المحكمة ترجئ القضية لـ 15 مارس… شهود قضية «الكادر الطبي»:
الأطباء لم يحملوا أسلحة ومتجمهرون محتجون سيطروا على «السلمانية»
المنطقة الدبلوماسية – علي طريف
أكد خمسة من شهود الإثبات الذين أدلوا بشاهداتهم يوم أمس الخميس (8 مارس/ آذار 2011)، أمام محكمة الاستئناف العليا الجنائية، عدم مشاهدتهم أياً من أفراد الكادر الطبي (20 طبيباً) يحمل أي نوعٍ من أنواع الأسلحة، كما نفوا قيام المتهمين بالاعتداء الجسدي على أي شخص، موضحين أن من كان مسيطراً على مجمع السلمانية الطبي هم متجمهرون وأشخاص منظمون غير عاملين في مجمع السلمانية، وأن قسم الطوارئ لم يكن تحت السيطرة وكان بيد المحتجين.
وأفاد الشهود بأن الأطباء المتهمين كانوا متساعدين خلال فترة الأحداث ويقومون بأداء واجباتهم، وان احدهم ساعد في إخراج عدد من المصابين من مجمع السلمانية الطبي لنقله إلى المستشفى العسكري، إلا أن طبيبين منهم كانا يعارضان – شفهياً – عملية نقل المصابين.
جاء ذلك خلال استماع هيئة محكمة الاستئناف العليا الجنائية يوم أمس (الخميس) إلى شهادة خمسة من شهود الإثبات الذين تقدمت بهم النيابة العامة، في جلسة قضائية استغرقت 6 ساعات.
وقد قررت المحكمة إرجاء النظر في القضية حتى (15 مارس/ آذار 2012)، لحضور اللجنة الطبية لأداء القسم أمامها والبدء في مأموريتها، وعرض قرصين مدمجين من النيابة العامة والمحامين، وجدول المناوبة لأحد المتهمين، وحضور شهود النفي، والاستعلام من النيابة العامة بخصوص شكاوى التعذيب المرفوعة من قبل الكادر الطبي.
وفي ختام الجلسة القضائية، أوضحت النيابة العامة أنها استبدلت أحد الأطباء من اللجنة الثلاثية المعنية بالكشف على الأطباء، وزوّدت المحكمة باسم الطبيب الجديد، وطلبت حضور شهود إثبات آخرين وردت أسماؤهم على لسان الشهود الخمسة الحاليين، كما طلبت عرض قرص مدمج (سي دي).
إلا أن المحامية جليلة السيد اعترضت على طلب الاستماع إلى المزيد من شهود الاثبات، معتبرةً أن ذلك يكون تجزئة إلى الشهادة، وطلبت جلب جدول الحضور والانصراف لأحد الأطباء المتهمين خلال فترة الأحداث لشهري (فبراير/ شباط، ومارس/ آذار للعام 2011)، لأن النيابة العامة زودتها بمستند الحضور والانصراف للسنة الحالية.
كما طلبت السيد ضم التقارير الفنية الخاصة بلجنة تقصي الحقائق، ومخاطبة اللجنة المعنية بذلك عن طريق المحكمة بعد تعذر النيابة العامة الوصول إلى تلك اللجنة.
وطلبت السيد «استجواب المتهمين لكشف ما تعرضوا له من تعذيب وسوء معاملة، وشرح ما تعرضوا له منذ لحظة القبض عليهم»، مبررةً تلك الطلبات بأنه «سيترتب عليها بطلان جميع الاعترافات المنسوبة إلى المتهمين من الكادر الطبي، والتي أكدت النيابة العامة تنازلها عنها كدليل إثبات في جلسة سابقة، وأنه يترتب عليه ثبوت تضرر المتهمين منذ لحظة القبض عليهم، وبطلان جميع إجراءات القبض وما تبع ذلك من إجراءات ومحاكمة، ولذلك يتمسك الدفاع بالتحقيق في إثبات التعذيب، بالاستماع إلى المتهمين ضمن أدلة أخرى».
كما أبدت السيد تمسك هيئة الدفاع بالاستماع إلى شهود النفي.
أما المحامي حميد الملا فقد أوضح للمحكمة أن «هناك بلاغات مرفوعة عن تعذيب الكادر الطبي، وطلب ضمها إلى ملف الدعوى».
فيما اتفق المحامون على طلب رفع المنع عن السفر، بينما طلبت المحامية انتصار العصفور جلب المكالمات الصادرة والواردة بخصوص تحركات الإسعاف.
أما المحامي عبدالجليل العرادي فقد طلب ضم الاتصالات والمكالمات التي جرت في قسم الطوارئ بمجمع السلمانية الطبي، من قبل شركة الاتصالات المعنية.
في حين طلب المحامي ماجد شهاب جلب مواعيد الدخول والمغادرة الخاصة بأحد النوادي الرياضية والمتعلقة بأحد متهمي الكادر الطبي.
وبدأت إجراءات جلسة المحاكمة، بمثول 20 طبيباً متهماً أمام هيئة المحكمة، وحضرت بجانبهم هيئة الدفاع.
وفي بداية الجلسة تقدم المحامي حميد الملا إلى المحكمة بردٍ على ما صرحت به النيابة العامة في جلسة سابقة.
وفي مطلع رده قال الملا: «بخصوص تعجيل الدعوى فإن هيئة الدفاع تتفق من حيث المبدأ مع النيابة العامة على ضرورة أن تكون العدالة ناجزة لإظهار وجه الحق في الدعوى المنظورة، إلا أنه للوصول إلى العدل والحق يجب أن يقسط كل دليل حقه، وأن تعمل المحكمة ببصرها وبصيرتها في فحص وتمحيص الأدلة حتى يكون حكماً متفقاً مع أسمى معاني العدل والحق».
وأضاف «وعلى ذلك فإن سرعة الفصل بالدعوى يجب أن تكون مشروطةً بالبحث الدقيق فيها ومراعاة الشرعية الإجرائية عند نظرها».
وتابع «لما كان ما تقدم، وكان طلب التعجيل للدعوى تقدمت به النيابة العامة للمحكمة فإنه يشترط وفقاً للقانون – الذي يلزم الجميع سواء متهمين أو سلطة اتهام وتعمل على تطبيقه محكمة الموضوع – أن يتم الإعلان بالجلسة وفقاً لما نص عليه قانون الإجراءات الجنائية بمادته (195)، ولن نطيل في الشرح أن هذه المادة قد قامت مخالفتها مخالفة صريحة فالأمر جلي، إلا أن من شأن هذا التسارع الزمني غير المبرر إهدار لضمانات منحها القانون للمتهم أولها أن في هذه المواعيد ضمانة، لأن يستعد المتهم ودفاعه للجلسة».
وأردف: «علاوةً على ذلك فإن الوقت المتاح للتحضير لجلسة اليوم لم يكن كافياً، وخصوصاً أن النيابة العامة قد تقدمت بكمية من الأوراق والبيانات والمعلومات المستلمة عن وزارة الصحة التي لم يتسن للدفاع بحثها».
وزاد الملا: «أما بخصوص ما ذكرته النيابة العامة من إهدار لاعترافات المتهمين (…) فإن الدفاع عن المتهمين يصرون على هذا الدفع، وهو ما تراه النيابة مماطلة وتعطيلا للدعوى، إلا أن المتأمل فيما صرحت به النيابة من الناحية القانونية يحتوي على تناقض واضح، إذ انه من المستقر عليه إذا ما كانت النيابة تهدر حجية الاعتراف لكونه وليد إكراه، فإن ذلك يستتبع من باب اللزوم القانوني أن تهدر حجية كل شهادة من قام بهذا الإجراء وهم شهود الإثبات»، متساءلا: «ألم يستقر الفقه والقضاء على إهدار شهادة من قام بالإجراء الباطل (الاعتراف تحت إكراه)».
ولخص في هذا الجانب: «لذلك فإن كل شهود الإثبات بالدعوى الذين باشروا تحقيقات على المتهمين جديرون بالالتفات عنهم».
أما بشأن السماع لشهود الإثبات؛ فعلق المحامي الملا قائلاً: «لما كان سماع شهود الإثبات – مع مراعاة ما بيناه سلفاً من أن بعضهم شهادته غير جائزة لاشتراكه في إكراه المتهمين على الاعتراف – يجب أن يتم بجلسة واحدة وألا تتم تجزئة هذه الشهادة حفاظاً على صدقيتها وعدم تواطؤ الشهود فيما بينهم، كما أن على النيابة عندما تقدم شهوداً جددا بالدعوى، وهو من حقها قانوناً أن تفسح المجال والوقت لدفاع المتهمين في الاستعداد لمناقشتهم، ولا يكون ذلك إلا بإعلانهم أسماء هؤلاء الشهود بفترة كافية».
واختتم الملا رده موضحاً أن «هيئة الدفاع كلها ثقة بعدالة المحكمة من حيث إقرار العدل والحق وإظهار وجه الحقيقة بالدعوى بغض النظر عما يسفر عنه ذلك، فأنتم غايتكم التي عرفت عنكم العدل ولا عدالة بلا ضمانات للمتهم وإعطاء دفاعه الحق كاملاً في أن يبدي جميع ما يعين له من طلبات وأوجه دفاع، دون مماطلة أو إهدار لوقت المحكمة، ودون تسارع لا يحقق هذه الضمانة».
بعدها استأذن رئيس النيابة الكلية وائل بوعلاي من هيئة المحكمة طالباً الحديث، وقال: «إن هناك عدداً من الشهود لن يحضروا بسبب تلقيهم تهديداً، واننا سنكتفي بالاستماع إلى شهادة الشهود الحاضرين وعددهم خمسة»، وقد قدم للمحكمة خطابا بذلك الأمر.
وهنا تساءلت المحامية جليلة السيد عما إذا كان هناك بلاغ جنائي بتلقي الشهود تلك التهديدات.
من ثم شرعت المحكمة في الاستماع إلى شهادة الشهود، إذ مثل الشاهد الأول، وهو يشغل منصب رئيس الخدمات الإدارية في مجمع السلمانية الطبي، وقد تمسك بشهادته التي أدلى بها أمام النيابة العسكرية ومحكمة السلامة الوطنية.
وجاء في رده على أسئلة النيابة العامة أن مجمع السلمانية الطبي شهد تجمهرات من الفترة (14 فبراير/ شباط 2011 إلى 15 مارس/ آذار 2011)، وكانت تلك التجمهرات بشكلٍ متفرق وغير مرخصة.
وقال: «انه لا يجوز أصلاً الترخيص بتلك التجمهرات في المجمع الطبي، وفقاً للمعايير الدولية والمحلية».
وأضاف «انه تعذر وجود سيارات إسعاف عند مدخل السلمانية الطبي بسبب الاعتصامات، وأن هناك خدمات تأثرت، كما قلّ عدد المراجعين للعيادات الخارجية والعمليات ومواقف السيارات، وعيادة الأورام والمتبرعين».
وأوضح في شهادته: «أما حالة قسم الطوارئ فقد تأثرت وخصوصاً قسم الإنعاش، إذ لا يمكن التحكم فيه وبالذات في تاريخ 11 مارس 2011».
وتابع: «كانت القنوات الفضائية والصحف المحلية والخارجية تدخل إلى مجمع السلمانية الطبي من دون إذن مسبق».
وأردف: «أن من كان مسيطراً على مجمع السلمانية الطبي كانوا متجمهرين وأشخاصا منظمين غير عاملين في مجمع السلمانية، إلا أن أحد الكوادر الطبية المتهمة حالياً كان من بينهم».
وزاد الشاهد في شهادته: «انه تمت الموافقة بعد الاجتماع مع المسئولين على نصب خيمة .
الوسط – العدد 3471 – الجمعة 09 مارس 2012م الموافق 16 ربيع الثاني 1433هـ