؤولين عنها، على أن تنتهي لجان التحقيق بأمور ملموسة».
وأشار إلى أن إصدار تقرير سنوي بهذا المستوى الراقي وبهذه المعلومات المهمة دون الاستفادة منه وأن يترك في الأدراج دون تقديمه، سيفقد التقرير فائدته وأهدافه المتمثلة في مكافحة كل أوجه الفساد، متسائلا «ما الهدف من التقرير؟ هل لرصد التجاوزات التي تحصل في أجهزة الحكومة وحسب؟» مستدركا «إن كان كذلك فالناس تعرف الكثير من الأمور التي وردت في التقرير إلا أنها تتطلع إلى تصحيح الوضع ومحاسبة المسؤولين عن ذلك الفساد الإداري والمالي».
وأوضح أن هناك ضرورة للعمل بشكل سريع خصوصاً مع صدور التقرير في وقت يزاول فيه مجلس النواب نشاطه وفي ظل وجود رقابة من قبل المجتمع المدني الذي يستدعي العمل الجاد على خلفية التقرير.
وعن النشاطات التي ستقوم بها الجمعيات السياسية على إثر التقرير قال مدن «كما هو ملاحظ فإن التقرير طويل ويتطلب قراءة دقيقة ومتأنية للوقوف على أبرز المخالفات، إلا أننا سنتجه لإقامة أنشطة لتسليط الضوء على ما ورد في التقرير والضغط باتجاه أن تكون هناك خطوات عملية ملموسة ومحاسبة مباشرة للمفسدين، وسندعم البرلمان في أي خطوة يتخذها في اتجاه محاسبة أوجه الفساد».
ولفت مدن إلى أن غياب بعض المؤسسات التي للحكومة حصة كبيرة فيها عن تقرير الرقابة المالية يثير التساؤل، خصوصا أن المطلوب من ديوان الرقابة المالية والإدارية أن يغطي جميع الجهات التي يكون للحكومة أسهم فيها والتي تتعلق بمفاصل وطنية مهمة كشركة ألبا.
من جانبه قال الأمين العام لجمعية التجمع القومي الديمقراطي د. حسن العالي «إن من الملاحظ أن قضايا الفساد والانحراف المالي والإداري آخذة بالتزايد عاما بعد عام بدلا أن يكون العكس، وسنوياً نكتشف مزيدا من قضايا الفساد والانحرافات المالية والإدارية من الناحيتين الكمية والكيفية وهو ما يتنافى مع المشروع الإصلاحي لجلالة الملك الذي جاء للقضاء على كافة أوجه الفساد».
وأشار إلى أن مظاهر الانحراف المالي والإداري طالت حتى المؤسسات التي جاءت في ظل المشروع الإصلاحي مثل تمكين وصندوق العمل التي كان أساس انطلاقها تأسيسها ضمن مشروع إصلاح سوق العمل، موضحاً «بالرغم من أنها تعد من المشاريع الرئيسية المهمة في إصلاح الوضع الاقتصادي في البلاد إلا أننا نرى تلك المؤسسات هي نفسها تعاني من مظاهر الانحراف المالي والإداري، وتقرير ديوان الرقابة المالية عن مآسي تلك المؤسسات التي تهدر أموالا كبيرة نتيجة للضعف الإداري فيها».
ولفت إلى أن الأخطاء ومظاهر الانحراف تتكرر ، متسائلا «أين جدية الحكومة في التصدي لما يرد في ديوان الرقابة المالية من مظاهر الفساد، خصوصا ما يلاحظ من تكرار نفس الملاحظة على نفس الجهة».
وطالب العالي بضرورة وجود هيئة عليا لمكافحة الفساد في البحرين وهو المطلب الأبرز لكل المؤسسات الحقوقية والسياسية في البحرين، مشيرا إلى أهمية وضع تشريعات أكثر صرامة لمرتكبي الفساد، وتفعيل دور ديوان الرقابة المالية من خلال إحالة المتهمين بتقرير الفساد إلى النيابة بحيث يتخذ القضاء دوره في هذا المجال.
وأشار إلى أن النواب يحملون جزءا من المسؤولية كونهم الجهة الرقابية الأبرز لحماية حقوق الناس، معتبرا أن بعض النواب أنفسهم توجه لهم التهم في أنهم كانوا مطلعين على بعض قضايا الفساد التي تحدث في الأجهزة الحكومية إلا أنهم يتغاضون عنها نتيجة المصالح الشخصية وهو ما يعرض التقرير إلى ألاعيب المصالح الشخصية ويجعله ضعيفاً وبعيدا عن الجدية».
وأشار عضو المكتب السياسي بجمعية العمل الوطني الديموقراطي ابراهيم كمال الدين إلى أن الملاحظات الواردة في التقرير تكرر نفسها في كل عام بنفس الهفوات والتجاوزات إلا أن عملا جدياً لم يحدث على خلفية تلك التقارير، موضحاًَ أن المؤسف أن يمر التقرير على الجهة المعنية مرور الكرام بحيث يرفع للنواب من أجل المناقشة ووضع التصورات دون الأخذ بها.
وفي سياق آخر وجه كمال الدين شكره إلى وزارة الداخلية على جرأتها في محاربة الفساد واتخاذ «لا للفساد» شعاراً للوزارة.
وذكر أن شعار لا للفساد والذي طرحته وعد في حملتها الانتخابية أصبح شعار كل المواطنين والمسؤولين في الدولة لما بدأ يظهر من فساد إداري ومالي يستدعي تدخلا سريعاً من قبل الجميع لتدارك الوضع وتصحيح المسار قبل أن يتفشى الأمر.
من جانبه قال الأمين العام لجمعية التجمع الوطني الديمقراطي فاضل عباس «إن التقرير الحالي لديوان الرقابة المالية والتقارير السابقة هي تقارير خطيرة تستوجب المساءلة، لذلك نأمل أن يكون الهدف من تشكيل اللجنة الوزارة معاقبة المقصرين وأن نسمع أمام الرأي العام أن هناك إجراءات اتخذت ضد المتورطين في هذه التجاوزات، وأن يتم عزل كل المقصرين والمتجاوزين من مناصبهم ونأمل أن يتم الإعلان عن ذلك أمام الرأي العام، وأن لا يكون تشكيل اللجنة مجرد إجراء موقت دون أي نتائج تذكر في النهاية كما حدث في لجان أخرى».
وشدد على ضرورة أن يترجم ما ورد في تقرير الرقابة المالية على أرض الواقع من خلال تفعيل كل الأدوات الرقابية وإحالة المفسدين للنيابة من اجل حفظ حقوق المواطنين، ووقف سيل الفساد الذي يحدث في الأجهزة الحكومية.
جريدة الأيام العدد 7937 الأحد 2 يناير 2011 الموافق 27 محرم 1431هـ