صلاحيات «النواب» بعد «تعديلات 2012» تعلو «دستور 2002» وأدنى من «73»
الوسط – حسن المدحوب
تتجه التعديلات الدستورية الواردة بخطوطها العريضة في الخطاب الملكي السامي لعاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أمس الأول الأحد (15 يناير/ كانون الثاني 2012) إلى زيادة صلاحيات مجلس النواب المنتخب، غير أنها وإن تم إقرارها إلا أن سقفها سيظل أخفض مما كان عليه «دستور 73».
وتظهر التعديلات المقترحة، أنها تمس ما يقارب 12 مادة، من مجموع 125 يحويها «دستور 2002»، وتشير القراءة الأولية إلى أن الخطوط العريضة للتعديلات المراد تحقيقها في الدستور تتعلق بالمواد الآتية: 42 الفقرة ج، 53، 65، 67 الفقرة هـ، 68، 86، 87، 88، 91، 92، 93، 102، في حين أن تمس 9 مواد في «دستور 73».
وتبدو أكثر الفروقات فقاعة ما يتعلق بآلية تعديل الدستور، ففي حين سمح «دستور 73» لكل عضوٍ في المجلس الوطني الذي كان يتكون من غرفة واحدة منتخبة فقط أن يتقدم باقتراح تعديل الدستور وهي الصيغة ذاتها التي أعطيت لتعديل القوانين وفق المادة 71 منه، إلا أنه اشترط في «دستور 2002» تقديم طلب ممن لا يقل عن 15 عضواً من مجلس الشورى أو النواب، في حين أن التعديل المقترح يعالج جزئية لا علاقة لها بالنصاب المنظم للتعديل، بل يعطي «الحق لكل من المجلسين في إحالة الاقتراح بتعديل الدستور أو الاقتراح بقانون إلى الجهة المختصة بمهمات الإفتاء القانوني وإعداد التشريعات مباشرة، على أن يحال مشروع القانون بعد صياغة مع ما تراه الحكومة من ملاحظات إلى مجلس النواب ستة أشهر على الأكثر».
إضافة إلى ذلك فإن التعديل المقترح حالياً للمادة 53 من الدستور الصادر العام 2002 الذي يشير إلى «إضافة شروط للتمتع بعضوية مجلسي الشورى والنواب أبرزها أن يكون العضو بحرينياً مضى على تمتعه بالجنسية البحرينية خمس سنوات على الأقل، وغير حامل لجنسية دولة أخرى عدا الدول الأعضاء بمجلس التعاون لدول الخليج العربية»، وسع دائرة من يحق لهم شغر المنصب المذكور، في الوقت الذي كان التقدم لشغر مقعد المجلس الوطني في «دستور 73» لا يحق إلا لمن كان مواطناً بصفة أصلية فقط.
ودعا التعديل المقترح للمادة 67 الفقرة (د) من الدستور الحالي إلى «انفراد مجلس النواب بالتصويت على مسألة عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء من دون مشاركة من مجلس الشورى»، في حين أن أصل المادة في «دستور 2002» تعطي هذه الصلاحية إلى مجلسي النواب والشورى إذ تقول: «إذا أقر المجلس الوطني بأغلبية ثلثي أعضائه عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، رفع الأمر إلى الملك للبت فيه، بإعفاء رئيس مجلس الوزراء وتعيين وزارة جديدة، أو بحل مجلس النواب».
غير أن المادة 69 الفقرة (ب) من «دستور73» أعطت المجلس النيابي سلطة أكبر بهذا الشأن إذ نصت على أنه «إذا رأى ثلثا أعضاء المجلس الوطني بالطريقة المنصوص عليها في المادة (68) من هذا الدستور عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، رفع الأمر إلى الأمير للبت فيه، بإعفاء رئيس مجلس الوزراء وتعيين وزارة جديدة، أو بحل المجلس الوطني. فإن حل المجلس وتجددت توليه رئيس مجلس الوزراء المذكور ولكن قرر المجلس الجديد، بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم، عدم التعاون معه كذلك، اعتبر معتزلاً منصبه من تاريخ قرار المجلس في هذا الشأن، وتشكل وزارة جديدة».
ومن المتوقع كذلك أن يطال ما ورد في الخطاب الملكي بشأن «قصر حق توجيه الأسئلة إلى الوزراء على أعضاء مجلس النواب وحدهم»، المادة 91 من الدستور الحالي التي تشير إلى أن «لكل عضو من أعضاء مجلس الشورى أو مجلس النواب أن يوجه إلى الوزراء أسئلة مكتوبة لاستيضاح الأمور الداخلة في اختصاصهم، وللسائل وحده حق التعقيب مرة واحدة على الإجابة، فإن أضاف الوزير جديداً تجدد حق العضو في التعقيب».
إلا أن «دستور 73» بالإضافة إلى أنه قصر حق توجيه الأسئلة إلى المجلس المنتخب لعدم وجود غرفة أخرى، فقد وسع دائرة من توجه لهم الأسئلة لتشمل رئيس الوزراء والوزراء، إذ نصت المادة على أن «لكل عضو من أعضاء المجلس الوطني أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء أسئلة لاستيضاح الأمور الداخلة في اختصاصهم (…)».
وفيما جاء النص المقترح لتعديل الدستور وفق الخطاب الملكي «لإدخال تعديل على نظام الاستجواب يهدف إلى تحقيق مشاركة مجلس النواب مجتمعاً عند مناقشة الاستجوابات»، وسيعدل هذا النص في خطاب العاهل المادة 65 من «دستور 2002» التي لم تعطِ للنواب صلاحية استجواب الوزراء بشكلٍ كامل، بل اكتفت بتحديد أن «يجوز بناءً على طلب موقع من خمسة أعضاء من مجلس النواب على الأقل أن توجه إلى أي من الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاته».
ويبدو أن آلية الاستجواب في «دستور 73» تعطي النواب صلاحية أكبر مما هي عليه في التعديل المقترح، إذ يعطى «لكل عضو من أعضاء المجلس الوطني أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء استجوابات عن ألأمور الداخلة في اختصاصهم (…)»، مع وقوع الاستجوابات داخل قبة المجلس وليس في اللجان كما هو معمول به حالياً، كما لم يحدد التعديل المقترح ما إذا كانت الاستجوابات ستظل في اللجان ويحق لكل النواب حضورها أم ستجرى بشكلٍ علني أو سري في المجلس بحضور جميع النواب مثلاً».
ونظم التعديل الذي ورد في خطاب العاهل المادة 87 من الدستور، بحيث يكون «إدخال تعديل يتضمن زيادة المدة المقررة للسلطة التشريعية للبت في مشروعات القوانين التي تنظم موضوعات اقتصادية أو مالية طلبت الحكومة نظرها بصفة عاجلة، فبعد أن كانت المدة خمسة عشر يوماً لكل مجلس عدلت لتصبح المدة المحددة لكل مجلس خمسة وعشرين يوماً وهو ما يزيد المدة الكلية من خمسة وأربعين يوماً إلى خمسة وسبعين يوماً».
في الوقت الذي نص أصل المادة في «دستور 2002» على أن «كل مشروع قانون ينظم موضوعات اقتصادية أو مالية، وتطلب الحكومة نظره بصفة عاجلة، يتم عرضه على مجلس النواب أولاً ليبت فيه خلال خمسة عشر يوماً، فإذا مضت هذه المدة عرض على مجلس الشورى مع رأي مجلس النواب إن وجد، ليقرر ما يراه بشأنه خلال خمسة عشر يوماً أخرى، وفي حالة اختلاف المجلسين بشأن مشروع القانون المعروض، يعرض الأمر على المجلس الوطني للتصويت عليه خلال خمسة عشر يوماً، وإذا لم يبت المجلس الوطني فيه خلال تلك المدة جاز للملك إصداره بمرسوم له قوة القانون».
إلا أن «دستور 73» لم يقيد النواب بمدد زمنية لدى مناقشتهم مواضيع ذات طبيعة اقتصادية خاصة بالموازنة، وبالتالي تكون صلاحية النواب في «دستور 73» بهذا الشأن ارفع مما هي عليه في التعديل المتقرح بالإضافة إلى النص الأصلي في «دستور 2002» بطبيعة الحال.
وأعاد التعديل الدستوري المتعلق بحق مجلس النواب بطرح موضوع عام للمناقشة، ما كان موجوداً في «دستور 73» بهذا الشأن، إذ تم حذف هذه المادة من «دستور 2002».
وتشير المادة 72 من «دستور 73» إلى أن «يجوز، بناءً على طلب موقع من خمسة أعضاء على الأقل، طرح موضوع عام على المجلس الوطني للمناقشة لاستيضاح سياسة الحكومة في شأنه وتبادل الرأي بصدده، ولسائر الأعضاء حق الاشتراك في المناقشة»، ومن غير الواضح إلى الآن كيف ستتم صياغة التعديل الدستوري المتعلق بهذا الأمر، والنصاب اللازم لطلب طرح مناقشة موضوعٍ عام».
وفي الجانب المقابل، تبرز التعديلات المتعلقة ببرنامج الحكومة، أن «دستور 73» أشار إلى أن «تتقدم كل وزارة فور تشكيلها ببرنامجها إلى المجلس الوطني، وللمجلس أن يبدي ما يراه من ملاحظات بصدد هذا البرنامج»، وهو النص ذاته في «دستور 2002»، إلا أن التعديل المقترح يدعو إلى «انفراد مجلس النواب بإقرار البرنامج الذي تقدمه الحكومة عقب أدائها اليمين الدستورية، وفي حالة إقراره تكون الحكومة قد حازت ثقة مجلس النواب».
أما التعديل الذي أصاب المادة 102 من الدستور، فقد «منح رئيس مجلس النواب الأولوية في رئاسة اجتماعات المجلس الوطني»، في الوقت الذي كان النص الأصلي في «دستور 2002» يشير إلى أن «يتولى رئيس مجلس الشورى رئاسة اجتماع المجلس الوطني، وعند غيابه يتولى ذلك رئيس مجلس النواب، ثم النائب الأول لرئيس مجلس الشورى، ثم النائب الأول لرئيس مجلس النواب»، في حين أن «دستور 73» لم يتطرق إلى هذا الشأن كون المجلس الوطني آنذاك يتكون من غرفة منتخبة واحدة.
وفيما يتعلق بالتعديل الذي أعلنه جلالة الملك في خطابه أمس الأول بشأن «أخذ رأي رئيسي الشورى والنواب ورئيس المحكمة الدستورية في حل مجلس النواب»، فقد قدم اشتراطات أكثر مما هي عليه المادة 42 من دستور 2002 في فقرتها (ج) والتي تشير إلى أن «للملك أن يحل مجلس النواب بمرسوم تبين فيه أسباب الحل، ولا يجوز حل المجلس للأسباب ذاتها مرة أخرى»، أي أن الملك ورئيس الوزراء كانا المعنيين فقط بالقرار، وبالمناسبة فإن المادة ذاتها المشار إليها في «دستور 2002» هي ذاتها في «دستور 73».
وأعطى التعديل على المادة الدستورية 68 للحكومة فسحة ستة أشهر للرد على المقترحات برغبة، وهي مقترحات ليست ملزمة التطبيق بالنسبة لها، في حين أن أصل المادة في دستوري 2002 و73 لم يحدد للحكومة وقتاً للرد على هذه الرغبات النيابية.
أما التعديل الذي سيطال المادة 86 من الدستور الحالي، فقد هدف إلى «منح رئيس مجلس النواب الاختصاص بإحالة مشروعات القوانين التي تتم الموافقة عليها من المجلسين إلى رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ إجراءات إصدارها»، في حين أن أصل المادة يشير إلى أنه «في جميع الحالات التي تتم فيها الموافقة على مشروع القانون يقوم رئيس مجلس الشورى بإحالته إلى رئيس مجلس الوزراء لرفعه إلى الملك». في الوقت لم يتطرق «دستور 73» إلى هذا الشأن كون المجلس الوطني آنذاك يتكون من غرفة منتخبة واحدة فقط
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3419 – الثلثاء 17 يناير 2012م الموافق 23 صفر 1433هـ