حسن المدحوب
حتى اليوم، لم ينقضِ من العام 2015 إلا قرابة الشهر والنصف، ورغم ذلك كانت حصيلته 6 ضحايا لمرض «السكلر»، والله يستر على المسكلرين من بقية هذا العام، خصوصاً في ظل الأرقام المخيفة التي يعلن عنها عن أعداد الموتى منهم كل عام.
من يقرأ أخبار ضحايا السكلر الذين يتساقطون بين كل عدة أيام، ربما وصف وزارة الصحة لدينا بأنها أفشل من وزارات الصحة في أفقر دول العالم وأشدها تخلفاً.
ونحن بدورنا نسأل الوزارة العتيدة، ازدياد أعداد وفيات السكلر كل عام هو مؤشر على أحد أمرين، إما أن وزارة الصحة الملزمة وفق الدستور والقانون والدين والأخلاق والقيم الإنسانية أن تحفظ حياة الناس وترعاها، وإما أنها لا تعرف كيف تقوم بدورها وعملها بالشكل الذي يحفظ لهؤلاء حياتهم ويقلل معاناتهم، أو أنها لا تريد أصلاً أن تقوم بذلك، ولا تمتلك الإرادة لذلك.
بودي لو قامت جمعية السكلر، وهي بالمناسبة ظلت محارَبَةً وغير معتَرَفٍ بها من قبل الوزارة عدة سنين، بعمل استبانة رضا عن الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة لمرضى السكلر، لنقف على نسب واضحة حول رؤية وقبول هؤلاء المعنيين إزاء الخدمات التي تقدمها الوزارة لهم، وبالتأكيد لن تكون هذه النسب صادمة لأحد لأن الواقع واضح كالشمس!
من المعيب على وزارة الصحة أن تترك مريضاً بالسكلر يوماً أو يومين بانتظار سرير، أو تعيده إلى منزله وهو يتلوّى من الألم. ومن المعيب على الوزارة أن يتزايد عدد وفيات السكلر دون أن توقف هذا النزيف من حياة الناس، على الرغم من الإمكانيات المالية والموازنات الضخمة المتوافرة لديها والتي يمكنها أن تطلبها مع كل موازنة تقدم إلى البرلمان كل عامين.
ومادامت الحكومة تتفنن في فرض الضرائب على الناس بعناوين مختلفة بين الفينة والأخرى، ننصحها إذا كانت عاجزةً عن توفير موازنات كافية لبناء مستشفى خاص بالمسكلرين، أن تبدأ من الآن في صياغة مشروع بقانون لإنشاء مشروع لصندوق «بدل سكلر» على غرار صندوق «بدل التعطل»، لتحصيل المال من الناس!
نقول ذلك، فالذين يموتون يا مسئولين، هم بشر، من لحم ودم، لديهم أبناء وزوجات وأمهات وآباء، وأغلبهم يقضي نحبه في ريعان شبابه، ولو كان أحدكم لديه ابن مصاب بالسكلر هل كان سيرضى أن يتم التعامل معه بكل هذا الإهمال أو القصور الطبي الذي تدفع أثمانه أسر بأكملها».
هل تحتاجون إلى سرد فجائع ومآسي أسر بحرينية فقدت أماً أو أباً أو شاباً أو طفلاً أو طفلة، بسبب هذا المرض، لتتحرك إنسانيتكم وتدركون أن هؤلاء يحتاجون إلى تغيير جذري في طريقة التعامل معهم، سواءً في توفير الإمكانيات الطبية أو حتى الأطباء والممرضين والمعاملة الإنسانية اللائقة.
التصريحات الجميلة والرنانة لا تعيد حبيباً أهيل عليه التراب إلى أهله الذين يظلون في حسرتهم عليه سنواتٍ طوالاً، ولا ترجع الأرواح التي فارقت أبدانها، فقط الإيمان بأن مرضى السكلر هم بشر ومواطنون يستحقون أن يُعامَلوا معاملة إنسانية محترمة ومقدّرة، وما لم تتوفر الإرادة الحقيقية لذلك، سيظل عداد ضحايا السكلر مفتوحاً دون توقف.