حسن المدحوب
في غمرة التطورات الأمنية التي تشهدها البلاد، بعد الحادثة التي أوقعت ثلاثة ضحايا من رجال الأمن، وما تلاها من تضييق الخناق على الحراك السياسي بشكل أكبر من السابق، يبدو أن الحديث عن الحوار الوطني الذي بشّر به سمو ولي العهد منذ منتصف يناير/ كانون الثاني من العام أصبح نسياً منسياً!
الحديث اليوم ساخنٌ حول نقاط التفتيش التي تواجه المواطنين منذ الصباح الباكر وحتى شروق اليوم الثاني، والتي تخلّف وراءها طوابير لها أول بلا آخر، وتزيد الازدحامات المتفاقمة أصلاً بسبب تكدّس الناس فوق بعضهم البعض، في بلدٍ محدود الموارد وكثير الأزمات.
ورغم ذلك، فإن البحرينيين كعادتهم، لا يفقدون ابتساماتهم حتى في أقسى الظروف وأحلكها، فيحاولون أن يحوّلوا هذه الازدحامات عند النقاط الأمنية إلى نقاط تلاقٍ ومودة، يرسمون من خلالها ولو قليلاً من التفاؤل في لوحة الحزن التي لم تفارق هذا الوطن على مدى سنوات!
إذن، الحديث اليوم يزداد حول حملات الاعتقالات والمداهمات الليلية والصباحية التي تطال المنازل، والتي تفتقر الكثير منها للمعايير القانونية في الضبط والتفتيش وغياب أوامر القبض، ولعل قصص المداهمات اليومية باتت أشبه بالإفطار اليومي الذي يتناوله الإنسان في صباحه الباكر. الحوادث أغلبها لا تختلف من حيث السرد، ما يختلف فقط هو المكان وعدد البيوت التي تمت مداهمتها، والأشخاص المقبوض عليهم.
الحديث الآن، مستمرٌ حول انتهاكات حقوق الإنسان التي لم تتوقف لا قبل تقرير بسيوني الذي كشف الكثير من الفظائع، ولا بعده. هذه الانتهاكات التي باتت حدثاً معتاداً، أدمن البحرينيون على مشاهدة تفاصيله.
الحديث اليوم، الذي يدور بين الناس، هو حول التفجيرات والعبوات الناسفة التي يتم اكتشافها، وحول الخلايا الإرهابية التي تُضبط، وحول المخططات التي تأتينا وتصدر لنا من الخارج، فيشتغل الناس بين مصدّق ومشكّك في تفاصيلها، ولكنها في جميع الأحوال تبقى حدثاً يأخذ حيّزاً من حديث البحرينيين واهتماماتهم.
الحديث اليوم يدور حول «المارد» الذي يقال أنه استطاع أن يخرج 450 ألف مواطن في اعتصامات لم يتأخر عنها حتى الرضع والعجزة والمسلمون بمختلف طوائفهم، وغير المسلمين بمختلف أديانهم، ولكنه اليوم عاجزٌ عن إخراج 1 بالمئة مما يقال أنه أخرجهم، على الرغم من حدّة خطابه ما تزال على وتيرتها التي تشعل النار في الحطب وتباعد أكثر مما تقرب!
الحديث اليوم، يدور حول كل هذه الأمور، ولكن لا أحد يتحدّث أبداً عن وجود أية تطورات في الحوار. لا أحد يقول أن الأطراف المعنية تقابلت وتناقشت وتباحثت سبل الخروج من هذه الأزمة التي عصفت بالبلاد. ولا وجود لمؤشر جدي واضح على أن هناك حواراً ما يجري في البحرين، على الرغم من الحديث اليومي المستمر عن أهمية الحوار، وأنه خيار استراتيجي، وأنه قدر البحرينيين الذي لا يمكن الفرار منه.
للمرة الثالثة نقول، يبدو أنه ضاع الحوار، ولعل الخير يأتي في الكلاكيت الرابع!