هاني الفردان
من غرائب القضايا السياسية التي نشهدها في البحرين أمران؛ أن معظم شهود الإثبات في القضايا المتعلقة بالأحداث السياسية هم من رجال الأمن، أو من المخبرين السريين الذين لا يمكن الوصول إليهم، أو أن شاهد الإثبات اعتمد على «مصادر سرية» لا يمكن حتى كشفها أمام القاضي لمعرفة مدى صدقيتها.
من الغرائب أيضاً هو أن معظم شهود الإثبات يرفضون المثول أمام المحكمة، فلا تستغرب، أن تستمع أو تقرأ خبراً أن المحكمة تأمر بالقبض على شاهد وتغريمه، لرفضه المثول أمامها! لا تستغرب، أن يبقى المعتقل موقوفاً على ذمة قضية لمدة شهور طويلة، في انتظار تكرّم شاهد الإثبات، ورجل الأمن في قبول المثول أمام المحكمة للإدلاء بشهادته، وعدم تعطيل سير الجلسات، ولا تستغرب، تكرار أوامر القضاة بالقبض وتغريم الشهود لكثرة «تهربهم» من الحضور والإدلاء بشهاداتهم التي «يزعمون» بها.
ولكي لا نسهب في الحديث، ونُتهم كالعادة بالافتراء، على كل من يرى أننا نتعمد استهدافه، سنستعرض ما تنشره الصحف المحلية بشكل يومي وروتيني لهذه القضايا للاستدلال بها، ولمعرفة الحقيقة، ووضع النقاط على الحروف لا أكثر ولا أقل.
أجلت المحكمة الكبرى الجنائية يوم الأربعاء (29 مايو/ أيار 2013)، قضية المتهمين فيما عُرف بقضية «5 طن من المتفجرات» حتى 26 يونيو/ حزيران للاستماع لشاهد والقبض عليه وتغريمه. أمرت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى (28 مايو 2013) بالقبض على شاهدين وتبليغ آخر في قضية ما يعرف بـ «تفجير القضيبية». وحددت المحكمة (23 يونيو) موعداً للجلسة المقبلة.
قررت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى (14 مايو 2013) القبض على شاهد (شرطي) في قضية 24 متهماً بـ «تفجير العكر»، وتأجيل القضية حتى (4 يونيو). وفي 15 مارس/ آذار 2013 أمرت المحكمة الصغرى الجنائية بالقبض على شاهد في قضية ضابطة متهمة بالاعتداء على سلامة جسم آيات القرمزي، وتأجيل القضية حتى (28 مارس).
في 27 فبراير/ شباط 2013 أرجأت المحكمة الكبرى الجنائية الثالثة قضية 16 متهماً بالحرق الجنائي والإتلاف العمد في هيكل سيارة وتجمهر وحيازة مولوتوف وهم متهمو منطقة الصالحية، إلى جلسة (19 مارس 2013) للقبض على شاهد الإثبات وتغريمه 50 ديناراً لتخلفه عن حضور الجلسات.
ما طرحته هو غيض من فيض، من جملة قضايا كثيرة نشهدها ونسمع عنها يومياً، يرفض فيها شهود الإثبات والذين أغلبهم، من العناصر الأمنية، المثول أمام القضاء، بل يتعمدون الهروب من ذلك، ويعطلون القضايا، مع الإصرار على إبقاء المتهمين تحت طائلة التوقيف على ذمة القضية.
في الجانب الآخر، هناك جملةٌ من القضايا التي تعتمد على «مصادر سرية» في استدلالاتها وشهاداتها، فلا نستغرب أبداً عندما تحكم المحكمة ببراءة متهم مثلاً من التجمهر «لعدم كفاية الدليل الذي اعتمد على التحريات من مصادر سرية»، كما حدث في قضية براءة متهم من إتلاف كاميرة مراقبة لوزارة الداخلية.
شهود إثبات يرفضون المثول أمام المحكمة، وآخرون يعتمدون في أقوالهم وشهاداتهم على مصادر سرية، لا يمكن الاعتداد بها، وهي حالات تتكرّر كثيراً، ونسمع عنها يومياً، تذكّرنا دائماً بمسرحية للممثل المصري الشهير عادل إمام «شاهد ما شافش حاجة».