بسم الله الرحمن الرحيم
حِزْبُ البَعْثِ العَرَبي الاشْتِرَاكي
القيادة القومية
مكتب الثقافة والإعلام
أُمةٌ عرَبِيةٌ وَاحِدَة ذاتُ رِسالَةٍ خَالِدَة
وحدة حرية اشتراكية
أيها الأحرار في كل مكان
تمر اليوم الذكرى الرابعة لاغتيال قائد شعب العراق ورئيسه والأمين العام لحزبنا سيد شهداء العصر صدام حسين والعراق ما يزال ذبيحاً ينزف دماً غزيراً على يد الاحتلال الأمريكي – الإيراني، والعملاء الذين أتوا محتمين بالدبابات الامريكية والعصابات الايرانية التي سهلت له احتلال العراق وتدميره في أسوأ كارثة حلت بالأمة العربية، تذكرنا بسقوط الخلافة العربية الإسلامية في بغداد على يد المغول عام 1280م، تمر هذه الذكرى والعراق أبوابه مشرعة للصوص (القرن الامريكي) ولقطاع الطرق وعصابات الموت الايرانية والصهيونية والعملاء لينهبوا ثرواته ويبددوا أمواله في سباق مع الزمن، لأنهم يعرفون بأنهم ليسوا سوى عابرين، مما جعل العراق على أيديهم في مقدمة الدول الفاسدة والفاشلة في العالم، في حين تزداد معاناة العراقيين، والعراق يدخل العام الثامن من الغزو الأمريكي الصهيوني الإيراني الهمجي والحاقد نتيجة تدمير الدولة وبُناها كافة وحل مؤسساتها الأمنية والخدمية، فغابت الخدمات وازداد الانهيار الأمني وتسارعت عمليات نهب ثروات العراق سواء من الحكومة أو من الشركات الأجنبية وتفاقمت ظواهر الإفصاح عن الرغبة في تقسيم العراق.
أيها المجاهدون في العراق
ورغم هذه الكوارث والمآسي فإن مقاومتكم الباسلة تزداد قوة واتساعاً بعكس ادعاءات الاحتلال والعملاء، وتتلاحم فصائلها وترتقي إلى مستوى مسؤولية الجهاد والتحرير وتضطر قوات الاحتلال الأمريكية للانسحاب من المدن إلى معسكرات منعزلة واضعة الحكومة العميلة أمام أخطر التحديات الأمنية، كل ذلك يتم بفضل تضحياتكم وإصراركم على حماية وحدة العراق وتصعيد ثورته المسلحة التي خطط وأعد لها البعث ونظامه الوطني ممثلاً بشخص سيد شهداء العصر القائد صدام حسين، الذي فجرها وقادها حتى أسره.
لاشك أن كل إنسان يملك حتى الحد الأدنى من المنطق والموضوعية يدرك بسرعة أن المقاومة المسلحة التي واجهت الاحتلال منذ وصل (أم قصر) والتي استمرت حتى الآن ما كان لها أن تحدث وبهذه القوة الجبارة التي ضمنت استمراريتها حتى الآن لولا الإعداد الجيد لها قبل الغزو، تدريباً على القتال وتخصيصاً وتوفيراً للسلاح بكميات هائلة ومن توزيع ونشر الخبراء من ضباط القوات المسلحة والأجهزة الأمنية للنظام الوطني، ولكوادر الحزب المدربة والمجربة على كل الفصائل البعثية وغير البعثية وقيام هؤلاء الضباط والكوادر بإعداد آلاف العراقيين عسكرياً وأمنياً لمواجهة قوات الاحتلال في إطار تلك الفصائل المقاتلة التي ازداد عددها بعد حصول الغزو بشهور لتمثل كافة الاتجاهات الوطنية العراقية دينية ووطنية وقومية.
يا أبناء أمتنا العربية المجيدة
لقد لعب القائد الخالد الشهيد صدام حسين الدور الحاسم في توفير المستلزمات الأساسية للمقاومة المسلحة وقادها بشجاعة وبسالة أذهلت العالم، الذي وقع ضحية دعاية أمريكا وبريطانيا التي قالت بأن شعب العراق سيستقبل قوات الاحتلال (بالزهور)، لكن الانتشار الفوري للمقاومة في كل العراق واشتراك الآلاف من المقاتلين في الجهاد المقدس، كشف عن حقيقتين أساسيتين : الحقيقة الأولى أن هذه المقاومة لم تحدث بصورة عفوية أو أُعد لها بعد الغزو لأن من المستحيل أن تبدأ بعمليات ضخمة جداً من حيث عدد المشاركين في القتال أو من حيث الخبرة العسكرية التي برزت في المعارك وصدمت قوات الاحتلال إلا إذا كانت معدة سلفاً وبصورة متدرجة ومدروسة بدقة، أما الحقيقة الثانية فهي أن شعب العراق بغالبيته الساحقة مع المقاومة ويوفر لها مستلزمات الاستمرارية والصمود ويقدم لها إسناداً جاداً أمام معاداة أطراف عربية وإقليمية ودولية لها، ورفض أطراف أخرى دعمها مادياً ومعنوياً خوفاً من رد الفعل الأمريكي، ولولا هذا الدعم الكبير لما تواصلت المقاومة حتى الآن رغم أنها تعرضت لأقسى أشكال الاضطهاد وعمليات القتل والإبادة والحرمان. ولا غرابة في هذا فشعبنا العراقي هو شعب جلجامش و حمورابي و نبوخذ نصَر وصلاح الدين الايوبي، شعب الملاحم والبطولات والأبطال، وما صدام حسين إلا نبتة من هذا التراب التليد، سقتها سحائب البعث السخية فنمت وترعرت في احضان هوية الامة وقيمها وتقاليدها الثورية.
لقد كان القائد الخالد الشهيد صدام حسين بعد الغزو يحث كوادر الحزب والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية على الانخراط في أي فصيل مقاتل يتشكل وأصدر أوامره بتشكيل فصائل بعيدة عن التسميات البعثية، وأن يندمج هؤلاء بالآخرين من غير البعثيين لأن الهدف الأسمى هو تحرير العراق، وهو هدف يسمو فوق كل الخلافات السياسية والإيديولوجية، لذلك فإن أحدى أهم مميزات المقاومة العراقية هي أنها قامت أساساً على أكتاف وخبرة ضباط بعثيين من الجيش والأجهزة الأمنية والكوادر الحزبية المدربة. ولذلك فإن من الطبيعي أن يشعر كل بعثي بأن أي نصر يسجله أي فصيل مقاتل بأن لصدام حسين حصة فيه وللبعثيين دور فيه.
أيها الوطنيون الأحرار في العراق والأمة العربية والشعوب الإسلامية
إن الإعداد للمقاومة وتفجيرها وقيادتها ووضع الاحتلال أمام هزيمة محققة ورفض الرئيس الشهيد أي نوع من أنواع المساومة أو الاستسلام للضغوط الأمريكية والصهيونية خصوصاً خلال فترة الحصار، للتنازل عن النهج الوطني داخل العراق وعن الالتزام القومي الثابت خارجه، هما السببان الرئيسيان اللذان وضعا الاحتلال الأمريكي – الإيراني أمام مهمة فاقت في خطورتها أية مهمة أخرى، وهي التخلص من قائد الثورة المسلحة ومهندسها صدام حسين بأية طريقة وبأسرع وقت إذا كان الاحتلال يريد النجاح في تحقيق أهدافه الأصلية وهي تقسيم العراق وإلغاء هويته الوطنية والقومية وتحويل أجزاءه المقسمة إلى قواعد انطلاق للسيطرة على الإقليم بكامله، بالإضافة لنهب ثروات العراق.
إن من المستحيل فهم ما جرى ويجري في العراق والمنطقة دون تذكر خلفيات الصراع الاستراتيجي، فما أن أقدم البعث على تأميم النفط عامي 71 – 1972 وطرد الاحتكارات الأجنبية، وأكمل هذا النهج الاقتصادي التحرري بالتمسك التام بثوابت الأمة وفي مقدمتها تحرير فلسطين وتجذير النهج القومي لثورة 17 – 30 تموز عام 1968، ثم شرع البعث بإعداد الإنسان العراقي ليكون عالماً وخبيراً وصانعاً للحياة العصرية، ما أن حصل ذلك وتحقق على يد البعث بقيادة الشهيد صدام حسين حتى تقرر علناً إسقاط النظام الوطني وصارت إستراتيجية اجتثاث البعث هي الإستراتيجية الأعظم للقوى الدولية المعادية وهي أمريكا وأوساط أوروبية والصهيونية العالمية، وللقوى الإقليمية المعادية لأمتنا وفي مقدمتها الكيان الصهيوني وإيران.
من هنا فإن من يفهم (اجتثاث البعث) على انه خطة تصفية حزب البعث العربي الاشتراكي فقط يقع في خطأ استراتيجي قاتل، لأن منهج البعث القومي التحرري الثابت هو سبب استهدافه وليس تسميته، ونهج البعث قام منذ تشكيل الحزب على الإيمان بالقومية العربية رابطة أساسية للعرب توحدهم في إطارها، ولذلك جعل من الوحدة العربية أهم أهدافه العظمى، الأمر الذي وضع البعث في مواجهة قوى طامعة في أرض العرب وثرواتهم، وهي القوى الاستعمارية الغربية التي وجدت في نهج البعث العربي القومي التحرري خطراً يهدد بأنهاء نهبها لثروات العرب، والصهيونية العالمية التي وجدت في هدف الوحدة العربية تهديداً استراتيجياً مدمراً لكيانها في فلسطين ما دامت الوحدة لا تقوم كاملة إلا بعد تحرير كل أرض عربية، وإيران التي عُرف عن توسعها الإقليمي أنه لا يحصل إلا على حساب الأمة العربية وأرضها ومصالحها.
ولأن صدام حسين رفض أن يساوم ويقايض بقاء الكرسي بقضية فلسطين القضية المركزية للأمة العربية، فقد استهدفته أمريكا والكيان الصهيوني المتحالف معها تحالفاً استراتيجيا، ومن يقرأ مذكرات قادة العدو الصهيوني، نتنياهو مكان تحت الشمس، أو مذكرات شامير أو اسحق رابين وغيرهم يدرك لماذا كان ضرب واستهداف العراق ونظامه الوطني هو المهمة الستراتيجية الاساسية للكيان الصهيوني.
أيها المثقفون العرب
أيها الشرفاء في الأمة العربية والشعوب الإسلامية
أيها الأبطال على ارض الرافدين
إن ماسبق ذكره ربما لم يكن واضحاً للكثيرين لكن غزو العراق واستهداف الدولة والهوية والشعب وليس النظام الوطني فقط أكد أن الاجتثاث هو تحديداً إستراتيجية ضرب الهوية العربية وتدمير مرتكزات القومية العربية انطلاقاً من تصفية الحزب القومي الرئيسي الممثل لها. كما أن مشاركة إيران في غزو العراق ولعبها الدور الأخطر فيه بعد الدور الأمريكي، خصوصاً تصفية ضباط الجيش وطياريه وقيام فرق الموت بقتل عشرات الآلاف من العراقيين وإثارة أخطر ظاهرة في العراق والأقطار العربية وهي الفتنة الطائفية، كل ذلك وغيره أثبت أن إيران الحالية مثل إيران الشاه عضو أصيل ورئيس في معسكر معاداة العرب وأمانيهم ووحدتهم.
إن اغتيال الرئيس الشهيد صدام حسين في إطار ما تقدم لم يكن مجرد اغتيال رئيس، بل كان مقدمة مفترضة للقضاء على المقاومة وللتمكن من تقسيم العراق شعباً وأرضاً وهوية، لكن كما خاب ظن الاحتلال في بدءه فإن اغتيال الشهيد صدام حسين كانت له عواقب معاكسة لما أراده الاحتلال، فقد تعززت المقاومة وازدادت قوة وانتشاراً، رغم محاولات التضييق التي أحاطت بها مؤقتا، ووحدة إرادة شعب العراق تغلبت على محاولات التقسيم وأسقطت مشاريعه، والبعث كحزب جماهيري مقاوم أحبط محاولات السطو على اسمه أو شرذمته وتقسيمه، واكدت السنوات الأخيرة بأنه بقي القوة الوطنية المركزية المقاومة في العراق التي تشكل الضمانة الأساسية ليس فقط لوحدة فصائل المقاومة المختلفة وللقوى الوطنية بل أيضاً لتوفير قوة جذب مركزية تمنع تشرذم القوى الوطنية وقيام الاحتلال بتصفيتها واحدة إثر أخرى، مستغلاً صغر حجم أغلبها وافتقارها للقواعد الجماهيرية المنظمة الممثلة لكافة مكونات شعب العراق.
أيها الرفاق الصامدون داخل العراق
أيها الأماجد أيتها الماجدات الثابتون جميعا على العهد
إن مؤامرة اجتثاث البعث كشرط مسبق ولابد منه لتقسيم العراق دشنت منذ عام 2007 صفحة جديدة منها وهي محاولة شق الحزب، لكن إرادتكم الحرة أحبطت تلك المؤامرة الجديدة وبقي البعث واحداً قوياً متماسكاً، لذلك بدأت صفحة أخرى هذا العام وهي محاولة شيطنة الرئيس الشهيد صدام حسين وهي محاولات قديمة – جديدة ولكنها الآن تُتَخذ تحت غطاء (النقد وتقويم تجربة حكم الحزب) والعمل على نسف كل انجازات ثورة 17 – 30 تموز المجيدة وتخطئة كل خطواتها، لكن هذه الصفحة من المؤامرة الخسيسة كشفت نفسها بنفسها حينما حولت كل مسيرة القائد الشهيد صدام حسين إلى (أخطاء) و (انحرافات) فحكمت على نفسها بأنها صفحة من صفحات عمل المخابرات المعادية للبعث والأمة العربية، وان ما يسمى بـ(نقد) التجربة والقائد ليس سوى محاولة شيطنة للبعث والقائد وتعد جوهر مؤامرة اجتثاث البعث. فحينما يجرد الحزب من انجازاته الوطنية ويصبح مجرد (أخطاء وانحرافات) فإن الاجتثاث يصبح مطلوباً ومبرراً! إن انجازات البعث خلال مسيرة حكم الحزب انجازات تاريخية عظمى لا نظير لها ابتدأت بالتأميم وانتهت بتنظيم أعظم مقاومة في تاريخ البشرية وليس فقط في تاريخ امتنا العربية، ومرت بإزالة الأمية والفقر وإعداد عشرات الآلاف من العلماء والمهندسين والخبراء وتوفير الطب المجاني والتعليم المجاني وبناء جيش عقائدي صان سيادة العراق وهوية أقطار الخليج العربي وشكل العراق البوابة الشرقية لحماية الوطن العربي من الرياح الصفراء التي تنشر (السموم) في كل المنطقة بل وفي جميع أقطار الأمة العربية والشعوب الإسلامية.
لذلك فإن غباء وسذاجة من تستخدمهم مخابرات الاحتلال ومن يتعاون معه أوقعت (أبطال) صفحة شيطنة الشهيد في فخ قاتل وهو فضحهم كجواسيس معادين للبعث والأمة وهويتها ومسيرتها التحررية.
إن القيادة القومية تغتنم هذه المناسبة الأليمة لتؤكد أن الشهيد صدام حسين واحد من أعظم أبطال الأمة وهو رمز كرامة وعزة العرب والمثال على عبقريتهم وإبداعهم، كما انه رمز من رموز الحرية والبطولة في العالم، فتحية لذكرى القائد الشهيد الخالد صدام حسين.
وتحية لرفاق الشهيد المرابطين على أرض العراق البطل وعلى رأسهم الرفيق عزة إبراهيم الأمين العام لحزبنا وقائد الجهاد والمجاهدين الذين أبقوا البعث فارساً مدافعاً عن قضية الأمة وعنوان عبقريتها.
تحية لكل الصامدين والمحافظين على العهد والوعد والصمود في مواجهة الاحتلال وعملائه داخل العراق الواحد والموحد أرضا إنسانا.
والله اكبر، الله اكبر، الله اكبر وليخسأ الخاسئون
القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكيِ
مكتب الثقافة والإعلام
30/12/2010