سوسن دهنيم
الحلقة لم تكتمل بعد، والوضع المتأزم لم ينتهِ، والتهميش ضد فئة معينة مازال قائماً، وأبواب الأعمال مغلقة أمام بعض المواطنين، وما زال هناك بعض المفصولين لم يعودوا إلى أعمالهم، وبعض من عاد منهم لعمله مازال مهدداً أو يعامل وكأنه موجود رغماً عن مسئوليه، ومن برأته المحاكم ممن أوقف عن عمله بسبب قضية ما، لايزال ينتظر قرار عودته لعمله دون جدوى… والقائمة تطول وتطول وتطول!
ما يجعلني أستذكر كل هذه التفاصيل هي شروط ديوان الخدمة المدنية الجديدة لشراء سنوات الخدمة، فبرغم كل التوصيات العليا – التي تبدو وكأنها مجرد كلام في الهباء حين نقيسها بأرض الواقع – والتي توصي بعدم التمييز وبإعادة جميع المفصولين لوظائفهم، مع عدم بخسهم حقوقهم، نجد أن الشرط الأول في التعميم الصادر عن الديوان والذي وافق عليه مجلس الوزراء ووفقاً لقرار صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء رقم 23 لسنة 2012 هو: ألا يكون الموظف محالاً للتحقيق التأديبي أو الجنائي أو موقوفاً عن العمل لمصلحة التحقيق مالم يتم حفظ التحقيق أو تثبت براءته! وأما الشرط الثاني فكان: ألا يكون الموظف قد سبق مجازاته تأديبياً أو أُدِين بعقوبة في جناية أو جنحة تتعلق بالشرف أو الأمانة!
الشروط في ظاهرها معقولة وجميلة جداً، خصوصاً وأنها لا تساوي بين المخلص وبين المستهتر، ولكنها كذلك في الظروف العادية التي يكون فيها الجرم جرماً حقيقياً لا وشايةً أو نكايةً أو انتقاماً، وما دامت هذه الشروط لم تصدر حديثاً، لكن أن تصدر هذه الشروط في ظل الأوضاع التي تمر بها البلاد في الوقت الحالي فهو أمر يدعو للغرابة، ولو أن لا غرابة باتت في أي أمر يصدر مؤخراً عن المسئولين أو عن الحكومة.
أن يتم وضع شرط عدم إحالة الموظف للتحقيق بعد فترة السلامة الوطنية والتي سيق خلالها الكثير من الموظفين للجان تحقيق لسببٍ معقولٍ أو من غيره، فهو تمييز يُراد له أن يكون عائقاً أمام فئة ما، خصوصاً في القطاع التعليمي والصحي الذي ذاق موظفوه الأمرين خلال تلك الفترة وما يزالون.
فكم من معلمٍ أو موظفٍ في وزارة التربية والتعليم اقتيد إلى التحقيق أو إلى لجان تأديبية ولم يكن يعرف سبباً لهذا، إذ لم تقترف يداه أي جرم سوى أنه طالب بحق له في غير أوقات الدوام الرسمي؟ وكم من موظف في وزارة الصحة من أطباء وممرضين ومسعفين وغيرهم اقتيد للتحقيق داخل الوزارة أو في النيابة العامة أو مراكز الشرطة لأنه أدى مهمته وواجبه الوظيفي تحت مرأى ومسمع المسئولين في الوزارة ولم يقترف غير ذلك؟
وكم من هؤلاء وغيرهم ممن دخلوا تلك اللجان، لم يعرفوا حتى اليوم نتيجة تلك التحقيقات، أو يحصلوا على وثيقة أو رسالة تخبرهم بأنهم بريئون أو مدانون، لاسيما وأن كثيراً منهم أوقف عن عمله في فترات هذه التحقيقات؟
أما إذا ما أخذنا شرط الإيقاف عن العمل، فكثيرون هم من أوقفوا في شتى المجالات وفي جميع دوائر القطاع الحكومي، فهل سيتم حرمان هؤلاء من حقوقهم في كل قرار جديد سيصدر عن ديوان الخدمة المدنية؟!