قاسم حسين
أصدرت منظمة «هيومان رايتس ووتش» بياناً على الاجتماع الاستثنائي للنواب الذي هدف إلى «فرض سلسلة من إجراءات الطوارئ ستؤدي إلى تقييد شديد للحقوق الأساسية».
الجلسة التي اعتبرها بعضهم تاريخية، اعتبرت المنظمة أن من شأن إجراءاتها المقترحة، «منح الحكومة سلطات مفرطة للتعسف في تقييد الحقوق من قبيل حرية التجمع والتعبير».
«هيومان رايتس ووتش» منظمة عالمية ذات موقع اعتباري رفيع، فهي منظمة مستقلة غير تابعة لأي من الحكومات والدول. ومن هنا تأتي تقاريرها ومواقفها اعتماداً على معايير حقوق الانسان، وقد وقفت بالمرصاد حتى للدول «الديمقراطية» العريقة، ولم توفّر الولايات المتحدة الأميركية، ولا حليفتها المقربة بريطانيا، من انتقاد تجاوزاتها وانتهاكاتها لحقوق الانسان، خصوصاً في حربهما على «الإرهاب».
المنظمة أشارت إلى كلمة وزير الداخلية بأن «الغرض من الاجتماع كان تشديد العقوبات في القانون بشأن حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية». فيما نقلت وجهة نظر المعارضة أيضاً، بخصوص «مبالغة الحكومة في تضخيم تهديد النشاط الإرهابي لتبرير حملة قمعية استباقية جديدة».
نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة نديم حوري أشار إلى ما تم إنفاقه في العامين الماضيين على ما أسماه «قمع الاحتجاج السلمي وانتهاك حقوق الناس من البداية إلى النهاية، وها هي تخطط لمجموعة جديدة من القيود القاسية، بينما يقبع في السجون متظاهرو الجولة الأخيرة السلميون بأحكام مطولة».
نحن لم نعد في قريةٍ معزولةٍ أو جزيرةٍ نائيةٍ في غياهب المحيط الأطلسي، بحيث يمكن تجاهل الانتقادات العالمية التي توجّه إلينا، وإلى سياساتنا وتعاملنا ومعالجاتنا الأمنية لقضايانا وأزماتنا السياسية العميقة. والمنطقة العربية كلها لم تعد مواتاً أو جثةً ممدّدة كما كانت خلال العقود الأربعة الأخيرة، بعد حرب حزيران.
المنطقة تشهد حراكاً شعبياً واسعاً وضعه العالم في سياق نهضات الشعوب، وأسماه «الربيع العربي»، مقاربةً لما حدث في بقية أقاليم العالم، من أوروبا الشرقية ودول الاتحاد السوفياتي، إلى جنوب شرق آسيا ودول أميركا اللاتينية. وسواءً نجح هذا الحراك أو تعثر، فإن الطموحات والأحلام الكبرى التي ترددت في الميادين والساحات العربية لن تنتهي، لأنها تتعلق بالقضايا الإنسانية الكبرى… الحرية والكرامة والعيش الكريم.
البرلمان حدّد «22 توصية تطالب بفرض قيود جديدة على حرية التعبير»، حسب «هيومان رايتس ووتش»، ودعا السلطات إلى إسقاط الجنسية عن البحرينيين المدانين بجرائم الإرهاب، وهي إجراءات وإن وجدت من يصفّق لها، إلا أنها ستبقى محل رفضٍ وإدانةٍ خارجيةٍ واسعةٍ باعتبارها انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان الأساسية. بل إن هذه المنظمة الحقوقية العالمية غير المنحازة، رأت أن الدعوة لإسقاط الجنسيات، «تثير احتمالات حرمان البحرينيين المعارضين للحكومة من حقوقهم في الجنسية تعسفياً بعد محاكمات غير عادلة بتهمة الإرهاب».
علاقة المنظمة بالبحرين قديمةٌ، ربما تعود متابعتها للملف الحقوقي إلى أربعة عقود، وبالتالي لا يمكن التشكيك بمدى صدقيتها، أو نزاهة مواقفها، أو دقة معلوماتها واتهامها بالعداء المتعمد للبحرين. فهي تعلن مواقفها ضد جميع الدول التي تنتهك حقوق الانسان. وقد رأت أن توصيات البرلمان يمكن ان تؤدي إلى تعليق الحق في حرية التجمع إلى أجل غير مسمى، وإلى انتقاص شديد في حرية التعبير.
إنها شهادة جهة مختصة مستقلة، غير حكومية، وغير منحازة، يقيم لرأيها العالم كل اعتبار.