بقلم: مكي حسن
يستمر التلميح بضرب سوريا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا على الصعيد الدولي كلما مر يوم وذلك عبر حشد اكبر عدد من الدول الأوروبية ومباركة الدول العربية، وعليه باتت الضربة العسكرية لفصم ظهر النظام في سوريا أٌقرب وأقرب، وبات الحشد لضربة قوية افضل من ضربة تأديبية في مفهومهم، كما غدت التصريحات انه في حال عدم وجود دعم دولي للضربة، تستطيع الدولتان أمريكا وفرنسا المضي قدما في مخطط الضربة.
وفي هذا السياق، ظهرت على السطح تساؤلات حول عدة أمور سواء امام اعضاء الكونجرس الامريكي أم على الصعيد الأمم المتحدة أم خلال لقاء دول العشرين أم في اللقاءات الرسمية العربية، نود ان نستعرضها ونسلك الضوء عليها لتتضح مصداقيتها ومدى جديتها، ومنها:
أولا: هل نقبل (بعض اعضاء الكونجرس من الجمهوريين) الموافقة على الضربة العسكرية ضد النظام في سوريا في حال علمنا ان دول خليجية اعلنت أنها (تمول الحملة) ، مما جعلهم يتساءلون: هل الولايات المتحدة (بوليس) لدول العالم؟
ثانيا: لا زالت مسألة حصر التفتيش على موقعين (بالقرب من الغوطة) في الوقت الذي اعلن فيه النظام السوري استعداداته لقبول اللجنة الدولية للتفتيش على 6 مواقع .. أمر محير؟ هذا ما طرحه الناشط الحقوقي هيثم مناع في أحدى اللقاءات معه مؤخرا.
ثالثا: حمل أو نقل السلاح الكيماوي لا يكون في أيدي متمردين أو مجموعة من الثوار بهذه البساطة لأنه سلاح فتاك وخطير، يحتاج الى وسائل خاصة لنقله ووسائل خاصة لتخزينه .. ومتخصصون لاستخدامه .. والسؤال: هل المتمردون قادرون على ذلك؟ مما يرجح كفة النظام في القدرة على ذلك مع وجود تلميحات ان المتمردين حصلوا عليه من تركيا أو من القوات الأمريكية بالأردن، ومن ثم حملوه الى الأراضي السورية، لذا لا يستبعد أن المتمردين ايضا استخدموه.
رابعا: اللجنة الموكل اليها، مهمتها تثبت هل استخدم السلاح الكيماوي أم لا في الغوطتين في 23 أغسطس الماضي، وليس مهمتها تحديد من الجهة التي استخدمت هذا السلاح المحرم دوليا، وهذه مشكلة في حد ذاتها حيث الجهة التي استخدمته تظل مبهمة مما يبعد الحل المطروح عن شرعيته.
خامسا: والمثير في الموضوع، ومما يكشف عن وجود مخطط مسبق الضربة العسكرية هو التصريحات الأمريكية والبريطانية بنتائج التحقيق في الوقت الذي لازالت فيه لحنة التحقيق الدولية في مستهل مهمتها، وهنا يحق القول انه لا تؤخذ الامور هكذا برغبة أو هفوة أو تصريح رئيس دولة كبرى ضد دولة صغيرة حيث العلاقات الدولية ونبراسها في استقلالية الدول والالتزام بميثاق الامم المتحدة أمر ضروري.
سادسا: إذا كان استخدام السلاح الكيماوي هو حجة لإسقاط النظام في سوريا، فانظروا ماذا حل بالعراق بعد اتهام نظام صدام حسين بالعراق بأنه استخدم السلاح الكيماوي، وحصلت الحرب عليه، وتبين لاحقا ان "السلاح الكيماوي" هو "كذبة ملفقة ضد النظام في العراق" ، فماذا جرى للعراق بعدها وحاليا؟
سابعا: موقف دول الخليج محير أيضا حيث أعلن ممثلوها ان وجود النظام السوري واستخدامه للسلاح الكيماوي أمر يهدد أمن دول المنطقة، وبالتالي، فهم مع أي توجه دولي لإٍسقاطه متناسين ان هذا الموقف هو داعم للجهات المتطرفة وبتمويل منهم، وهذه المبالغ التي تدفع هي أموال عربية لقتل اخواننا العرب في سوريا .. اليست هذه كارثة؟
ثامنا: الموقف الروسي والإيراني يصران على ان "بشار الأسد" هو جزء من الحل، والحل السياسي هو الأفضل مقابل التكتل الغربي ان "بشار" هو جزء من المشكلة، وعليه فقصف المطارات العسكرية ومنصات اطلاق الصواريخ يضعف قدرة النظام على قصف المدن والقرى حسبما ذكروه.
تاسعا: انتشر خبر مفاده ان الضربة القادمة على قوات النظام السوري لربما تشجع بعض وحدات الجيش على الانشقاق منوهين الى حصول بعضها مؤخرا، وهذا أمر في السياسة العامة للدول وفي مفاهيم العمل الوطني بقدر أنه غير مستبعد، إلا أنه غير وارد في هذا الظرف لأن العدوان على أي دولة يوحد قطاعات الشعب، فما بالكم بالجيش؟
نختتم بالقول: "مهما تعددت الأسباب والتفسيرات، يظل ضرب القطر العربي السوري أمر مرفوض، وقصف الامريكان الى سوريا يثبت مشروع تفتيت الوطن العربي دولة وراء أخرى، ويحقق نظرية الفوضى الخلاقة سواء عبر إعلام يردد علينا مفاهيم الحرب كل 15 دقيقة وعبر التلميح بقوة عسكرية خارقة، وبالتالي السيطرة على الأمة العربية مقدراتها، وهذا يصب في الملف الإسرائيلي، وهنا لب المشكلة، والى اللقاء في حلقة أخرى.
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.