في غرف رطبة تحت الأرض، تتم معالجة المتظاهرين المطالبين بالإصلاح في البحرين بعد إصابتهم في مواجهات مع الشرطة، إذ يرفض الجرحى تلقي العلاج في المستشفيات العامة أو الخاصة خوفاً من اعتقالهم.
وقال الطبيب محمد، وهو أحد العاملين في شبكة أطباء توفر العناية اللازمة للجرحى في غرف تحت الأرض، إن الحكومة تستخدم سلاح «الشوزن» (بندقية صيد محرمة دولياً) لتفريق المتظاهرين، مضيفاً «يلجأ الجرحى إلينا مهما بلغت خطورة إصابتهم… عالجنا الكثير من الحالات الخطيرة مثل بتر أعضاء الجسم».
ونقلت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» عن أطباء في البحرين قولهم إن الحكومة تراقب سجلات دخول المرضى إلى المستشفيات من أجل تعقب واعتقال الجرحى في التظاهرات، ويتمركز جنودها حول «مجمع السلمانية الطبي» وهو المستشفى الحكومي الوحيد في البحرين، لاعتقال المصابين الذين يريدون دخول المستشفى.
كما طلبت الحكومة من العيادات الخاصة إبلاغها عن أي جريح، تبدو إصابته نتيجة «عمل غير مشروع» مثل التظاهرات غير المصرح بها.وتنتشر في البحرين العيادات المؤقتة في المنازل التي تعالج الجرحى يومياً منذ اندلاع الاحتجاجات في العام الماضي، حيث قام عدد من الأطباء بتعليم الشباب البحريني مهارات الإسعافات الأولية لمواكبة العدد المتزايد من الجرحى.
ويشير هؤلاء إلى أن غرف الطوارئ المنزلية عاجزة عن تقديم العلاجات المناسبة في بعض الحالات الخطرة، ما أدى إلى وفاة أربعة مواطنين رفضوا تلقي العلاج المناسب في مستشفى السلمانية .وقال شاب يحتمل أن يفقد نظره بعدما أصيبت عيناه بسلاح «الشوزن» خلال مشاركته في التظاهرات «رفضت تلقي العلاج في المستشفى لأني كنت خائف».
ويقول نائب مدير منظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان» ريشارد سولوم إن «هذا الموضوع الجدي لا يحظى بتغطية إعلامية مناسبة».وذكرت منظمات حقوق الإنسان في البحرين، أن الجنود المتمركزين حول «مجمع السلمانية الطبي»، يعتقلون المصابين فور وصولهم ويأخذونهم إلى مواقع سرية ليتم تعذيبهم.
وترى المعارضة البحرينية أن المجمع الطبي يعتبر قاعدة عسكرية للنظام وليس مكاناً تتوفر فيه العناية اللازمة للمرضى. وقال عبد العزيز خليفة، وهو المتحدث باسم الهيئة البحرينية للإعلام، وأحد أعضاء العائلة الحاكمة، إن الجنود المتمركزين حول المستشفى الحكومي «يحترمون القانون»، نافياً ممارسة هؤلاء لأي شكل من أشكال التعذيب بحق المصابين في التظاهرات.
وأشار إلى أن أحداً لن يتم رفض علاجه «ولكن في حال كانت الإصابة خطيرة، فإنه من الطبيعي إبلاغ القوى الأمنية. هذا هو النمط السائد في العالم، ولا يمكن لأحد إدانتنا بهذا الشأن».ووجدت كبيرة الباحثين في مركز «شاتهام هاوس» في لندن جاين كينينمونت، أن الوضع سيئ للغاية ويتدهور مع الوقت.
من جهته، أشار الطبيب نبيل حميد الذي يعمل في مستشفى «السلمانية» وتم اعتقاله من بين 28 طبيباً آخر بسبب معالجته المصابين خلال تظاهرات العام الماضي، إلى أن هناك «شعوراً بعدم الثقة بين الأطباء أنفسهم وفي علاقتهم مع المرضى بسبب الانقسام الطائفي»، فيما أكد جميع الأطباء أنه تم تعذيبهم من قبل الشرطة، مؤكدين أن الدعاوى التي رفعتها السلطات البحرينية ضدهم هي «سياسية بامتياز».
وقال الطبيب محمد إنه يجب بذل المزيد من الجهد لتبديد المخاوف المرتبطة بنظام الصحة العامة في البحرين مشيراً إلى ضرورة الفصل بين الواجب الطبي والسياسة. وأضاف «المستشفيات هي أماكن للعناية بالمرضى وعلاج المصابين، هذا حقهم في العيش».